كشف وزير المواصلات والاتصالات البحريني المهندس كمال بن أحمد محمد في حوار مع "أولاً-الاقتصاد والأعمال" عن حزمة مشاريع في مجال المواصلات والاتصالات من شأنها أن تؤسس لنهضة اقتصادية جديدة في مملكة البحرين بما يعزز موقعها كمركز إقليمي استراتيجي في هذين القطاعين، ويدعم توجه المملكة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمزيد من الشركات ولاسيما المتخصصة في مجال التكنولوجيا.
وأوضح كمال بن أحمد محمد عن التوجه لافتتاح مجمع مستودعات وقود الطائرات يرسّخ مكانة البحرين بما يعزز دور المملكة كمركز إقليمي لخدمات إمداد وقود الطائرات في المنطقة، مشيراً إلى أن مبنى المسافرين الجديد على أهميته، يعدّ جزءاً من حزمة مشاريع تطويرية من بينها قرية الشحن الجديدة التي من شأنها أن تساهم في تحويل قطاعي الخدمات اللوجيستيّة والشحن الجوي إلى صناعتين رئيسيتين في المملكة، والتي تدعم في الوقت نفسه جهود الحكومة لتطوير صناعة النفط والغاز.
وفي السياق نفسه، لفت الوزير البحريني النظر إلى أهمية الخطة الوطنية الخامسة للاتصالات ضمن الرؤية الشاملة للوزارة لتشجع الابتكار والاستثمار في قطاع الاتصالات واستقطاب المزيد من الشركات المتخصصة، والفرص الناتجة عن تطبيق الجيل الخامس. فما هي معالم رؤية الوزارة في مجال المواصلات والاتصالات وكيف تدعم مشاريعها تنفيذ رؤية البحرين الاقتصاديّة 2030؟
المطار الجديد جزء من مشاريع تطويرية تدفع الاقتصاد وتنسجم مع رؤية 2030
ما الأهمية الاستراتيجية التي يشكّلها افتتاح المطار الجديد، سواء لبيئة الأعمال أو القطاع اللوجيستي؟
على الرغم من أن مبنى المسافرين الجديد يشكل أهم مكونات برنامج تحديث مطار البحرين الدولي، إلا أن نطاق هذا البرنامج التنموي يمتد ليشمل مشاريع تطويريّة عدة من شأنها أن تساهم في الارتقاء بالبنية التحتيّة للمطار ومرافقه وخدماته بهدف تحويله إلى قوة دافعة رئيسيّة للاقتصاد الوطني بما يتفق مع أهداف رؤية البحرين الاقتصاديّة 2030.
تحويل قطاعي الخدمات اللوجيستيّة والشحن الجوي إلى صناعتين رئيسيتين
قرية الشحن الجديدة
وفي هذا السياق، تشكل قرية الشحن الجديدة أحد أبرز مشاريع البرنامج المرتقبة، وهي منشأة متطورة مزودة بأحدث النُظم والتجهيزات لتساعد على تحويل قطاعي الخدمات اللوجيستيّة والشحن الجوي إلى صناعتين رئيسيتين في المملكة ورافدين مهمين للاقتصاد الوطني. وتشكّل هذه المنشأة التي يتم تشييدها شمال مدرج المطار جزءاً مهماً من استراتيجيّة وزارة المواصلات والاتصالات الرامية إلى تطوير قطاع الطيران في البلاد، إذ سيعزز هذا المشروع من قدرة المطار على استيعاب أحجام أضخم من الشحنات، وتلبية احتياجات عملاء الشحن السريع بشكل أفضل، بالإضافة إلى خلق العديد من فرص العمل للمواطنين.
ويأتي مشروع قرية الشحن الجديدة في إطار المبادرات الحكومية الطموحة الرامية إلى تطوير قطاع الخدمات اللوجيستيّة في المملكة، والتي انطلقت في العام 2015 عبر مجلس البحرين اللوجيستي برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
البحرين مركز الشحن الأمثل للشركات الراغبة بالدخول إلى أسواق الخليج
وتنفرد مملكة البحرين بموقعها الاستراتيجي المميّز في قلب الخليج العربي، وهو ما يجعلها مركز الشحن الأمثل للشركات الراغبة في دخول أسواق دول الخليج، إذ تتخذ مجموعة من الشركات اللوجيستيّة العالميّة العملاقة من مطار البحرين الدولي مركزاً إقليمياً لعملياتها بالفعل، بما في ذلك دي إتش إل (DHL) وفيديكس إكسبريس، وهو ما يؤكد على المزايا التنافسيّة العديدة التي تتمتع بها المملكة في هذا القطاع.
دور لمبنى المسافرين الجديد في استقطاب الاستثمارات الأجنبية
كيف يساهم افتتاح هذا المرفق المهم في دعم التحول الاقتصادي في البحرين والمساهمة في تحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030؟
يشكّل تدشين مبنى المسافرين الجديد نقلة نوعيّة كبيرة في قطاع النقل الجوي في مملكة البحرين، كما يعدّ خطوة مهمة ورئيسية في مسيرة المملكة الحثيثة نحو تحقيق أهداف التنوع الاقتصادي والاستدامة، وسيساهم المطار الجديد في دعم نمو قطاع الطيران البحريني ونجاحه لعقود قادمة بإذن الله، كما سيساعد على استقطاب الاستثمارات الأجنبيّة إلى المملكة ودفع عجلة النمو الاقتصادي بما يتفق مع أهداف رؤية البحرين الاقتصاديّة 2030.
افتتاح مجمع مستودعات وقود الطائرات يرسّخ مكانة البحرين
كمركز إقليمي لخدمات إمداد وقود الطائرات
مجمّع جديد لمستودعات وقود الطائرات
ومما لا شك فيه أن الموانئ الجويّة تشكّل في حدّ ذاتها قوى دافعة فاعلة لتنويع الأنشطة الاقتصاديّة وتوسيع نطاقها. فعلى سبيل المثال، من المقرر أن يساهم مجمع مستودعات وقود الطائرات الجديد في مطار البحرين الدولي في ترسيخ مكانة المملكة كمركز إقليمي بارز لخدمات إمداد وقود الطائرات، وذلك عند افتتاحه في منتصف العام الحالي.
المجمّع يدعم برنامج الحكومة لتطوير صناعة النفط والغاز
وعلاوة على كونه جزءاً جوهرياً من برنامج تحديث المطار، فإن مجمع مستودعات وقود الطائرات يأتي أيضاً في إطار برنامج عمل الحكومة وجهودها الحثيثة لتطوير قطاع النفط والغاز في المملكة. ويتألف المجمع من مستودعات لوقود الطائرات بسعة 10 آلاف متر مكعب لكل منها، وتبلغ المساحة الإجماليّة للمشروع 77 ألف قدم مربع، هذا بالإضافة إلى المباني المخصصة للتشغيل والإدارة.
ومع استمرار تزايد أعداد شركات الطيران العاملة في مطار البحرين الدولي، فسيكون لمجمع مستودعات الوقود دور حيوي في توفير المزيد من خدمات وقود الطائرات لدعم الأنشطة المتناميّة بالمطار، ويتم حالياً تطوير مجمع مستودعات وقود الطائرات شمال شرقي مطار البحرين الدولي بواسطة شركة مطار البحرين لوقود الطائرات، والتي تمثل مشروعاً مشتركاً بين شركة مطار البحرين والشركة القابضة للنفط والغاز.
قطاع الاتصالات
ما هي رؤية الوزارة لتعزيز البنية التحتية الرقمية في قطاع الاتصالات بما يدعم مشروع التحول الرقمي واستقطاب المزيد من الشركات؟
تتمحور رؤية الوزارة في قطاع الاتصالات على بناء قطاع فعّال قائم على بنية تحتية متطورة بهدف زيادة معدلات الانتاجية ودعم نمو قطاعات اقتصادية جديدة، وتعزيز قدرة المملكة ومواطنيها على تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية وبالأخص أهداف التنمية المستدامة.
تبنت البحرين استراتيجية تنظيمية مرنة وسريعة لتشجع الابتكار والاستثمار في قطاع الاتصالات. وتعدّ البحرين أول دول مجلس التعاون الخليجي تبنت بتحرير القطاع وشجعت المنافسة فيه، ولطالما اعتبرت مملكة البحرين مقراً استراتيجياً لشركات التكنولوجيا لتدشين خدماتها المعتمدة على البيانات في منطقة الخليج، ولاسيما بعد ان أطلقت شركة أمازون لخدمات الإنترنت مركز بيانات ضخماً في المملكة العام الماضي.
شركات تقنية متنوعة
وتضيف سوق البحرين مجموعة من شركات تكنولوجيا المعلومات في مجالات خدمات تكنولوجيا المعلومات، وتوزيع تكنولوجيا المعلومات، واستشارات تكنولوجيا المعلومات، ومطوري البرمجيات ومراكز دعم العملاء، كما جاءت البحرين في المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لجاهزيتها في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهي تقدم خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأكثر تنافسية وذات التكلفة اليسيرة في المنطقة. وتختار شركات تكنولوجيا المعلومات العالمية من البحرين مركزاً لها نظراً الى توافر الكفاءات والقدرة التنافسية للتكاليف وبنية ملكية الشركات وسهولة الوصول إلى أسواق المنطقة كافة.
معالم الخطة الوطنية الخامسة للاتصالات
وتشمل الخطة الوطنية الخامسة للاتصالات، والتي تحدد استراتيجية الحكومة وسياستها العامة بشأن قطاع الاتصالات في المملكة، والأنظمة والتشريعات التي تدعم القطاع للتحول الرقمي والتي من ضمنها اصدار أول قانون لحماية البيانات الشخصية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك بما يتماشى مع اللائحة العامة لحماية البيانات وقانون تزويد خدمات الحوسبة السحابية لأطراف أجنبية، الذي يسمح بخضوع بيانات المشتركين المخزنة في مراكز البيانات في البحرين للولاية الحصرية للمحاكم أو السلطات المختصة في موطن المشترك، أو مكان تأسيسه، أو إنشائه، حيث تلتزم حكومة البحرين بتسريع الانتقال إلى السحابة الوطنية، كما تسعى الى إيجاد التنظيمات التي من شأنها أن تشجع على الابتكار والاستثمار في قطاع الاتصالات الذي يعدّ من القطاعات الواعدة ولاسيما وأن مملكة البحرين هي اليوم من أولى الدول على مستوى العالم التي توفر خدمات الجيل الخامس 5G على نطاق محلي شامل.
تطور قطاع الاتصالات جاء متسقاً مع واقع الجائحة في التعليم والعمل
كيف أثرت الجائحة على مراحل تنفيذ وتطبيق الخطة الوطنية الخامسة للإتصالات؟
لم يتأثر قطاع الاتصالات بسبب جائحة كورونا بل لعب القطاع دوراً رئيسياً حيث ساهم في تسهيل التعليم والعمل عن بعد وفي دعم الأعمال التجارية خلال الجائحة، ويعود هذا الى امتلاك البحرين بنية تحتية وجاهزية تجعلها قادرة على التحول التكنولوجي والبرمجي المطلوب.
وجرى اعتماد الخطة الوطنية الخامسة للاتصالات في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2020 والتي تضمنت التوجهات الجديدة في القطاع وتضمن جاهزية المملكة للثورة الصناعية الرابعة والتطبيقات الجديدة وقدرتها على اغتنام الفرص المتاحة نتيجة للارتباط المتزايد بين قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وجميع قطاعات الاقتصاد الأخرى، وكما تدعم تنمية اقتصاد المملكة الرقمي وقدرتها على مواجهة التحديات التي قد تنشأ عنه.
الشبكة الوطنية للنطاق العريض
كيف تتعاملون مع التحديات لتطبيق بعض التقنيات المتطورة من بينها شبكة الألياف البصرية ذات النطاق العريض؟
تعمل الوزارة على تطبيق الخطة الوطنية الخامسة للاتصالات بشكل فعال مع جميع الجهات المعنية مع ضمان كفاءة انشاء الشبكة الوطنية للنطاق العريض (NBN) والأخذ في الاعتبار الاحتياجات التشغيلية للمشغلين المرخص لهم والمستهلكين وايجاد حلول مناسبة للتحديات الجغرافية التي تؤثر على قطاع الاتصالات في مملكة البحرين وتشجيع استقطاب استثمارات في كابلات اتصالات دولية جديدة تصل إلى مملكة البحرين بالإضافة إلى توفير بيئة محلية مناسبة لتشجيع المشغلين المرخص لهم للاستمرار في الاستثمار في قطاع الاتصالات وتوفير أحدث التقنيات والخدمات، بما في ذلك توفير الموارد اللازمة كالترددات.
فرص واسعة أمام تقنيات بث البيانات وألعاب الفيديو وتوظيف التقنيات
الجيل الخامس والفرص
كيف تقيمون تطبيق خدمات الجيل الخامس، وكيف يساهم ذلك في دعم بيئة الأعمال وتوفير البنية التحتية للشركات؟
تعدّ مملكة البحرين اليوم من بين أوائل الدول على مستوى العالم التي توفر خدمات الجيل الخامس 5G على نطاق محلي واسع، والتي حققت تغطية شاملة لسكان المملكة، وهو ما يأذن بفتح باب واسع من الفرص أمام تقنيات بث البيانات وألعاب الفيديو وتوظيف التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء في إدارة سلسلة التوريد في شتى القطاعات الاقتصادية.
ومن الفوائد الرئيسية لشبكة الجيل الخامس أنها تمكن المستخدمين من نقل كميات هائلة من البيانات بشكل سريع، وهو ما يسمح للتقنيات الحديثة مثل السيارات الذاتية القيادة، التي تتطلب أكثر من 100 جيجابيت من البيانات في الثانية الواحدة لتشغيلها، أن تصبح واقعاً ملموساً، كما إن البحث والتطوير في تقنيات أخرى كالذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً واسعة أمام سوق شبكة الجيل الخامس في البحرين، لتدعم بشكل أكبر التقنيات التفاعلية مثل الواقع الافتراضي الذي يتطلب نطاقاً عريضاً عالي المستوى لإرسال واستقبال أحجام ضخمة من البيانات في وقت استجابة محدود للغاية، كما سيساعد ذلك على تمكين نمو تطبيقات إنترنت الأشياء، وبث مقاطع الفيديو العالية الوضوح والجيل الجديد من ألعاب الفيديو.
نطاقات الطيف الترددي
ومن ضمن الخطوات التي تمّ اتخاذها لإطلاق شبكة الجيل الخامس، وفّرت الوزارة بالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات نطاقات الطيف الترددي المخصصة لاستخدام مشغلي شبكات الاتصالات المتنقلة لإنشاء شبكات الجيل الخامس، ويجري العمل حالياً بإعداد خريطة طريق استراتيجية لضمان استعداد المملكة للمرحلة المقبلة لضمان انتشار خدمات الجيل الخامس.
خطة وطنية شاملة للتعامل مع متطلبات الاقتصاد الرقمي
خطة شاملة للاقتصاد الرقمي
كيف تسعى الوزارة للاستفادة من التقنيات الحديثة كتقنيات الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء وخدمات الاتصال، وكيف يتم ذلك؟
بما يوائم الرؤى الحثيثة لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، نقوم بدورنا في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الاستمرار في العمل على تهيئة البنى التحتية اللازمة والتأكد من وجود البيئة التنظيمية الداعمة للابتكار لاستقبال العصر التكنولوجي الحديث واقتصاد المعرفة، كما تأمل الوزارة أن تتضافر جهود جميع الجهات المعنية لوضع خطة وطنية شاملة تؤمن الاستعداد الكامل للتعامل مع متطلبات الاقتصاد الرقمي وتبني توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الانتاجية والخدمية من خلال وضع الأنظمة اللازمة واستكمال البنى التقنية وتشجيع الاستثمار لضمان الاستفادة من المردود ذلك على الاقتصاد الوطني.