مؤشر تنمية السفر والسياحة 2024: عودة عدد السياح الدوليين إلى مستويات ما قبل الجائحة

  • 2024-05-24
  • 09:00

مؤشر تنمية السفر والسياحة 2024: عودة عدد السياح الدوليين إلى مستويات ما قبل الجائحة

توقّع مؤشر تنمية السفر والسياحة 2024 (TTDI) الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي بالتعاون مع جامعة ساري أن يعود عدد السياح الدوليين ومساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى مستويات ما قبل الوباء هذا العام، مدفوعاً برفع قيود السفر المرتبطة بفيروس كورونا والطلب القوي.

وبحسب المؤشر الذي شمل 119 دولة استناداً إلى مجموعة من العوامل والسياسات، تصدرت الولايات المتحدة قائمة الاقتصادات للعام 2024 إلى جانب إسبانيا، واليابان، وفرنسا وأستراليا. وشهدت منطقة الشرق الأوسط أعلى معدلات تعافي على مستوى عدد السياح الدوليين الوافدين (20 في المئة أعلى من مستوى العام 2019)، في حين أظهرت كل من أوروبا، وإفريقيا، والأميركيتين تعافياً قوياً بنحو 90 في المئة في العام 2023.

 

نقطة تحوّل

 

رئيس فريق الصناعات العالمية في المنتدى الاقتصادي العالمي فرانسيسكو بيتي: "يمثل هذا العام نقطة تحول بالنسبة إلى قطاع السفر والسياحة الذي نعلم أن لديه القدرة على إطلاق العنان للنمو وخدمة المجتمعات من خلال التحول الاقتصادي والاجتماعي. ويوفّر المؤشر (TTDI) نافذة استشرافية على الوضع الحالي والمستقبلي للسفر والسياحة لقادة القطاع للإبحار في أحدث الاتجاهات في هذا القطاع المعقد وإطلاق العنان لإمكاناته بشكل مستدام للمجتمعات والبلدان في جميع أنحاء العالم".

 

ما بعد الجائحة

 

بين المؤشر أنه من المتوقع أن تتعافى صناعة السياحة العالمية من أدنى مستوياتها التي سجلتها جائحة كوفيد-19 وأن تتجاوز المستويات التي شهدتها قبل الأزمة. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الزيادة الكبيرة في الطلب في جميع أنحاء العالم والتي تزامنت مع المزيد من الرحلات الجوية المتاحة، وانفتاح دولي أفضل، وتنامي الاهتمام والاستثمار في مناطق الجذب الطبيعية والثقافية.

في المقابل، ووفق المؤشر، فإن التعافي العالمي كان متبايناً تبعاً للمناطق الجغرافية. ففي حين أن 71 اقتصاداً من أصل 119 شملها الترتيب زادت أرقامها منذ العام 2019، فإن متوسط ​​درجة المؤشر جاءت أعلى بنسبة 0.7 في المئة فقط من مستويات ما قبل الوباء.

وعلى الرغم من أن القطاع تجاوز صدمة الأزمة الصحية العالمية، إلا إنه يواصل مواجهة تحديات أخرى، بدءاً من المخاطر الاقتصادية الكلية والجيوسياسية والبيئية المتزايدة، إلى زيادة التدقيق في ممارسات الاستدامة وتأثير التقنيات الرقمية الجديدة، مثل البيانات الكبرى Big Data والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى استمرار النقص في العمالة وفي طاقة الطرق الجوية، والاستثمار، والإنتاجية وعوامل العرض الأخرى في القطاع لم تواكب الزيادة في الطلب، وأدى هذا الخلل الذي تفاقم بسبب التضخم العالمي، إلى ارتفاع الأسعار ومشاكل في الخدمات.

 

الإمارات وحيدة

 

ومن بين أفضل 30 اقتصاداً شملها المؤشر في العام 2024، هناك 26 اقتصاداً مرتفع الدخل، و19 اقتصاداً في أوروبا، وسبعة في آسيا والمحيط الهادئ، وثلاثة في الأميركيتين، وواحد هو الإمارات العربية المتحدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتصدرت الولايات المتحدة الدول العشر الأولى، وتلتها إسبانيا، واليابان، وفرنسا، وأستراليا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، والصين، وإيطاليا وسويسرا.

وسلّطت النتائج الضوء على أن الاقتصادات ذات الدخل المرتفع لا تزال تتمتع عموماً بظروف أكثر ملاءمة لتنمية السفر والسياحة. ومما يساعد على ذلك بيئات الأعمال المؤاتية، وأسواق العمل الديناميكية، وسياسات السفر المفتوحة، والبنية التحتية القوية للنقل والسياحة، ومناطق الجذب الطبيعية والثقافية وغير الترفيهية المتطورة.

ومع ذلك، شهدت البلدان النامية تحسينات ممتازة في السنوات الأخيرة. ومن بين الاقتصادات ذات الدخل المتوسط ​​الأعلى، عزّزت الصين ترتيبها بين البلدان العشرة الأوائل؛ وانضمت وجهات السفر والسياحة الناشئة الرئيسية في إندونيسيا والبرازيل وتركيا إلى الصين في الربع الأعلى من التصنيف. وعلى نطاق أوسع، مثلت الاقتصادات ذات الدخل المنخفض إلى الشريحة العليا من المتوسط ​​أكثر من 70 في المئة من البلدان التي حسنت نتائجها منذ العام 2019، في حين تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا من بين المناطق الأكثر تحسناً، كما تعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الاقتصادين الوحيدين ذا الدخل المرتفع اللذين صُنّفا ضمن أفضل 10 اقتصادات تحسناً ما بين العامين 2019 و2024.

 

الاستثمار لسدّ الفجوة

 

لم تحل الخطوات السابقة من تحذير المؤشر من أن هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة لسدّ الفجوات في الظروف التمكينية والحصة السوقية بين البلدان النامية والبلدان ذات الدخل المرتفع. ويتمثل أحد السبل الممكنة للمساعدة في تحقيق ذلك في الاستفادة بشكل مستدام من الأصول الطبيعية والثقافية - التي لا ترتبط بمستوى دخل البلد مقارنة بالعوامل الأخرى - ويمكن أن توفر للاقتصادات النامية فرصة للتنمية الاقتصادية تقودها السياحة.

وأوضح رئيس كلية إدارة الضيافة والسياحة في جامعة سري إيس توسياديا قائلاً: "من الضروري سدّ الفجوة بين قدرة الاقتصادات المختلفة لبناء بيئة قوية لازدهار قطاع السفر والسياحة لديها"، مضيفاً: "يتمتع القطاع بإمكانات كبيرة للمزيد من الازدهار وتخفيف المخاطر العالمية، لكن هذه الإمكانات لا يمكن تحقيقها بالكامل إلا من خلال مقاربة إستراتيجية وشاملة".

ووفقاً للمؤشر، يواجه قطاع السفر والسياحة العديد من المخاطر المعقدة، بما في ذلك عدم اليقين الجيوسياسي والتقلبات الاقتصادية والتضخم والطقس القاسي. ولا يزال تحقيق التوازن بين النمو والاستدامة يمثل مشكلة كبيرة أيضاً، بسبب ارتفاع الموسمية، والاكتظاظ، والعودة المحتملة لمستويات الانبعاثات قبل الوباء. وحلّل المؤشر أيضاً المخاوف المستمرة بشأن العدالة والشمول، وفي حين أن قطاع السياحة يمثل مصدراً رئيسياً للوظائف ذات الأجور المرتفعة نسبياً، ولاسيما في البلدان النامية، فإن المساواة بين الجنسين تظل قضية رئيسية في مناطق مثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا.

 

نظرة مستقبلية إيجابية

 

على الرغم من هذه التحديات، يمكن للقطاع أن يلعب دوراً مهماً في التصدي لهذه التحديات. ولتحقيق ذلك، يجب على صناع القرار إعطاء الأولوية لإجراءات مثل الاستفادة من السياحة في جهود الحفاظ على الطبيعة؛ والاستثمار في القوى العاملة الماهرة والشاملة والمرنة؛ إدارة سلوك الزائرين وتطوير البنية التحتية بشكل إستراتيجي؛ تشجيع التبادل الثقافي بين الزوار والمجتمعات المحلية؛ واستخدام القطاع لسدّ الفجوة الرقمية، من بين سياسات أخرى.

وأظهر المؤشر أن قطاع السفر والسياحة الذي كان يمثّل تاريخياً 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتشغيل العمالة، قادر على الظهور كمساهم رئيسي في رفاهية وازدهار المجتمعات في جميع أنحاء العالم إذا أُدير بشكل إستراتيجي.