لبنان: هذه هي تفاصيل سلفة الـ 200 مليون دولار لمؤسسة الكهرباء
لبنان: هذه هي تفاصيل سلفة الـ 200 مليون دولار لمؤسسة الكهرباء
- أحمد عياش
ليست المعلومات التي حصل عليها "أولاً-الاقتصاد والأعمال" من وزير سابق معني بملف الكهرباء سوى غيض من فيض في أخطر ملف يواجهه لبنان.
وفي هذه المعلومات شرح لخلفية قرار مجلس النواب الاخير إعطاء سلفة خزينة بقيمة 200 مليون دولار لمؤسسة كهرباء لبنان، ولولا معطيات مؤكدة لما أقدم رئيس المجلس نبيه بري على إنجاز أخطر قرار يتخذه البرلمان في زمن الانهيار النقدي.
يقول الوزير السابق الذي عاش تجربة مهمة الى جانب الرئيس الراحل رفيق الحريري لـ "أولاً-الاقتصاد والأعمال" إن معلوماته مستقاة من مصادر حكومية ومصرفية . فبناء على سؤال وجهه الرئيس بري بشأن الوصول الى مصدر تمويل السلفة جاءه جواب حاسم من المصرف المركزي، وهو جواب يعلم حيثياته قلائل. وفي اعتقاد هذا المصدر ان معظم النواب الذين وافقوا بالتصويت على هذه السلفة هم من بين الذين يجهلون ما هو الجواب الذي وصل الى رئيس البرلمان.
البداية، كانت بعد اللقاء الذي عقده الرئيس بري مع وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر قبل أسابيع وعرض خلاله الاخير قرب نفاد الوقود لتشغيل معامل الطاقة، ما يعني ان لبنان ذاهب الى العتمة الشاملة. ومن بين الاسئلة التي وجهها الرئيس بري الى الوزير غجر: من أين سنأتي بالتمويل لشراء الفيول وقد صارت الدولة بلا موارد إطلاقاً؟
بالطبع، لم يكن لدى وزير الكهرباء جواب، كما إن الرئيس بري لم يكن ينتظر منه جواب، هو كان فقط يتحدث بصوت عال كي يذهب الى الجهات المعنية وفي مقدمها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
كيف جرت المشاورات بين رئيس البرلمان وبين حاكم المصرف المركزي ليس مهماً، بل المهم، والكلام للوزير السابق هو السؤال الذي طرحه الرئيس بري: "هل لدى الدولة الآن احتياطي من العملات الاجنبية تستطيع ان تتدبر أمورها في صورة استثنائية الآن؟" فجاء جواب الحاكم: "نعم، ولكن هذا المبلغ لا علاقة له بموارد الدولة وإنما يأتي من الاحتياطي الالزامي الذي اودعته المصارف في مصرف لبنان".
السؤال التالي البديهي لا بدّ ان الرئيس بري قد طرحه: كيف يمكن الجواب بـ "نعم" والمال ليس مال الدولة بل المصارف الذي هو في النهاية مال المودعين؟"
هنا أتى الجواب الذي انطوى على مبررات مقنعة كان يتطلع اليها رئيس السلطة الاشتراعية: "نعم انه مال آت من الاحتياطي الالزامي. فمنذ ان صار سعر صرف الدولار بموجب قرارات المركزي 3900 ليرة مقابل الدولار الواحد بموجب التعميم الرقم 151 (ينتهي مفعوله هذا الشهر)، وإضطرار المودعين السحب من ودائعهم بالعملات الاجنبية على أساس هذا السعر، على الرغم ان سعر الصرف الواقعي تخطى عتبة الـ 12 الف ليرة، كل ذلك أدى الى تكوين وفر لدى المركزي هو حالياً قرابة مليار دولار".
من هذه النافذة، خرج قرار سلفة الـ 200 دولار بقرار من مجلس النواب والتي في نهاية المطاف مبلغ لن يسدد كسائر عشرات مليارات الدولارات التي استهلكها القطاع تحت عنوان سلفة ولم تسدد حتى الآن. ويقول الوزير السابق، إن هذا المخرج يندرج مرة أخرى تحت عنوان "الهندسات المالية" التي دأب عليها مصرف لبنان منذ اعوام لتغطية نفقات القطاع العام، وأضاف:" ما قام به مجلس النواب عملياً أزاح عن كتفيّه عبء الظلام الداهم ورماه الى المصرف المركزي". أما الاخير، بحسب المصدر، فقد تصرف على طريقة "مكره أخاك لا بطل"، وإذا لم يفعل كذلك، فسيصبح في مرمى الاتهام بأنه مسؤول عن الظلام على أن ينتقل الغضب الشعبي نحوه مباشرة.
في مقاربة مماثلة، كتب الخبير الاقتصادي مروان اسكندر في "النهار" ان الحاجة الى الاحتياطي الالزامي لدى مصرف لبنان انخفضت من 18 الى 17 مليار دولار (15 في المئة من الودائع بالدولار الأميركي) على شكل احتياطي إلزامي بالعملات الأجنبية، تُضاف الى الأعباء بالعملات الأجنبية التي يفترض أن تكون لدى المصرف المركزي إمكانية تغطيتها (علماً أنّ معدل الاحتياطي الالزامي هو 25 في المئة على الودائع الجارية بالليرة اللبنانية و15 في المئة على الودائع المجمّدة بالليرة اللبنانية)".
ماذا بعد السلفة؟ يجيب الوزير السابق قائلاً: "لقد دخل لبنان مسار خصخصة قطاع الكهرباء من باب المولدات الخاصة، ولو كان لبنان دخل من باب الخصخصة السليمة لكان اليوم معافى من خسائر تجاوزت نحو 60 مليار دولار ولكان في وضع يحقق ارباحاً لا خسائر. في المقابل، ومع هذا الانتشار الهائل للمولدات، ليس هناك من موارد بل تلوث يلحق أفدح الاضرار بالسلامة العامة".
في جلسة إقرار سلفة الكهرباء قال الرئيس بري: "البلد كله في خطر، البلد كله "تايتانيك". هذا الكلام يحكى في الاوساط العالمية. لقد آن الاوان ان نستفيق لأنه في النهاية اذا ما غرقت السفينة لن يبقى أحد وسيغرق البلد، واذا غرق سيغرق الجميع من دون استثناء".
تحذير الرئيس بري، أتى أشد منه في مقال لـ دايفد غاردنر في "فاينانشال تايمز" وما جاء في المقال:" إن لبنان يتّجه نحو الانهيار. لقد فقدت العملة المحلية 90 في المئة من قيمتها، في حين يتم حرمان المودعين بالدولار من حساباتهم من خلال نظام مصرفي مفلس، أقرض 70 في المئة من أصوله إلى دولة مفلسة وبنك مركزي لا يمكنه إعادة الأموال. تقلص الاقتصاد العام الماضي بنسبة 25 في المئة، وفقاً لصندوق النقد الدولي، فيما يعتقد البنك الدولي أنّ 55 في المئة من السكان هم تحت خط الفقر، ومن المرجح أن يكون انكماش هذا العام 10 في المئة على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي، لكن الاقتصاد يتقلص بسرعة كبيرة بحيث لا يمكن معرفته".
إنها "تايتانيك" لبنان التي تغرق فعلاً.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال