في الولايات المتحدة: فتّش عن أزمة الطاقة خارج أوبك بلس
في الولايات المتحدة: فتّش عن أزمة الطاقة خارج أوبك بلس
- أحمد عياش
بعد انحسار توتر الإدارة الأميركية حيال قرار أوبك بلس خفض الإنتاج بمعدل مليونيّ برميل يومياً، بدأت تدور في الولايات المتحدة مناقشة أوسع نطاقاً من هذا القرار يتمثل بالسؤال الآتي: أين سياسة الطاقة الأميركية التي مرّت ولا تزال باختبار الحرب في أوكرانيا؟
بداية، مع ما كتبه إلين ر. والد في النيويورك تايمز في 24 تشرين الأول/ أكتوبر تحت عنوان "لماذا تخفض أوبك إنتاج النفط، ولماذا لا يوجد الكثير لدى الولايات المتحدة يمكن القيام به حيال ذلك؟". وجاء في المقال: "واشنطن غاضبة من المملكة العربية السعودية: يطالب أعضاء الكونغرس بتجميد جميع أشكال التعاون ووقف مبيعات الأسلحة لمدة عام وسحب القوات الأميركية وأنظمة الصواريخ من المملكة. وحذر الرئيس بايدن من "عواقب". أضاف المقال: "جاء الغضب الأميركي في أعقاب قرار أوبك بلس في 5 تشرين الأول/اكتوبر، من 23 منتجاً للنفط بقيادة السعودية ومن بينها روسيا، بخفض حصص إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً بدءاً من تشرين الثاني/ نوفمبر". ولفت المقال النظر الى انه "إذا نفذت الولايات المتحدة تهديداتها، فإن إدارة بايدن ستكون منشقة حقيقية في سياسة الشرق الأوسط، لأنه لم يسبق لأي إدارة أخرى - جمهورية أو ديمقراطية - أن انتقمت من المملكة العربية السعودية بأي طريقة جدية بسبب سياساتها النفطية".
في المقابل، ما فعلته الإدارة الاميركية حتى، كما قال توماس فريدمان في النيويورك تايمز أيضاً هو "إعلان الرئيس بايدن الإفراج عن 15 مليون برميل إضافي من الاحتياطي في كانون الاول / ديسمبر المقبل، ليكمل خطة وضعها في وقت سابق لإطلاق ما مجموعه 180 مليون برميل في محاولة للحفاظ على أسعار البنزين في المضخة المنخفضة قدر الإمكان - قبل انتخابات التجديد النصفي. (لم يقل الجزء الأخير. لم يكن بحاجة إلى ذلك)".
في السياق نفسه، وتحت عنوان "خطة بايدن لإعادة ملء احتياطات النفط تثير الشكوك حول الإنتاج" كتب بينوا مورين في وول ستريت جورنال يقول: "بعد الإفراج عن أكبر قدر من النفط حتى الآن من احتياطي النفط الطارئ في الولايات المتحدة، تشير إدارة بايدن إلى أنها ستعيد تعبئتها قريباً، وهو تعهد بمليارات الدولارات تأمل أن يحفّز نشاط الحفر المحلي البطيء. ومن المرجح أن يكون العرض صعباً بالنسبة الى العديد من المنتجين المحليين. وحسبما قال مسؤولون تنفيذيون ومحللون في الصناعة النفطية "ان الامر أكثر تعقيداً قليلاً من هذا "، بحسب ما قال أوليفييه لو بوخ، الرئيس التنفيذي لشركة خدمات حقول النفط شلمبرجير المحدودة".
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، احتوى الاحتياطي على "405.1 ملايين برميل اعتباراً من 14 تشرين الأول/أكتوبر، وهذا يمثل نحو 57 في المئة من طاقتها التخزينية القصوى المصرّح بها البالغة 714 مليون برميل".
وهنا يعلّق فريدمان قائلاً: "أنا أتعاطف مع الرئيس. كان الناس يتألمون حقاً من سعر البنزين 5 دولارات و6 دولارات للغالون، لكن استخدام الاحتياطي - الذي تمّ تصميمه لتخفيفنا في مواجهة الإغلاق المفاجئ للإنتاج المحلي أو العالمي. ان خفض عشرة سنتات أو ربع غالون من البنزين قبل الانتخابات هو عمل ينطوي على مخاطر، حتى لو كانت لدى الرئيس خطة لإعادة تعبئته في الأشهر المقبلة".
كيف يمكن لإدارة الرئيس بايدن ان تعيد تعبئة الاحتياطي النفطي؟
يوم الأربعاء في 26 تشرين الأول/اكتوبر، قال الرئيس الأميركي لأول مرة إن وزارة الطاقة ستبدأ في شراء النفط لإعادة ملء احتياطي البترول الاستراتيجي الأميركي عندما تتراوح أسعار النفط ما بين 67 و 72 دولاراً للبرميل، أو أقل، وقال مسؤولون أيضاً إن الوزارة وضعت قاعدة نهائية تسمح لها بشراء الخام بسعر مستقبلي ثابت يأملون أن يشجع المنتجين على التنقيب أكثر.
في المقابل، ووفقاً لوول ستريت جورنال، "أعرب مسؤولون تنفيذيون ومحللون في مجال الطاقة عن شكوكهم في أن الخطة ستحفز زيادة كبيرة في الإنتاج على المدى القصير. وتشعر العديد من شركات النفط بالقلق من حبس المبيعات عندما تتأرجح أسواق السلع الأساسية بشكل كبير. إنهم يأملون في التقاط أسعار النفط المرتفعة أثناء وجودهم. وقالوا إن ارتفاع تكاليف الحفر والضغوط من المستثمرين للحدّ من الإنتاج وإعادة النقد الزائد إلى المساهمين يضعفان أيضاً توقعات نمو الإنتاج".
ما كتب حتى الآن، يدور في حلقة ردود الفعل المفرغة على أمر طارئ في الاسواق. ويناقش الموضوع والد قائلاً: "إن الإجراء الأكثر فعالية هو تخفيف العبء التنظيمي وتقديم دعم صريح لصناعة النفط والغاز الأميركية، وهذا من شأنه أن يخفض أسعار النفط العالمية ويخفض أرباح المملكة العربية السعودية النفطية. حتى مع الأحكام البيئية من قانون الحد من التضخم، يمكن لإدارة بايدن أن تحدث فرقاً كبيراً للمنتجين الأميركيين من خلال تسريع العمليات التنظيمية وتخفيف بعض التعريفات الجمركية، ولكن من غير المرجح أن تتخذ مثل هذه الخطوة الجذرية بما يتعارض مع سياساتها المتعلقة بالطاقة والبيئة".
على أرض الواقع حالياً، وحسبما قال لينهوا جوان، الرئيس التنفيذي لشركة الحفر Surge Energy Inc.، إن عرض بايدن ( لتشجيع استخراج النفط في الولايات المتحدة "قد يشهد بعض المستفيدين، لكن سياسات إدارته الأخرى المتعلقة بصناعة النفط والغاز جعلت الاستثمارات الجديدة غير جذابة". ووجدت مراجعة لصحيفة وول ستريت جورنال للبيانات الفيدرالية أن عقود إيجار النفط الجديدة على الأراضي الفيدرالية قد تباطأت بشكل كبير في عهد الرئيس بايدن، وهي نقطة خلاف لهذه الصناعة. وقال السيد جوان: "كلما طال أمد هذه السياسات السيئة، ربما تكون زيادة الإنتاج أصغر بكثير".
ويتفق فريدمان مع هذا الرأي الأخير فيقول: "يحتاج مستثمرو النفط والغاز الأميركيون إلى معرفة أنه طالما أنهم ينتجون بأنظف طريقة ممكنة، ويستثمرون في احتجاز الكربون ويتأكدون من أن أي خطوط أنابيب جديدة يقومون ببنائها ستكون متوافقة مع نقل الهيدروجين - ربما أفضل وقود نظيف قادم على الطريق في العقد المقبل - لديهم مكان مرحب به في مستقبل الطاقة الأميركي، إلى جانب منتجي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية وغيرها من منتجي الطاقة النظيفة الذين عززهم بايدن من خلال تشريعاته المناخية".
وقال مارشال أدكينز، العضو المنتدب في بنك الاستثمار ريموند جيمس فاينانشال إنك، إن وجهة نظر المنتجين بأن أسعار النفط الخام ستظل مرتفعة في المستقبل المنظور تجعلهم أقل عرضة لبيع النفط. وقال إن شركات النفط الصخري كانت تسمح للتحوطات الخاصة بها - عقود بيع الإنتاج المستقبلي بسعر ثابت - بالتداول لتحقيق أقصى قدر من التعرض لارتفاع أسعار السلع الأساسية.
وذكر أدكينز إن تخفيضات الإنتاج من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إلى جانب العقوبات التي تستهدف روسيا واحتمال انتعاش الطلب من الصين، يمكن أن تؤدي إلى فجوة في العرض من شأنها أن تدفع أسعار النفط الخام مرة أخرى إلى 120 دولاراً أو أعلى. وقال: "إذا كنت أعتقد أن النفط سيكون أعلى بكثير بعد عام من الآن، فلن أتحوط عند 70 دولاراً".
كما إن احتمال استمرار ارتفاع تكلفة المواد والمعدات والعمالة يجعل تثبيت الأسعار غير جذاب للمنتجين، كما قال روبرت ماكنالي، رئيس شركة الاستشارات رابيدان إنرجي جروب الذي عمل مستشاراً للطاقة للرئيس جورج دبليو بوش آنذاك. وقال: "شركات النفط الصخري لا تعرف ما هي تكاليفها في غضون عام أو عامين".
وقال بعض المحللين إن التحول من الإفراج عن الاحتياطات إلى إعادة ملئها قد يزيل كميات كبيرة من النفط من السوق العالمية ما يزيد من شح الإمدادات ويسهم في التضخم.
ويلخص المشهد الراهن كيفن بوك، العضو المنتدب في شركة الاستشارات "كلير فيو إنرجي بارتنرز " فيقول:"وقت التجديد هو خلال أوقات الركود الاقتصادي، عندما يكون هناك فائض من النفط للشراء".
هل هناك من يسمع صوت الاقتصاد وسط ضجيج صوت السياسة؟ تلك هي المسألة اليوم في الولايات المتحدة وتاليا في العالم.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال