الطلب على الخدمات الرقمية يغيّر عالم المدفوعات

  • 2021-10-22
  • 10:15

الطلب على الخدمات الرقمية يغيّر عالم المدفوعات

  • محمد علي يوسف*

يُجمع كثيرون على أن تهالك وضعف البنية التحتية لحلول الدفع وتطبيق لوائح تنظيمية قديمة قد أدّت إلى إعاقة جهود بناء وتطوير أسواقٍ إلكترونية مُتماسكة على مستوى العالم. في المُقابل، يميل المواطنون والمقيمون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان للاعتقاد بصورة متزايدة بأنهم يشكّلون جزءاً من الاقتصاد الرقمي العالمي. ولا شك بأن السمات المتنوعة لقطاع التجارة الإلكترونية سترسم ملامح جديدة لأوجه التكامل الدولي على مستوى هذا القطاع.

ينطوي ذلك على تأثير عميق يمتد إلى التوقعات الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة، لأن المستهلكين يطلبون المزيد من الخدمات الرقمية، وتسعى الحكومات لمواصلة تطوير اقتصاداتها. وتُظهر دراسة جديدة أجرتها شركة حلول الدفع الرائدة Checkout.com بأن واحداً من كل أربعة مُستهلكين تقريباً، في دولٍ مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، يعتقد أن العامل الحاسم لتحقيق أهداف التحول الاقتصادي الوطني يتمثل في ترسيخ "الارتباط بالتوجهات العالمية"، خصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، وكذلك على مستوى قوانين تنظيم الأعمال.

وفي أنظار الكثيرين، تمثل أنشطة التجارة عاملاً حيوياً لترسيخ الارتباط بالتوجهات الاقتصادية الدولية عموماً، حيث تظهر الدراسة الجديدة أن دول مجلس التعاون الخليجي وحدها شهدت زيادة بنسبة 214 في المئة على مستوى المبيعات الإلكترونية العابرة للحدود على أساس سنوي حتى منتصف العام 2020. ويعتقد نحو ثلث المستهلكين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان أن تجارب التسوق عبر الحدود شكّلت السبب الرئيسي لتنامي أنشطة التسوّق الإلكتروني، إذ ارتفعت على اثر ذلك قيمة التحويلات المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 56 مليار دولار بحلول نهاية العام 2020، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن البنك الدولي، ومن المتوقع في ضوء ذلك ظهور عوامل جديدة من شأنها تعميق الارتباط بالتوجهات الاقتصادية الدولية، وتعزيز العلاقات الاقتصادية عالمياً، وبخاصة بالتزامن مع استضافة المنطقة لفعاليات دولية كُبرى عدة، مثل إكسبو 2020 دبي، ونهائيات كأس العالم لكرة القدم (فيفا 2022) في قطر.

دعم حلول الدفع المحلية

يتوقع لملامح هذا التحوّل النوعي أن تتبلور عبر تطوّر منظومة متكاملة للتكنولوجيا المالية والتجارة الرقمية. وتتولى مجموعة من شركات التكنولوجيا المالية المُبتكرة حالياً قيادة مسيرة تطوير الاقتصاد في المنطقة، وبخاصة على صعيد المدفوعات الرقمية، ويتزامن ذلك مع انتشارٍ مُتزايد لحلول المدفوعات الرقمية، ومنها التطبيقات والمحافظ الإلكترونية، وخيارات "الشراء فوراً والدفع لاحقاً"(BNPL).

ولنأخذ سوق خدمات "الشراء فوراً والدفع لاحقاً" (BNPL) كمثال مُحدد حول مدى نُضج قطاع التكنولوجيا المالية في المنطقة؛ إذ تُعتبر شركة تمارا أول شركة سعودية مُختصة بالمدفوعات والتكنولوجيا المالية يتم تسجيلها في برنامج البيئة التجريبية التنظيمية للتكنولوجيا المالية التابع للبنك المركزي السعودي، وذلك بهدف دعم شركات التكنولوجيا المالية والشركات الناشئة. ونجحت تمارا في ترسيخ مكانتها بصورة سريعة كشركة ناشئة رائدة في السوق، وسرعان ما استطاعت بناء شبكة انضم إليها أكثر من 1000 تاجر من شتّى أنحاء المنطقة. وأعلنت تمارا خلال وقتٍ سابق من العام الجاري عن إغلاق جولة تمويلية بقيمة 110 ملايين دولار أميركي بقيادة شركة Checkout.com.

ويلعب القطاع الخاص دوراً محورياً في تعزيز البنية التحتية الأساسية لحلول المدفوعات، والتي تحظى بأهمية كُبرى لضمان ازدهار أعمال وشركات الحلول الرقمية. وهذا بالضبط ما تسعى الى تحقيقه شركة Checkout.com، التي تأسست العام 2012 كمزود عالمي لحلول الدفع، ويعمل لديها حالياً فريق يضم 1500 موظف في 19 مكتباً حول العالم في مُدن مثل دبي والرياض وكراتشي.

والتزمت Checkout.com منذ اليوم لتأسيسها بدعم شركات المنطقة، انطلاقاً من إيماننا بالإمكانات الهائلة لتلك الشركات التي حرصنا على منحها إمكانية الوصول لأفضل حلول المدفوعات الرقمية اللازمة لتعزيز مسيرة ازدهارها.

ونجحت Checkout.com في مُعالجة أكثر من 400 مليون مُعاملة للتجارة الإلكترونية في المنطقة منذ العام 2019، كما التزمت بتقديم جميع الخدمات المُرتبطة ببطاقات الائتمان والخصم، والمحافظ الرقمية، مثل خدمتي الدفع Apple Pay وGoogle Pay، وكذلك طرق الدفع المحلية المعروفة، بما فيها "فوري" (Fawry)، ومدى، وكي نت (Knet)، وكيو باي (QPay) وغيرها. وساعدنا ذلك على كسب ثقة شركات عديدة، منها شبكة (OSN) ومجموعة الشايع وكريم وتجوّل وغيرها من الشركات التي التزمنا بدعمها وتزويدها بأفضل حلول المدفوعات، بالإضافة إلى مساعدتها على تحقيق المزيد من النمو.

تحوّل قطاع الخدمات المالية

تُدرك الحكومات جيداً اليوم بأن رقمنة الاقتصادات وتعزيز منظومات الدفع الرقمي سيلعبان دوراً رئيسياً في تحقيق أهداف التحول الاقتصادي، ولاسيما وأن ذلك يترافق مع تدفق المزيد من التمويل المُرتبط بقطاع التكنولوجيا المالية في المنطقة. ويحرص المعنيون في القطاع على إزالة أية حواجز وعقبات تنظيمية كانت تُعيق خلال السنوات السابقة إحراز أي تقدم ملموس، وتتفهّم الجهات التنظيمية، ومنها مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي ومؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، مدى أهمية دورها كمُحفزّ وداعمٍ للابتكار؛ حيث اتخذت هذه الجهات خطوات مهمة للنهوض بالقطاع المالي الإقليمي عبر إعداد لوائح تنظيمية داعمة لقطاع التكنولوجيا المالية، إضافة الى إطلاق برامج البيئة التجريبية التنظيمية وبرامج المُسرعات الموجهة للقطاع.

ومن المتوقع في ضوء هذه المُستجدات ارتفاع معدل عمليات الرقمنة بوتيرة متسارعة خلال الفترة المقبلة، ما سيضمن توليد قيمة حقيقية للمستهلكين والشركات على حدٍ سواء. وتُظهر المعطيات بأن زيادة إمكانية الوصول للخدمات المالية، بما يشمل تقديم خدمات مصرفية عبر الأجهزة المحمولة للأفراد غير المُتعاملين مع البنوك، سيضمن تسجيل زيادة كبيرة في الدخل الفردي والناتج الاقتصادي الوطني. في ضوء ذلك، قد يكون من غير المُستغرب أن 36 في المئة من المستهلكين الإماراتيين، و45 في المئة (السعودية)، و48 في المئة (الأردن) يعتقدون بأن زيادة رقمنة اقتصادات بلدانهم واكتساب المزيد من المهارات الرقمية سيلعب دوراً محورياً في تحقيق خطط التحول الاقتصادي لبُلدانهم.

ورغم وجود تحديات كثيرة تُعيق الاستفادة بشكلٍ كامل من إمكانات قطاع التجارة الرقمية في المنطقة، نعتقد بأن الفرصة مُتاحة أكثر من أي وقتٍ مضى حالياً لرسم ملامح جديدة للتكامل الإقليمي والعالمي الذي لطالما كان غائباً عن مشهد التجارة الإلكترونية.

لتنزيل التقرير: https://bit.ly/3FG54CR 

* المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان في شركة Checkout.co