توقعت وكالة "إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية" أن يحقق قطاع التمويل الإسلامي البالغ حجمه نحو 2.2 تريليون دولار، نمواً يتراوح ما بين 10 إلى 12 في المئة ما بين العامين 2021/2022، مقارنة بنحو 10.6 في المئة في العام 2020 (باستثناء إيران)، وعزت الوكالة التوقعات بالنمو إلى زيادة إصدارات الصكوك والتعافي الاقتصادي -وإن كان متواضعاً- في أسواق المال الإسلامية الرئيسية. وأشارت الوكالة إلى أن هذا الأداء يعكس نمو أصول الصيرفة الإسلامية في بعض دول الخليج وماليزيا وتركيا وتجاوز الإصدارات الجديدة الصكوك المستحقة.
وأوضحت الوكالة أن قطاع التمويل الإسلامي حقق نمواً سريعاً في العام 2020، وإن كان بوتيرة أبطأ مما كان عليه في العام 2019، وذلك على الرغم من انتشار الجائحة وانخفاض أسعار النفط، مشيرة إلى أن هذا النمو بلغ نحو 17.3 في المئة في العام 2019.
تكامل وتوحيد المواصفات
ولفتت الوكالة النظر إلى أن الاستمرار في تحقيق التكامل والتوحيد في المواصفات، يشكل دافعاً لهذا النمو، وعلى هذا الأساس، أشارت الوكالة إلى الأشهر 12 المقبلة قد تشهد تقدماً في التوصل إلى إطار عمل قانوني وتنظيمي عالمي موحد للتمويل الإسلامي، حيث يعمل مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي وشركاؤه على تطويره.
المزيد من الإصدارات ومن بينها الخضراء
من جهة أخرى، توقعت الوكالة أن تشهد الفترة المقبلة إصدار المزيد من أدوات التمويل الإسلامي والصكوك الخضراء، مشيرة إلى ان ذلك من شأنه أن يساعد في معالجة تداعيات الجائحة ودعم جدول أعمال التحول في مجال الطاقة في البلدان الأساسية للتمويل الإسلامي. ومع ذلك، تتوقع الوكالة أن تظل هذه العمليات بطيئة، بالنظر إلى التعقيدات الإضافية المرتبطة بهذه الأدوات وبطء تنفيذ البلدان الأساسية للتمويل الإسلامي لسياسات إدارة تحول الطاقة.
أساسيات متينة في السعودية
وفي ما يتعلق بأداء بعض الدول الرئيسية على حدة، لفتت الوكالة النظر إلى أنه من المتوقع أن يحافظ نمو التمويل في السعودية على وتيرته القوية، مدعوماً بقروض الرهن العقاري وإقراض الشركات في ظل تنفيذ الدولة بعضاً من مشاريع رؤية 2030، في حين من المتوقع أن تحافظ دولة قطر على هذا النمو بدعم من الاستثمارات المتعلقة ببطولة كأس العالم المقبلة، وإلى حد أقل في الإمارات العربية المتحدة، حيث من المرجح أن يساعد معرض دبي إكسبو في تعزيز النشاط الاقتصادي.
أداء إيجابي للصكوك
أما على صعيد الصكوك، تتوقع وكالة "إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية" أن يتراوح إجمالي إصدارات الصكوك ما بين 140-155 مليار دولار هذا العام. هذا بالمقارنة مع انخفاض إصدارات الصكوك إلى 139.8 مليار دولار أميركي في العام 2020 من 167.3 مليار دولار في العام 2019. وتوقعت الوكالة ارتفاع حجم الإصدارات هذا العام مع استمرار وفرة السيولة وعودة الشركات والحكومات إلى السوق وتجاوز الإصدارات الجديدة الصكوك المستحقة، وارتفاع حجم الإصدارات في الربع الأول من العام 2021 بنحو 1.4 في المئة ونحو 22 في المئة إذا تم استبعاد إعادة إصدار الصكوك (الإصدارات تحت الهياكل القائمة).
مخاطر سلبية
من جهة أخرى، أوضحت الوكالة أنه وعلى الرغم من هذه المعطيات إلا أن هناك مخاطر سلبية، أهمها جائحة كوفيد-19 وما إذا كان سيتم السيطرة عليها، وتعتقد وكالة "إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية" بأن يبقى هناك حالة كبيرة من عدم اليقين، ولو أنها تتراجع بشأن تطور جائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية، ويتزايد إنتاج اللقاحات وتتسارع وتيرة توزيعها في جميع أنحاء العالم، وستساعد عمليات التطعيم على نطاق واسع في تمهيد الطريق لعودة الحياة الاجتماعية والنشاط الاقتصادي إلى مستوياتهما الطبيعية، وهو على ما يبدو بأنه هدف يمكن تحقيقه في معظم الدول المتقدمة في حلول نهاية الربع الثالث من هذا العام، أما بعض الأسواق الناشئة فقد لا تتمكن من تنفيذ حملات تطعيم واسعة النطاق قبل نهاية العام أو حتى أبعد من ذلك. نستخدم هذه الفرضيات حول توقيت التطعيم لتقييم التداعيات الاقتصادية والائتمانية الناجمة عن الجائحة.
تخلف عن السداد
ورأت الوكالة أن بعض الشركات ستعاني من البيئة الاقتصادية الحالية، ومع ذلك، فإن هذه المخاطر لم تتحقق بالكامل في الميزانيات العمومية للبنوك بسبب التحمل التنظيمي وتدابير دعم السيولة المطبقة في العديد من البلدان.
وأضافت أن تمديد هذه الإجراءات في معظم البلدان أدى إلى المزيد من التأخير في تحقق مخاطر الائتمان، لافتة النظر إلى أن ذلك أدى على الأرجح إلى تأخير حدوث زيادة في معدلات التخلف عن السداد بين الشركات وربما مصدري الصكوك خلال 12 شهراً المقبلة، ولاسيما تلك ذات الجودة الائتمانية المنخفضة أو خطط الأعمال التي تعتمد على الاقتصادات الداعمة وظروف السوق. نرى ضغوطاً على مطوري العقارات، نظراً الى انخفاض أسعار العقارات في دول الخليج ومخاطر البناء في قطاع العقارات التجارية. وبالمثل، فإن الشركات ذات الصلة بالطيران والسياحة والسفر والضيافة - القطاعات التي تضررت بشدة بسبب جائحة كوفيد-19 - ستستغرق فصولاً عدة للعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة.
وعلى هذا الأساس تتوقع الوكالة أن يشهد العام الحالي مزيداً من طلبات التمديد أو إعادة الهيكلة بين مُصدري الصكوك، إلى جانب ارتفاع معدلات التخلف عن السداد.
دور التكنولوجيا المالية
وقالت الوكالة إن الجائحة أظهرت مدى أهمية قدرة الشركات أو البنوك على اعتماد العمل عن بعد أو اعتماد الخدمات الرقمية للاستمرار في أعمالها. بالنسبة الى البنوك الإسلامية والصكوك فإن زيادة التعاون مع التكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا المالية يمكن أن تعزز المرونة لديهم في بيئات أكثر تقلباً وتفتح آفاقاً جديدة للنمو. القطاع متواجد هنا بشكل جزئي، وتحتل التكنولوجيا الرقمية الآن مكاناً بارزاً بين أولويات صانعي القرار، وسيكون الحصول على الخدمات المصرفية رقمياً، وإصدار الصكوك على منصة رقمية باستخدام تقنية البلوكشين، وتعزيز الأمن الإلكتروني والعوامل الرئيسية الثلاثة التي ستساعد على تكيف القطاع.
أحد الشروط الأساسية لقدرة التكنولوجيا المالية على إثراء قطاع التمويل الإسلامي هو توفير بنية تحتية كافية وإجراء الرقابة الضرورية ووضع الإطار التنظيمي، هذا ما دفع العديد من الجهات التنظيمية والجهات المعنية في منطقة الخليج وغيرها إلى إطلاق حاضنات أو مختبرات تنظيمية محددة (ساندبوكس) حيث يمكن لشركات التكنولوجيا المالية اختبار ابتكاراتها.