البنك الاهلي السعودي: تغييرات تطوي تجربة كريدي سويس
البنك الاهلي السعودي: تغييرات تطوي تجربة كريدي سويس
- فيصل أبوزكي
أعلن البنك الأهلي السعودي عن تغييرات أساسية في المواقع القيادية للبنك أبرزها استقالة رئيس مجلس الإدارة عمّار الخضيري "لأسباب شخصية" وتعيين الرئيس التنفيذي للمجموعة سعيد محمد الغامدي بديلاً له حتى نهاية دورة المجلس الحالية. في الوقت نفسه، عين البنك نائب الرئيس التنفيذي طلال أحمد الخريجي رئيساً تنفيذياً بالتكليف.
قد يهمك:
انهيار بنك وادي السيليكون: الشركات الناشئة في مهب "الإفلاس"؟
وأثار هذا التغيير اهتماماً واسعاً في الأوساط المصرفية السعودية والدولية التي اعتبرته أمراً متوقعاً بعد الخسارة التي مني بها البنك نتيجة ازمة مصرف كريدي سويس الاخيرة التي انتهت بتملكه بالكامل من قبل المصرف السويسري الرئيسي الاخر يو.بي.اس. إذ تسبب ذلك بخسارة البنك الاهلي لاكثر من مليار دولار من قيمة استثماره في كريدي سويس والذي قام به في اكتوبر من العام الماضي وبلغ حينها نحو 1.4 مليار فرنك (نحو 1.46 مليار دولار) كما إن البنك الأهلي السعودي شهد تراجعاً ملحوظاً في قيمته السوقية منذ الإعلان عن الصفقة في أكتوبر من العام الماضي.
وكانت الحكومة السويسرية منهمكة باقتراح صيغة دعم عاجلة لإنقاذ كريدي سويس عندما أعلن رئيس مجلس ادارة البنك الاهلي السعودي عمار الخضيري في حديث لتلفزيون بلومبرغ أن مصرفه ليس في وارد إجراء استثمارات إضافية في البنك وهو موقف اعتبره أكثر المراقبين مبرراً من وجهة نظر البنك، إلا أن الإعلان عنه تم في توقيت غير ملائم تمثل خصوصاً بتصاعد المخاوف العالمية من احتمال انتقال عدوى انهيار مصارف صغيرة في الولايات المتحدة مثل بنك "سيليكون فالي" وبنك "سيلفرغايت" الى مصارف اخرى في الولايات المتحدة الاميركية واوروبا ولاسيما بعد التراجع السريع في اسعار اسهمها وتعاظم ضغط السحوبات عليها وعلى مصرف كريدي سويس بصورة خاصة، الأمر الذي فرض تدخل الحكومة السويسرية عبر اقتراح إنقاذي تضمن تشجيع مصرف UBS السويسري على شراء منافسه كريدي سويس درءاً لانهيار كان سيمثل أكبر صدمة للسوق منذ انهيار مصرف ليمان براذرز في العام 2007. وتضمنت الصفقة دعماً مالياً كبيراً من البنك المركزي السويسري، كما تضمنت في الوقت نفسه خسائر للمساهمين في كريدي سويس ومن بينهم البنك الأهلي السعودي وجهاز قطر للاستثمار ومجموعة العليان السعودية الخاصة.
يمكنك المتابعة:
دروس من كريدي سويس: أكبر خسارة عربية في استثمار مصرفي خارجي
وبينما يعتبر إجراء تغييرات قيادية في أي بنك رئيسي أمراً طبيعياً عند تعرضه لخسائر غير عادية، فإن تغييرات البنك الأهلي السعودي تحمل ولاشك درساً مهماً يتعلق بالمخاطر التي تكتنف الاستثمارات في المصارف الأجنبية الكبرى التي تعمل في مناخ معقد يجعلها نظراً لحجم انكشافها على الاسواق المالية والائتمانية العالمية اكثر عرضة للتقلبات الاقتصادية والنقدية.
وكان الاستثمار في المصارف الدولية في الفترة التي تلت ازمة العام 2007 موضع اهتمام المستثمرين الخليجيين سواء كصناديق أو كمجموعات مالية خاصة، وحصلت عمليات تملك لحصص في مصارف دولية خصوصاً خلال تلك الفترة إذ وظفت أبوظبي والكويت وقطر انذاك مبالغ كبيرة في مصارف عالمية مثل باركليز وميريل لينش وسيتي حسب بلومبرغ التي أشارت إلى أن بعض هذه الاستثمارات حقق عوائد مجزية وبعضها الآخر مثل استثمار كريدي سويس انتهى بخسائر مالية أو نزاعات قضائية.
اضطراب الاسواق اجهض إعادة الهيكلة
وعند اعلانه عن صفقة شراء اسهم كريدي سويس خلال شهر اكتوبر من العام الماضي، اشار البنك الاهلي السعودي "أن هذا الاستثمار سيكون جزءاً من المحفظة الاستثمارية الاجمالية لدى البنك البالغة 86.7 مليار دولار وان البنك يعتبر هذه الشراكة استثماراً جذاباً اذا تم النظر اليه من جهة خلق قيمة مضافة للمستثمرين" واضاف البنك في بيانه: "ان هذه الشراكة تسهم في فتح افاق جديدة لتعزيز قدرات البنك الاهلي السعودي الاستراتيجية والفنية بهدف تطوير منتجاته المصرفية الخاصة وادارة الثروات والاصول والخدمات المصرفية الاستثمارية في المملكة ومنطقة الخليج"، كما اشار البنك بأن هذا الاستثمار سيسهم في تحقيق عوائد مالية جذابة في المستقبل.
للاطلاع:
سحوبات قياسية لأموال المودعين في منطقة اليورو: 214 مليار يورو بـ 5 أشهر
ومن الواضح ان رياح الاسواق جاءت معاكسة ولم يتمكن كريدي سويس من اتمام عملية إعادة الهيكلة التي كان يعمل عليها بهدف إعادة تركيز اعمالة على قطاع ادارة الثروات وتحجيم نشاط الصيرفة الاستثمارية واسواق رأس المال وتقليص النفقات عبر صرف أكثر من 9000 موظف وتنظيف الميزانية من النشاطات والاصول ذات المخاطر العالية وإعادة بناء سمعة البنك بعد سلسلة الفضائح والخسائر والدعاوى القضائية التي تعرّض لها خلال السنوات القليلة الماضية.
وكان من الممكن ان تثمر عملية إعادة الهيكلة هذه نتائج ايجابية للمستثمرين كما حصل أخيراً في مصارف عالمية اخرى مثل دويتش بنك لو كانت الاسواق المالية العالمية تعيش ظروفاً مغايرة لما تشهده اليوم من اضطرابات في اسعار الاسهم والسندات وغيرها من الاصول المالية تحت وقع الزيادات المتتالية لاسعار الفائدة وتشدد السياسات النقدية حول العالم.
والسؤال المطروح حالياً هو كيف ستكون المرحلة المقبلة بالنسبة للبنك الاهلي السعودي بعد واقعة كريدي سويس. من الناحية المالية لا يتوقع البنك ان يكون هناك اي تأثير ملموس على ارباحه من وراء هذه الخسارة وفق البيان الذي اصدره أخيراً والذي اشار فيه الى تراجع نسبة كفاية رأس المال بنحو 15 نقطة اساس في نهاية العام 2022 وان يكون التأثير النهائي في حدود 35 نقطة اساس.
نهاية مشوار الخضيري والاستمرارية مع الغامدي والخريجي
وتمثل التغييرات الاخيرة نهاية مشوار عمار الخضيري مع البنك بعد تعيينه رئيساً لمجلس الادارة في شهر نيسان/ابريل من العام 2021 بعد اتمام عملية الدمج بين البنك الاهلي التجاري ومجموعة سامبا المالية الذي لعب الخضيري دوراً محورياً في اتمامها، وقبل عملية الدمج كان الخضيري رئيساً لمجلس ادارة سامبا منذ العام 2019.
اما بالنسبة الى سعيد الغامدي، فإن تعيينه رئيساً لمجلس الادارة يوفر عاملاً مهماً للاستمرارية ولاسيما وانه سبق وان تولى منصب الرئيس التنفيذي للبنك الاهلي التجاري ما بين العامين 2013 و2018 ورئاسة مجلس ادارته ما بين العامين 2018 و2021 قبل قرار الاندماج مع سامبا، وهو بالتالي يجمع بين الخبرة الواسعة والالمام الدقيق بشؤون البنك لفترة طويلة قبل الدمج وبعده.
ويتوقع لاحقاً ان يتم تثبيت طلال بن الخريجي بمنصب الرئيس التنفيذي للبنك وان يكون الخريجي رجل المرحلة ولاسيما وانه يتمتع بخبرة واسعة بعد خدمة اكثر من عقدين في البنك الأهلي تولى خلالهما مناصب مهمة منها رئاسة كل من قطاعات الخزينة والمصرفية التجارية ودائرة الاصول والخصوم.
ومن هنا يتوقع ان يلعب كل من الغامدي والخريجي دوراً مهماً في تجاوز تبعات استثمار كريدي سويس ومواصلة البنك نموه والاستفادة من الفرص التاريخية التي توفرها السوق السعودية. ويمكن اعتبار الاهلي بنك "الرؤية" نظراً لحجمه وحصته الكبيرة من السوق المصرفية السعودية ولملكية صندوق الاستثمارات العامة المؤثرة فيه والدور المأمول منه في قيادة عملية التحول في القطاع المصرفي السعودي ولعب دور مهم في تمويل مشاريع وبرامج رؤية 2030.
ومن المبكر حتى الآن التوصل الى استنتاجات حول كيفية تأثير تجربة الاستثمار في كريدي سويس على خطة البنك للتوسع الدولي.
الأكثر قراءة
-
الملتقى الاقتصادي التركي - العربي الخامس عشر: لمزيد من التعاون المشترك بين تركيا والبلدان العربية
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال