كيف سيؤثر قرار تخفيض كبريت السفن على التكرير؟
كيف سيؤثر قرار تخفيض كبريت السفن على التكرير؟
- حنين سلّوم
لتطبيق بنود قرار المنظمة البحرية الدولية الذي ينص على تخفيض الانبعاثات الكبريتية للسفن، أمام شركات الشحن البحري خيارات عدة سبق عرضناها في مقال سابق تحت عنوان: "ما هي خيارات تطبيق قرار تخفيض الانبعاثات الكبريتية للسفن؟" . لكن ما هي تداعيات هذا القرار على القطاع النفطي على تنّوع فروعه؟
سيناريوهات مفترضة
إن الحديث عن تأثيرات هذا القرار على قطاع النفط ينطلق من ثلاثة سيناريوهات، الأول يستند إلى اختيار الشركات لزيت الغاز البحري (MGO) بمحتوى كبريتي دون 0.1 في المئة أو الوقود منخفض الكبريت (LSFO). وفي الحالتين، سيرتفع الطلب على نواتج التقطير (distillates)، ذلك أن زيت الغاز البحري يتكوّن فقط من نواتج التقطير (pure distillate) والوقود منخفض الكبريت (LSFO) ليس سوى مزيج من السوائل الثقيلة (residuals) ونواتج التقطير.
وهنا تجد المصافي نفسها أمام تحد يتمثّل في تأمين معروض نواتج التقطير المطلوب وذلك على صعيدين، الأوّل متعلّق بطبيعة النفط الخام الذي تستخرجه، وما إذا كان نفط كبريتي (sour) أو لا كبريتي (sweet) وبالكثافة النوعيّة، بحسب معهد النفط الأميركي (API Gravity)، والثاني بطبيعة المصفاة وما إذا كانت بخط تكرير واحد (simple refinery) أو ذات خطوط تكرير متعدّدة (complex refinery).
تكرير النفط الخام ومعالجة السوائل الثقيلة (residuals)
لكن هذا السيناريو مثالي ومن غير المتوقّع أن تتوجّه جميع شركات الشحن إلى استخدام زيت الغاز البحري أو الوقود منخفض الكبريت.
لذلك يبقى السيناريو الأقرب إلى الواقع هو انتقال بعص السفن إلى الخيار المذكور أعلاه بينما تقوم الأخرى بتركيب أجهزة غسل الغاز (scrubbers) وتبقي على استخدام الوقود عالي الكبريت (HSFO) وهو ما بدأ يحصل بالفعل. وبموجب هذا السيناريو، من المتوقّع أن تتدنّى أسعار الوقود عالي الكبريت لكن ليس كما هو متوقّع وفقاً للسيناريو الأول وذلك بما أنّ الطلب عليه تدنّى بنسبة أقل.
وفي السيناريو الثالث والأخير، نضيف إلى ما سبق احتماليّة أن تستخدم السفن الغاز الطبيعي المسال. وفي هذا السياق، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) من المرجّح أن يكون استخدام الغاز الطبيعي المسال محدوداً خلال العام 2020 وفي السنوات الخمس المقبلة وذلك بسبب التكاليف الرأسماليّة الأساسيّة المرتفعة ولعدم توافر البنية التحتيّة المطلوبة في جميع الموانئ.
أدنوك: السباقة في اختبار الوقود الحيوي
وفقاً لأحد تقارير وكالة أنباء الإمارات منذ أيام، فقد استطاعت أدنوك للإمداد والخدمات، الشركة البحرية التابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية، أن تتحوّل إلى الوقود منخفض الكبريت في أسطولها المشكّل من 28 سفينة وذلك منذ شهر نوفمبر من العام الماضي. وهي تدرس خيارات أخرى مثل الغاز الطبيعي المسال (LNG)، وغاز البترول المسال (LPG).
لم تكتف الشركة بالامتثال إلى القرار المعروف IMO2020 بل أخذت خطوة سبّاقة فهي تقوم باختبار الوقود الحيوي المخلوط (blended biofuel) وتبحث تغييرات مقترحة لتصاميم السفن والمحركات وذلك لخفض استهلاك الوقود في الأعوام المقبلة وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الشحن الدولي في الفترة ما بين 2030 و2050 وذلك تماشياً مع أهداف المنظمة البحرية الدولية المستقبلية.
فرصةً لميناء الفجيرة
ميناء الفجيرة، ثاني أكبر ميناء لتزويد السفن بالوقود بعد سنغافورة وذات موقع استراتيجي فهو يربط خطوط التجارة الأساسية بين آسيا وأوروبا كما يشكّل واحداً من المحاور الأكثر ازدحاماً في العالم. وفقاً لتقرير الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات، سيتأثر الميناء ايجابيًّا بقرار المنظمة البحرية الدوليّة وقد تزيد حصّته السوقيّة. ذلك لأنّ الميناء مجهّز بواحدة من أكثر تقنيّات خلط الوقود المتطورة التي تخوّله تلبية الطلب المتزايد على الوقود منخفض الكبريت فضلاً عن إجراء المسؤولين عدّة تعديلات في البنية التحتيّة تماشيًا مع تطبيق القرار الجديد.
أين مصافي الشرق الأوسط من هذا القرار؟
وفقاً لتقرير ورد على Arabian Industry، على الرغم من أنّ بعض مصافي العالم العربي ليس حديثاً (ذا خطوط تكرير متعدّدة) ولا يمتلك قدرة عالية على إزالة الكبريت وقد تتأثّر هوامشه سلبيًّا إلّا أنّه في المقابل هناك عدد كبير من المصافي في المنطقة حديث ومن المرجح أن ترتفع هوامشه نتيجة تطبيق هذا القرار.
لماذا زيت الغاز البحري مفضّل؟
قد تفضّل السفن استخدام زيت الغاز البحري على الوقود منخفض الكبريت، علماً أنّ الأخير أقل تكلفة، لأنّ الوقود منخفض الكبريت هو مزيج من السوائل الثقيلة (residuals) ونواتج التقطير وقد يختلف من مصفاة إلى أخرى أي أن السفن قد تواجه خطر عدم إيجاد المزيج نفسه في مرافئ مختلفة أو أن يؤدّي المزيج إلى تلف المحرّك. بينما زيت الغاز البحري مكرّر وفقاً لمواصفات عالميّة محدّدة وهو موجود في مختلف المرافئ وتمّ اختباره على المحرّكات.
ماذا عن فائض الوقود عالي الكبريت؟
صحيح أنّ الوقود عالي الكبريت منتج ثانوي (by-product) لتكرير الوقود إلّا أنّه لن يذهب هدراً فمن الممكن استخدامه بدلاً من الفحم لتوليد الطاقة في البلدان الناشئة، نظراً لاحتوائه على 50 في المئة طاقة أكثر مقارنةً بالفحم وينبعث منه نسبة أقل من ثاني أكسيد الكربون.
لا شك أنّ تطبيق قرار المنظمة البحرية الدولية سيحدث تحوّل في أساسيّات سوق النفط العالمية مع ازدياد الطلب على الوقود منخفض الكبريت (sweet) ما سيؤدّي إلى اتساع فارق السعر بين الوقود منخفض الكبريت والوقود عالي الكبريت (sour)، والذي يتوقع أن تصل إلى مستويات غير مسبوقة. لكنّ في المقابل، من الصعب تحديد هذه المستويات لارتباطها بقرار شركات الشحن الذي يصعب تحديده نظراً لوجود خيارات عدة قد تحمل نتائج مختلفة.
مؤسسات
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال