هل تتخلّى المصارف الخليجية عن فروعها؟
هل تتخلّى المصارف الخليجية عن فروعها؟
أﭬايا" تُحدد أهم 6 توجهات تكنولوجية في القطاع المصرفي الخليجي"
- إياد ديراني
أظهرت دراسة نشرتها "أﭬايا" Avaya حول القطاع المصرفي الخليجي عمق التغيّرات التي تسببت بها تحديات العام 2020 وعلى رأسها جائحة كورونا، والحاجة الماسة إلى إعادة النظر في الاستراتيجيات والأولويات، وكشفت عن بدء المصارف بإعادة النظر في دور ووجود الفروع المصرفية، وامكانية استبدالها بالخدمات المصرفية الرقمية خصوصاً في ظل "هجرة" العملاء من عالم المدفوعات النقدية إلى الرقمية.
اللافت للإنتباه في الدراسة التي حملت عنوان "التوجّهات المستقبلية للقطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي"، عدم اقتصارها على دور الفروع وأهمية الحلول الرقمية، إذ إنها فتحت نقاشاً بالغ الأهمية حول خيارات التطوير و"شد الحبال" بين مدرستين مصرفيتين: المدرسة التقليدية التي تعمل وفق أجندة تعزيز المبيعات والمنتجات والأداء ورضا العملاء وسائر مهماتها التقليدية، والمدرسة التي تسعى إلى نقل كامل منظومة العمل المصرفي إلى الوسط الرقمي. وتُظهر الأرقام والمعطيات التي تضمّنتها الدراسة كيف شكلت رحلة التحوّل الرقمي في البنوك الخليجية "قاطرة" الخروج من أزمة العام 2020، خصوصاً أنها أتاحت التعامل مع انعكاسات كورونا بشكل فعّال وحافظت على استدامة الأعمال ونوعية الخدمات لشرائح العملاء كافة.
التحوّل الرقمي الذي انجزته المصارف الخليجية العام 2020
كان سيحتاج إلى 5 أعوام
موسم الهجرة
إلى العالم الرقمي
إلا أنه من المتوقع أيضاً ارتفاع استخدام "القياسات الحيوية" Biometrics في المدفوعات، خصوصاً مع إيلاء الهيئات الناظمة هذا الموضوع الاهتمام اللازم وتحديداً مجالي الأمن الرقمي وخصوصية بيانات العملاء، ويقول 9 من أصل 12 من المدراء المُستطلعين أنه بإمكان البنوك "ترشيد" شبكة الفروع، بمعنى إعادة النظر بدورها وعددها وانتشارها، وقالوا إنهم ينظروا إلى بعض الفروع المصرفية باعتبارها "مصادر تكلفة"، وأنه يمكن استبدالها بالخدمات المصرفية الرقمية، وثمة إقبال لدى المصرفيين على تجربة نماذج الفروع الجديدة Neo Branches، اذ لدى القطاع المصرفي قناعة من أن الفروع المصرفية لن تختفي في المدى المنظور، خصوصاً منها التي تلعب دوراً أساسياً في المحافظة على العلاقات مع العملاء.
لدى المصارف علامات استفهام
حول مدى تمتع شركات الـ Fintech بالمعرفة المصرفية
كذلك ثمة ضرورة لإعادة النظر بالفروع والتحضير لما يمكن تسميته "الفرع المصرفي المستقبلي"، خصوصاً وأنه يوفّر قنوات اتصال فيديوية بين الموظفين والعملاء، ويمكن أن تلعب هذه الخطوة دوراً لتجاوز قصور التطبيقات الرقمية المصرفية، والتي لا تمتلك مؤهلات تنافس التفاعل الإنساني الذي يتم في الفروع المصرفية، أو من خلال الاتصالات الهاتفية. ويقول أحد المدراء المتخصصين في مجال إدارة المخاطر، إنه من الأفضل وصول العملاء إلى الخدمات المصرفية من خلال الانترنت وعبر هواتفهم لا من خلال الفروع المصرفية، وأن هذا الأمر يؤسّس لإطلاق ما يمكن تسميته "فروع مصرفية من دون موظفين".
8 من أصل 12 مديراً شملتهم الدراسة يدعمون الانتقال إلى السحابة
الهاتف الذكي يقلب المعادلات
تضيف "أﭬايا" في تقريرها، أن تحديات العام 2020 سلّطت الأضواء على أهمية توفير الدعم للعملاء من خلال "مراكز الاتصال" Contact Centers عبر مختلف القنوات (10 من أصل 12 مديراً)، ويُجمع المدراء على أهمية تطبيق استراتيجيات قنوات التسويق الموحّدة، بالتزامن مع تطوير مراكز الاتصال، كما أظهر انتشار الوباء حاجة ماسة إلى تسريع تنفيذ مشاريع قنوات التسويق الموحّدة لخدمة العملاء، وحققت البنوك تقدماً في مشاريع تخطيط وتصميم قنوات التسويق الموحّدة لخدمة العملاء Omnichannel حيث تركز الأقسام المصرفية المتخصصة بالابتكار على ما يريده العميل أولاً في مجال قنوات التسويق الموحّدة، كما يُسجّل اهتمام خاص بتوفير الاستثمارات المطلوبة لإطلاق الخطط الاستراتيجية المصرفية في هذا المجال.
نحو 50 إلى 60 في المئة من الموظفين يستطيعون العمل من منازلهم
لكن ثمة قلق يتمحور حول مستوى انتاجيتهم
فرص وتحديات الداتا
فضلا عن ذلك، يساهم تجميع وتحليل البيانات في ابتكار خدمات جديدة، وتحسين تلك الموجودة والمساهمة تالياً بتعزيز المبيعات. وترى "أڤايا" أن توفير المزيد من البيانات Data الصحيحة، ومعالجتها بطريقة مناسبة يساعد فرق عمل الشركة على تطوير الأعمال، كما ترى أن استراتيجية تحليل البيانات في الشركات، تُعزّز مرونة الأعمال في عالم تتسارع تطوّراته بشكل لا يُصدق. لكن يجب أن تكون عملية تحليل البيانات سريعة، تستجيب للتطورات وقابلة للتكيّف وتتمتع بالمرونة، كي تتيح لفرق عمل الشركات اتخاذ القرارات بسرعة.
10 من أصل 12 مديراً يعتقدون أن بعض الفروع المصرفية
يُمكن استبدالها بالخدمات المصرفية الرقمية
العمل الهجين يوفّر المرونة
تقول "أڤايا" أن لدى المصرفيين الذين شملتهم الدراسة الاستقصائية إجماعاً حول أهمية "الاتصالات الموحّدة" Unified Communications، كونها تلعب دوراً أساسياً في نجاح الأعمال، ويقول أحد المصرفيين إن الاتصالات الموحّدة في المستقبل ستكون مُستخدمة ضمن "الاتصالات الافتراضية" Virtual Calls أكثر مما هي مستخدمة في الاجتماعات المباشرة، إلا أنها قد لا تأتي بالنتائج المتوخاة في الاجتماعات الحسّاسة، ومن المتوقع استمرار اعتماد الموظفين والعملاء على حلول الاتصالات الفيديوية مستقبلاً، خصوصاً وأنها أثبتت نجاحها وفعاليتها.
10 من أصل 12 مديراً سيستخدمون "بيانات" Data العملاء لتعزيز "تجربة المستهلك" (CX)
السحابة تنتظر القوانين
وحول الحلول السحابية، تقول "أڤايا" إن ثمة تفاوتاً بطريقة التعامل مع ملفي السحابة والأمن الرقمي لدى المصارف الخليجية، إلا أن هناك إجماعاً على أهمية الاستفادة من السحابة لتحسين العمل المصرفي من جهة، وتطوير تجربة العملاء من جهة أخرى. لكن من الواضح أن لكل مصرف مقاربته في هذا المجال، وتقول إن السحابة ليست هدفاً في حد ذاتها، إذ إنها مجموعة أدوات تسهّل المتطلبات الضرورية لتحقيق تجربة استخدام فعّالة، كما تشكل السحابة منصّة ابتكار لمدّ المصارف بعناصر القوة اللازمة في رحلتها الرقمية، وقال 8 من أصل 12 مديراً شملتهم الدراسة إنهم يدعمون الانتقال إلى السحابة، ويعتبرون ذلك ممراً أساسياً نحو تحقيق المرونة في الأعمال، إلا أن معظمهم يعتبر أن هذا الانتقال يحمل في طياته مخاطر على مستوى الأمن الرقمي.
لن تختفي الفروع المصرفية في المدى المنظور، والأهم بينها سيكون الذي يخدم العلاقات مع العملاء
بعض المدراء اعتبروا أن الانتقال إلى السحابة يشكل أولوية خلال الأشهر الـ 12 إلى الـ 18 المقبلة، كذلك ثمة قناعة أن الحلول السحابية تساعد على جعل الخدمات أسهل بالنسبة الى العملاء، مع العلم أن البنوك لا تسمح باستخدام السحابة في بعض الأقسام المصرفية، بسبب المخاوف الأمنية، واظهرت الدراسة تفضيل المصارف لنموذجي السحابة الخاص والهجين.
وتعتبر المصارف التوجيهات التي تضعها الهيئات المالية الناظمة ركناً أساسياً خلال اتخاذها القرارات المتعلقة بالسحابة. ويقول المصرفيون إنه إذا تمت الموافقة على استخدام السحابة، فإن الحلول التكنولوجية المصرفية التي يتم تطويرها محلياً ستحتل مقعد الأولوية، ويضيفون أن من واجبهم توعية الهيئات المالية الناظمة حول أهمية السحابة، بهدف الحصول على موافقتهم للبدء باستخدامها، في ظل إجماع على أن موافقة الهيئات الناظمة ستشكل صافرة انطلاق قطار السحابة.
"الفينتك" يرفع
مستوى التحديات
وترى "أڤايا" أن ثمة تحديات ظهرت عندما بدأت المصارف بالتعاون مع مزوّدي الحلول التكنولوجية المصرفية، ربما أهمها مدى قدرة الشركات التكنولوجية على تحقيق فهم عميق للمتطلبات المصرفية. فالعمل المصرفي له خصوصياته، ويتطلب تمتع أي مزوّد للحلول التكنولوجية بالمعرفة المصرفية، سواء في مجال الامتثال أو المقاييس المصرفية وكل ما يتعلّق بخصوصيات العمل المصرفي، كالجوانب القانونية والتنظيمية، وتشير إلى أن بعض الشركات التكنولوجية الصغيرة التي تحاول العمل مع المصارف لتطوير الخدمات، تفتقر إلى المعرفة المصرفية الأساسية وهو ما يشكل تحدياً أساسياً، وربما لهذا من واجب المصارف تحديد أولوياتها وأهدافها ومعاييرها، قبل اللجوء إلى خدمات شركات التكنولوجيا المصرفية، وربما تستطيع إجراء تقييم هادئ لبيئة عملها ولشبكة العلاقات التي تربطها بالشركات التكنولوجية أو ما يمكن تسميته "بيئة العمل" Ecosystem الخاصة بها، لكي تعرف مسبقاً، إلى أي مدى تستطيع الشركات تلبية متطلباتها في الوقت ذاته الالتزام بالمعايير المصرفية الدقيقة. ولهذا السبب بالتحديد، قامت "أڤايا" بتشكيل منظومة علاقات أو ما يمكن تسميه "بيئة عمل مدعومة بالذكاء الاصطناعي" AI Ecosystem مع الشركات التكنولوجية الأخرى لتقديم مجموعة من الحلول التكنولوجية المصرفية المتكاملة، والتي تأخذ في الاعتبار خصوصيات العمل المصرفي. ومن خلال نموذج الأعمال الذي أرسته "أڤايا" باتت قادرة على تقديم خدمات تأخذ بفي لاعتبار الامتثال المصرفي والجوانب التنظيمية الأخرى ومراعاة خصوصيات العمل المصرفي وترويج الخدمات التي تمتلك قابلية التشغيل المتبادل أو "البيني" Interoperability، بالإضافة إلى الحلول ذات القيمة المُضافة في مجال الذكاء الاصطناعي وميزة "تعلّم الآلات" Machine Learning.
إقبال لدى المصرفيين على تجربة نماذج الفروع الجديدة Neo Branches
وتختم "أڤايا" بالتشديد على أهمية الاندفاع في تطوير العمل المصرفي الرقمي، لكنها تنبّه إلى أن هذه الجهود لا يجب أن تدعنا ننسى أهمية تطوير الخدمات والمبيعات التي ما زالت تشكل العمود الفقري في العمل المصرفي، والعكس صحيح. الهدف من وراء هذا النوع من المقاربات هو إبقاء العميل في جوهر تفكير القطاع المصرفي، في الوقت الذي تنصرف فيه الإدارة المصرفية إلى إجراء تطوير مواز في خطين: الأول هو الابتكار والخدمات الرقمية، والثاني يتمثل بتطوير الأعمال والخدمات المصرفية التقليدية، وتسعى الأقسام المصرفية التقليدية إلى إنجاز مهماتها وتحقيق تطوير على مستوى المبيعات والأداء والمنتجات، في ما تعمل فرق العمل الرقمية على تطوير كامل مجموعة خدمات المصرف الرقمية، والمعادلة الذهبية في هذا المجال، تكمن في تكامل الجهد المبذول على المسارين التقليدي والرقمي.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال