موازنة السعودية للعام 2022: الاستدامة المالية والنمو الى 7.4%
موازنة السعودية للعام 2022: الاستدامة المالية والنمو الى 7.4%
- وليد صافي
أقرّت المملكة العربية السعودية الاحد الفائت موازنة العام 2022، حيث بلغ حجم الايرادات المتوقعة 1045 مليار ريال سعودي، والنفقات 955 مليار ريال، الامر الذي يحقق فائضاً بقيمة 90 مليار ريال، وذلك للمرة الاولى منذ العام 2013، وتوقعت الموازنة نمو الاقتصاد السعودي في العام 2022 الى حدود 7.4 المئة، مقابل توقعات صندوق النقد بنسبة 4.8 في المئة، وموديز بنسبة 5 في المئة مقارنة مع نسبة نمو 2.9 في المئة في العام 2021.
إقرأ:
وزير المالية السعودي: الميزانية الجديدة تؤكد حرص الحكومة على المضي قدماً نحو تعزيز النمو الاقتصادي بعد الجائحة
أظهرت الموازنة توجهاً يهدف إلى الحفاظ على مستوى الدين العام عند عتبة الـ 938 مليار ريال التي سجلت في نهاية السنة المالية 2021، وذلك سنداً لسياسة الاستدامة المالية التي تهدف ايضاً الى الاستمرار في تخفيض نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الذي بلغ هذا العام نسبة 29.2 في المئة، ومن المتوقع ألا يتجاوز في العام المقبل نسبة 25.9 في المئة، وان ينخفض في السنة المالية 2024 الى حدود 25.4 في المئة.
وتجدر الاشارة الى أن المملكة العربية السعودية تسجل ادنى نسبة دين الى الناتج المحلي بين مجموعة العشرين، حيث بلغت في اليابان نسبة 257 في المئة وتليها الولايات المتحدة الاميركية 137 في المئة والمانيا 73 في المئة والصين 69 في المئة، الامر الذي يعطي السعودية موقعاً مميزاً في هذه المجموعة، ولاسيما اذا استمر تحقيق الفوائض في موازنات الاعوام المقبلة، إذ إن الفائض المتوقع العام 2024 يصل الى حدود 42 مليار ريال.
في المقابل اظهرت المؤشرات في نهاية العام 2021، نجاحاً كبيراً في تحقيق تقدم النمو في الايرادات غير النفطية، والتي بلغت 372 مليار ريال، مما يدفع الى التفاؤل الكبير بتحقيق أحد اهداف رؤية 2030، المتعلقة بتنويع الاقتصاد السعودي، وتمكين القطاع الخاص من بلوغ نسبة 60 في المئة من الناتج المحلي. اللافت للانتباه ايضاً في هذه الموازنة، التركيز على الانفاق ذي الطابع الاجتماعي في الصحة والتربية، حيث بلغت مخصصات قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية 138 مليار ريال، وحصة التعليم 185 مليار، الامر الذي يعزز من فرص تحقيق اهداف التنمية المستدامة ويحسن من جودة الحياة في المملكة، وبالتالي يعزز من قدرات الموارد البشرية فيها.
ويمكن وصف موازنة المملكة للعام 2022، بأنها موازنة الاداء التي قامت على توزيع النفقات على تسعة قطاعات، مبنية على السياسات الواضحة الاهداف في المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتربوية والامنية، كما قامت هذه الموازنة على طريقة تقدير حجم الايرادات والنفقات المبنية على سيناريوهات عدة، تنطلق من "سيناريو الايرادات وفق تطور الاقتصاد العالمي"، حيث شهدت اسواق النفط تحسناً بسبب تحسن الاقتصاد العالمي، بعد ان تمكن العديد من الدول من بلوغ نسبة متفائلة من التعافي الصحي القائم على التوسع بإعطاء اللقاحات. وجاء سيناريو تقدير النفقات غير مرتبط بتطورات الاسواق العالمية، فيما قام سيناريو الايرادات على اساس يرتبط بهذه التطورات، مع الاخذ في الاعتبار امكانية تحقيق ايرادات بمستويات اعلى او اقل من السيناريو الاساسي. ولا شك في ان الحفاظ على مستوى الاسعار القائمة في سوق الطاقة، واستمرار تعاظم حصة المملكة في الانتاج من بين دول اوبك +، سيؤدي الى تحقيق سيناريو المستويات الاعلى في حجم الايرادات، التي تتعاظم ايضاً في المملكة بالنظر الى ما حققته الايرادات غير النفطية في العام 2021، ومن المتوقع ان تصل الى نسبة 5 في المئة في العام المقبل.
قامت موازنة العام 2022 على سياسة الاستدامة المالية التي تهدف الى رفع تصنيف المملكة، بعد ان حدثت موديز هذا التصنيف في تموز الماضي "عند A1 مع نظرة مستقبلية سلبية، نتيجة للصدمات الخارجية إثر جائحة فيروس كورونا المستجد"، وأكدت الوكالة في تقريرها الائتماني، "أن الاصلاحات الهيكلية في المملكة ادت الى تقليص العجز المالي خلال الربع الأول من العام الحالي، وتوقعت ان تساهم خطط تنويع الاقتصاد في المملكة والاصلاحات الهيكلية في رفع النمو على المدى المتوسط والطويل وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي".
وتهدف سياسة الاستدامة المالية بحسب وزير المالية السعودي، الى الانضباط المالي ودعم تطوير التخطيط المالي، وايرادات الاستثمارات الاكثر استدامة ورفع كفاءة الانفاق واحداث مرونة في المالية العامة قادرة على التعامل مع الازمات وتقلبات الاسواق، كما تهدف الى التزام الحكومة بحجم الإنفاق المقرر في الموازنة، وتعزيز التخطيط المالي والسياسة المالية الهادفة الى السيطرة على العجز، واستخدام الفوائض لتعزيز الاحتياطات وتحويلها لمواجهة اي ازمات مالية وصدمات والى صندوق التنمية الوطنية لدعم القطاع الخاص.
ولا شك في أن اهم الانجازات التي تعزز المؤشرات الايجابية لاقتصاد المملكة، تتمثل بإدارة الدين بشكل مستدام، وذلك لتأمين احتياجات المملكة من التمويل بأفضل التكاليف الممكنة على المدى القصير والمتوسط، وتحقيق استدامة وصول المملكة الى مختلف اسواق التمويل العالمية. وفي هذا المجال، تمكن المركز الوطني إدارة الدين من تأمين احتياجات الدولة للعام 2021، وجمع 125 مليار ريال من خلال اصدار صكوك بالريال السعودي وجمع تمويل من الاصدارات الدولية واصدار صكوك وسندات دولارية، وتمكن المركز ايضاً من متابعة اعمال التصنيف الائتماني للمملكة والمساهمة في تحقيق رؤية المملكة 2030.
المؤشرات المالية والاقتصادية التي ظهرت في موازنة العام 2022، تؤكد النتائج المثمرة للإصلاحات الهيكلية والتنظيمية التي قامت بها السعودية خلال السنوات الاخيرة، وصحة الاهداف التي تضمّنتها رؤية 20-30 واساليب مراجعتها الدقيقة، كما تقدم صورة واضحة للفرص الاستثمارية الواعدة واستدامة المناخ الاستثماري في المملكة، التي تخطط لإنفاق 27 تريليون ريال في السنوات العشر المقبلة، وذلك في اطار من الثقة الدولية بمستقبل الاقتصاد السعودي، وقدرته على التحول لاقتصاد متنوع والريادة في قيادة التحول الى الطاقة الخضراء. وتبقى السعودية من خلال رؤية 2030 بلد الفرص والاستقرار في القرن الحادي والعشرين.
الأكثر قراءة
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال
-
صندوق النقد الدولي يحذر من النمو المتسارع للديون العالمية: لإجراءات عاجلة تكبح نموها
-
"بيورهيلث القابضة" الإماراتية تسجل صافي أرباح بقيمة 1.4 مليار درهم في 9 أشهر