ما هي الأبعاد الاستراتيجية لأكبر استثمار سعودي في الإمارات؟

قطعت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أمس الأربعاء، شوطاً مهماً في طريق توطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وذلك من خلال صفقة شراء المملكة لحصة استراتيجية تبلغ نحو 10.2 في المئة في اصول أساسية في مجموعة "دي بي وورلد" المملوكة من حكومة دبي وخامس أكبر شركة مشغلة للموانئ والخدمات اللوجيستية حول العالم والمالك لمجموعة من المرافق اللوجيستية والموانئ البحرية الكبرى في إمارة دبي.

تمت الصفة من الجانب السعودي، عبر "شركة حصانة" وهي الذراع الاستثمارية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وبلغت قيمتها 9 مليارات ريال، (نحو 2.4 مليار دولار) وتناولت ثلاثة من أهم الأصول الإستراتيجية للشركة وهي ميناء جبل علي والمنطقة الحرة لجبل علي ومجمع الصناعات الوطنية.

تعاون استراتيجي

وتكتسب الصفقة أهمية خاصة باعتبارها أولاً أكبر استثمار سعودي في الامارات حتى الآن، وثانياً لما قد يترتب عليها من تعمّق الشراكة المتنامية في جميع المجالات بين البلدين وتعزز العلاقات خصوصاً في مجال الموانئ والمرافق اللوجيستية حيث تمتلك دبي وورلد خبرة عالمية، إذ تدير محفظة من 78 مرفأ ومحطات تحميل في 40 بلداً وجزيرة حول العالم ويعمل لديها نحو 97,000 موظف.

وبالنظر الى خبرات الشركة العالمية فقد سبق ووقعت الهيئة العامة للموانئ السعودية معها وفي 25 كانون الثاني/يناير من العام 2019 على "عقود إدارة وتشغيل" لميناء جدة بقيمة 9 مليارات ريال (2.4 مليار دولار) لإدارة تستهدف أولاً رفع الطاقة الاستيعابية للميناء بنحو 60 في المئة إلى 12 مليون حاوية نمطية، واستهدفت الاتفاقات أيضاً تطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتقنيات الجيل الخامس، بهدف رفع كفاءة الأداء التشغيلي للموانئ السعودية وتطوير منظومة النقل البحري لتعزيز حضور المملكة على خريطة الخدمات اللوجيستية العالمية.

ومن اللافت للانتباه أن المملكة أتمت الصفقة الاستثمارية هذه المرة عبر مؤسسة التأمينات الاجتماعية التي تتمتع بأصول كبيرة قابلة للاستثمار تقدر بنحو 250 مليار دولار. 

وجاء دخول مؤسسة التأمينات في إحدى أكبر الصفقات الاستثمارية في تاريخها بعد أشهر من تملّك البنك الأهلي السعودي، المملوك بغالبيته من صندوق الاستثمارات العامة، نحو 9.9 في المئة في أسهم بنك كريدي سويس. ويعكس هذا الاتجاه رغبة في تفعيل موارد الأذرع المالية السعودية المختلفة في مرحلة تتميز بالتوسع الاستثماري في الداخل وفي المنطقة (عبر شركات الاستثمار الإقليمية) والعالم وذلك وفق استراتيجية التنويع والشراكات الاقتصادية التي تنطوي عليها رؤية 2030.

تفاصيل محدودة

تعتبر صفقة تملك حصة مؤثرة في أصول "دي بي وورلد" صفقة واعدة لمؤسسة التأمينات السعودية عبر ذراعها الاستثمارية "حصانة"، والتي تخطو بذلك خطواتها المتدرجة في أسواق الاستثمارات الخارجية بعد انطلاقها في العام الماضي نتيجة لدمج مؤسسة التأمينات وصندوق التقاعد في مؤسسة واحدة تتمتع بموارد ضخمة قابلة للاستثمار، إلا أنه ونظراً إلى خروج "دي بي وورلد" من بورصة لندن في العام 2015 ثم من ناسداك دبي في العام 2020 وعودتها بالتالي شركة خاصة فإن وضعيتها الجديدة تحدّ من وفرة المعلومات المتعلقة بالصفقة وبيانات الشركة المالية. وكان بيان إدراج الشركة في بورصة لندن في العام 2007 قد قدر قيمتها بنحو 21.58 مليار دولار بينما توفر التقارير السنوية التي تصدرها الشركة بيانات عن مداخيلها الإجمالية ودخلها الصافي ومعدلات الأرباح، كذلك فإنها تفصح عن جوانب مالية اخرى في نشرات الاصدار المرتبطة ببرامجها الاقتراضية عبر السندات والصكوك.

وشرح الرئيس التنفيذي لشركة "حصانة" سعد بن عبدالمحسن الفضلي رؤية الشركة الاستثمارية قائلاً: "نتطلع من خلال هذا الاستثمار إلى تعزيز المحفظة الاستثمارية بأصول للبُنى التحتية ذات مستوى أداء عالٍ عالمياً وتاريخ حافل على مدى سنوات طويلة"، معرباً عن أمله بأن يكون هذا الاستثمار امتداداً لإستراتيجية شركة حصانة في الاستثمار في أصول البنى التحتية الحيوية في المنطقة ذات العوائد المستدامة على المدى الطويل.

أما رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة "دي بي وورلد" سلطان أحمد بن سليّم، فقد أعرب عن سعادته للإعلان عن الشراكة مع شركة "حصانة" الاستثمارية بصفتها الذراع الاستثمارية لأحد أكبر صناديق التقاعد عالمياً، وهذه الشراكة تعدّ خطوة داعمة للمحافظة على النمو، كما إنها تضيف إلى متانة الميزانية العمومية للشركة وتدعم تحقيق تصنيف ائتماني قوي وتعزز تنوّع محفظتها وتركيزها على حلول سلاسل التوريد المتكاملة على مستوى العالم.