دمج المنيوم "معادن" مع "ألبا ينتج عملاقاً عالمياً في صناعة الالمنيوم

  • 2024-09-24
  • 14:10

دمج المنيوم "معادن" مع "ألبا ينتج عملاقاً عالمياً في صناعة الالمنيوم

  • فيصل أبوزكي

 

في 17 من الشهر الحالي، اعلنت شركة التعدين العربية السعودية "معادن" عن اتفاقية لشراء حصة شركة "سابك" في شركة المنيوم البحرين "ألبا" والبالغة نسبتها 20.6 في المئة. وقبل هذه الصفقة السعودية- السعودية بيوم واحد اعلنت "معادن" انها وقعت مع ألبا اتفاقاً غير ملزم يهدف الى دمج قطاع الالمنيوم في اعمالها مع "ألبا" لانشاء "شركة المنيوم رائدة عالمياً" حسب بيان "معادن" على ان يتم ادراج مزدوج لاسهم "ألبا" في سوق الاسهم السعودية "تداول" بعد انجاز الصفقة. 

وسبق هذين الاعلانين اعلان آخر عن اتفاق بين "معادن" وشركة "ألكوا" الاميركية لشراء حصة الاخيرة في مشروعهما المشترك البالغة 25.1 في المئة والمؤلف من شركتين هما شركة معادن للالمنيوم وشركة معادن للبوكسيت والالومينا. وبلغت قيمة هذه الصفقة بحدود 1.1 مليار دولار كان منها 150 مليون دولار نقداً و86 مليون سهم تعطي "ألكوا" حصة 2 في المئة تقريباً في رأس مال "معادن" المصرح به. وتضمن الاتفاق التزام من "ألكوا" بالاحتفاظ بأسهمها في معاد لمدة اقلها ثلاث سنوات. 

وكانت معادن انشأت هذا المشروع المتكامال مع "ألكوا" في العام 2009 بكلفة 10.8 مليارات دولار اميركي ليتمم منجم ومنشآت التكسير والمعالجة في البعثية في محافظة القصيم الشمالية ومجمع متكامل للصهر والتكرير والانتاج والدرفلة واعادة التدوير في مدينة رأس الخير الصناعية حيث تنتج الشركة اكثر من 740 الف طن من الالمنيوم الصافي.

الاعلانات الثلاثة التي تمت في غضون ايام قليلة اماطت اللثام عن استراتيجية سعودية بحرينية لخلق كيان عالمي عملاق في صناعة الالمنيوم يتوقع له ان يكون بين اكبر عشر شركات عالمية في هذا القطاع من حيث الانتاج وان تكون له انعكاسات مهمة على الصناعة نفسها وعلى الاقتصادين السعودي والبحريني وعلى شركتي "معادن" و "ألبا" نفسهما.

على صعيد الانتاج، تمكنت "ألبا" من انتاج اكثر من 1.62 مليون طن من الالمنيوم خلال العام 2023 في حين بلغ انتاج "معادن" في حدود 750 الف طن، اي ان الكيان الجديد الذي سينتج عن الدمج سيتمكن عملياً من انتاج ما بين 2.3 الى 2.4 مليون طن سنوياً من دون اي زيادة جديدة في طاقة الانتاج مما يضعه في قائمة اكبر ثماني شركات المنيوم في العالم. ويمكن للشركة الناتجة عن الدمج زيادة طاقتها الانتاجية من خلال مصهريها في السعودية والبحرين، كما إن امتلاك معادن لاحد المناجم الكبيرة للبوكسيت يوفر للشركة الجديدة المادة الاولية المطلوبة لزيادة الانتاج وبكلفة تنافسية. اضافة الى القدرة على التوسع في الانتاج سيمنح هذا التكامل الرأسي الشركة الجديدة مزايا تنافسية مهمة مثل تحقيق وفورات الحجم من دمج النشاطات والخبرات التشغيلية والفنية والتسويقية. اما على الصعيد المالي وارتكازاً على القوائم المالية للشركتين في العام 2023، يمكن ان تبلغ مبيعات الكيان الجديد قرابة 6.5 مليارات دولار في حال جمع ايرادات "ألبا" مع ايرادات "معادن" من قطاع الالمنيوم، كما إن الشركة ستتمتع بقاعدة رأسمالية متينة، اذ بلغت حقوق المساهمين في "ألبا" بحدود 4.75 مليارات دولار نهاية العام 2023. وشهد سهم كل من معدن و "ألبا" بعض التحسن عقب الاعلان عن اتفاقية الدمج، كما يتوقع ان يضيف الدمج قوة تسويقية اضافية ناتجة عن شبكة "ألبا" التي تتعامل مع اكثر من 270 عميلاً حول العالم عبر شبكة تواجدها في البحرين وزوريخ وسنغافورة والولايات المتحدة الاميركية وشبكة "معادن" التي تصدر منتجاتها الى اكثر من 30 دولة.

ويعتقد ان هذه العملية بعد اتمامها والقيام بعملية دمج النشاطات واعادة الهيكلة لجني الوفورات والفوائد المستهدفة، ستكون منطلقاً الى عملية توسع عالمية عبر زيادة الانتاج وربما ايضاً عبر عمليات تملك خارجية تساعد على تعزيز الامدادات وامكانية الحصول على حصة اكبر من السوق العالمية والوصول الى تقنيات جديدة في الانتاج والتسويق. ويتوقع ان تتيح هذه العملية الستراتيجية لـ "معادن" امكانية زيادة تركيزها على نشاطاتها التعدينية الاخرى التي تشمل انتاج الذهب والفوسفات والنحاس والمعادن الاخرى عبر 17 منجماً وموقعاً، وهذا ما يساعد على تحقيق هدف سبق واعلنته بزيادة حجم اعمالها عشر مرات مع حلول العام 2040 والتحول الى احدى اكبر شركات التعدين في العالم والمساهمة بتحويل قطاع التعدين الى إحدى الركائز الاساسية للاقتصاد السعودي الى جانب النفط والبتروكيماويات والقطاعات الجديدة التي يتم تطويرها وفق رؤية 2030. ويترأس مجلس ادارة "معادن" ياسر الرميان وهو محافظ صندوق الاستثمارات العامة المالك لنسبة 65.44 في المئة من الشركة، في حين يرأس مجلس ادارة "ألبا" خالد الرميحي ويملك صندوق البحرين السيادي "ممتلكات" بنسبة 69.38 في المئة من الشركة.

كما إن هذه العملية ستساعد الشركة على مواجهة التحديات التي تواجه صناعة الالمنيوم والمعادن في العالم مثل المخاطر الجيوسياسية التي تؤثر على استقرار الامدادات والاسعار والطلب. وتواجه الصناعة ضغوطات كبيرة لخفض الانبعاثات والاستثمار بتقنيات جديدة لهذا الغرض وزيادة حصة الطاقة النظيفة في امدادات الطاقة التي تستخدمها للانتاج. وقد يؤدي التحول الى تقنيات انتاجية وطاقات جديدة الى زيادة كلفة الانتاج والتشغيل في المراحل الاولى، هذا بالاضافة الى آثار تعرفة الكربون الاوروبية الجديدة (CBAM) على الصادرات الى اوروبا. ايضاً، تواجه الصناعة ضغوطات على سلاسل امدادها ووصولها الى المواد الاولية وارتفاع في كلفة الشحن والتأمين والحاجة الى تطوير منتجات جديدة ذات قيمة مضافة.

واخيراً، تعطي هذه العملية مؤشراً على توجهات الشركات في المنطقة لتجميع مواردها وقواها عبر عمليات اندماج وتَملُك ولاسيما بين الشركات الكبرى التي تملك الحكومات حصصاً مؤثرة فيها، وسيكون الهدف من هذه العمليات تعزيز وفورات الحجم وزيادة قدرات هذه الشركات على الاستثمار والتوسع والمنافسة عالمياً وبالتالي اعطاؤها دفعاً جديداً للتحول الاقتصادي الحاصل في الخليج باتجاه تعزيز النمو عبر التنويع وتنمية الاقتصاد غير النفطي وتحقيق الاستدامة المالية. وسبق هذه العملية قبل سنوات تملك شركة "أرامكو" لشركة "سابك" بغرض تجميع نشاطات البتروكيماويات للشركتين وتحقيق التكامل بينها. وكانت صناعة الالمنيوم الخليجية شهدت في العام 2013 اندماج شركة الامارات للالمنيوم وشركة دبي للالمنيوم ليشكلا شركة الامارات العالمية للالمنيوم التي تملك مصاهر في ابوظبي ودبي ومصفاة لتكرير الالومينا في ابوظبي ومنجم بوكسيت في جمهورية غينيا ومصهراً متخصصاً في المانيا. وانتجت الشركة ما يفوق 2.66 مليون طن من الالمنيوم في العام 2023 مما وضعها في المرتبة السادسة عالمياً من حيث الانتاج.

والمعروف ان الخليج يعتبر احد مراكز الثقل العالمية في انتاج الالمنيوم. فاضافة الى شركة الامارات العالمية للالمنيوم و "ألبا" و "معادن" هناك شركة قطر للالمنيوم وهي في قائمة اكبر 10 شركات عالمية في الانتاج وشركة صحار المنيوم في سلطنة عمان.