هل يعرقل الصراع التكنولوجي العالمي التعافي الاقتصادي؟
هل يعرقل الصراع التكنولوجي العالمي التعافي الاقتصادي؟
- إياد ديراني
صراع أشباه الموصلات
أبرز مثال على الخلافات الدولية التي تلقي بظلالها على قطاع التكنولوجيا هو النقص الحاصل في أشباه الموصلات التي تدخل في صناعة جوهر مكونات الأجهزة والمعدات التكنولوجية وخصوصاً منها معدات الجيل الخامس من شبكات الاتصالات النقالة، ويضيف التقرير أن الخلافات في مجال أشباه الموصلات تعدّ مثالاً نموذجياً على ما تتعرض له الأعمال التجارية، حيث تحوّلت هذه المشكلة إلى أزمة عالمية، ولاسيما في ظل التوقعات التي تشير إلى أن أزمة أشباه الموصلات قد تستمر حتى الربع الثاني من العام 2022.
وتُعزى أزمة أشباه الموصلات بشكل جزئي إلى الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في قطاع تقنية المعلومات.
وأشارت جمعية أشباه الموصلات SEMI إلى أن لوائح الرقابة على الصادرات الأميركية "تقوّض" مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة من خلال الإضرار بصناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة وسلسلة التوريد العالمية لأشباه الموصلات.
هل هي قضية أمن قومي؟
تعتبر قضية هواوي واحدة من أهم الأمثلة على الخلافات التي تنعكس نتائجها على عالم الأعمال ومستقبل الابتكار لصالح البشرية. فما زالت الشركة مدرجة في قائمة الكيانات المحظورة التي أصدرتها الولايات المتحدة تحت ذريعة حماية الأمن القومي. وفي الوقت الذي صدرت فيه القائمة، نقلت بلومبيرغ عن ويليام بار، المدعي العام الأميركي قوله إن بعض الشركات الأميركية لم يقم بما يكفي للمحافظة على التفوق التكنولوجي الأميركي، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة اتخذت موقفها من الشركات الصينية مثل هواوي بدوافع سياسية بشكل أساسي، وأن الأمر لا يرتبط فعلياً بالأمن السيبراني، بل يندرج عملياً في إطار حفاظ الولايات المتحدة الاميركية على هيمنتها على التكنولوجيا والابتكارات خصوصاً بعد أن ازاحتها الصين من واجهة الريادة في عدد براءات الاختراع خلال العام الماضي والحالي.
الأزمة تضرب
مناخ الأعمال؟
أقرّ العديد من الشركات مثل سامسونج بأن النقص في الرقائق الإلكترونية يضرّ بمستقبل إنتاج أجهزة التلفزيون وغيرها من الأجهزة. أما في قطاع السيارات، فقد أدى نقص الرقائق إلى إغلاق شركات فورد وفولسفاغن وجاغوار لاند روفر خطوط إنتاج في مصانعها وتسريح العديد من العمال وخفض إنتاجها من السيارات.
ولا يقتصر أثر المشكلة على الشركات الخاصة أو على دول معينة فحسب، بل يمكن أن تضرّ السياسات التجارية العدائية بالمصالح القومية والشركات في الدول الغربية. فعندما منعت الولايات المتحدة شركة هواوي من الاعتماد على أنظمة "غوغل" في هواتفها المحمولة - على سبيل المثال - قالت الشركة الأميركية إن تحويل نظام "أندرويد" إلى نسخة "هجينة" Hybrid سيعرّض نظام التشغيل لخطر الاختراق، وهو ما كانت الولايات المتحدة تحاول منعه من خلال فرض العقوبات على هواوي، كما عارضت شركة "إريكسون" السويدية الحظر الغربي المفروض على تقنية الجيل الخامس التي توفرها هواوي رغم ان هواوي تعتبر منافسها الأول.
وحتى هذه اللحظة، يبدو أن السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة لم تثمر في كبح جماح تكنولوجيا الصين والحدّ من ازدهار الشركات الصينية وريادتها عالمياً. وفي قطاع أشباه الموصلات بالتحديد، أشارت التقارير إلى توجّه الصين إلى تطوير بدائل لتقنية الرقائق الإلكترونية الأميركية بعد الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة. وأعلنت شركة هواوي عن خطط لبناء مصنع لإنتاج الرقائق في شانغهاي يلغي الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية، ما يسهم في تعزيز قدرات شركة HiSilicon التابعة لهواوي.
وتعتبر الصين موطناً للعديد من الشركات الناشئة - ولاسيما الشركات التقنية - التي تمكنت من تحقيق عائدات وصلت إلى مليار دولار في وقت قصير على المستوى العالمي. أما هواوي، فلم يمنعها الحظر الأميركي من زيادة استثماراتها في نشاطات البحث والتطوير R&D على مدار العام الماضي أو تنويع مصادر دخلها ومنتجاتها ودخول مجالات جديدة كـالسيارات الكهربائية أو إطلاق نظام التشغيل HarmonyOS الذي يستهدف عالم انترنت الأشياء وليس الهواتف النقالة فحسب، كما عززت الخدمات التي توفرها شركة Huawei Cloud، مما ساهم في بروز مكانتها لتصبح واحدة من أكبر الشركات نمواً على المستوى العالمي في عالم السحابة الالكترونية ومراكز البيانات.
ستسهم التقنيات الحديثة التي يتم إنتاجها في الشرق والغرب في دفع عجلة التحول التقني في الشرق الأوسط. وهنا تبرز أهمية التعاون المفتوح في تنفيذ مشاريع البنية التحتية الرقمية بشكل كبير والاستفادة القصوى من التقنيات الحديثة بغض النظر عن جنسيتها وبعيداً عن المعتركات الجيوسياسية، فمن دون نظام إيكولوجي مفتوح وتعاون القطاعين العام والخاص لتعزيز الابتكار التقني، قد تعاني المؤسسات في منطقتنا من نقص التقنيات الحديثة مما يحدّ من الفوائد التي يمكن أن تجنيها البلاد من الاستثمار في البنية التحتية الرقمية والتقنيات الحديثة ويعيق مسار التطور الاجتماعي والاقتصادي المنشود.
الأكثر قراءة
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال
-
صندوق النقد الدولي يحذر من النمو المتسارع للديون العالمية: لإجراءات عاجلة تكبح نموها
-
"بيورهيلث القابضة" الإماراتية تسجل صافي أرباح بقيمة 1.4 مليار درهم في 9 أشهر