لقاح كورونا: من يفوز بقصب السبق؟

  • 2020-03-19
  • 14:11

لقاح كورونا: من يفوز بقصب السبق؟

مختبرات عالمية عدة تعلن عن نتائج إيجابية

  • سليمان عوده

في ظاهر الأنباء، لا يرى المتابع إلا الضحايا، ومشاهد قاسية من المعركة الضروس التي تقودها الهيئات الصحية والحكومات والجهات المعنية المختلفة لوقف تفشي فيروس "كورونا المستجد" والحد من قدرته على الفتك بضحاياه. لكن في الخفاء، تدور معركة من نوع آخر، هي التي ستحسم في النهاية الحرب على الفيروس، إنها معركة إيجاد اللقاح أو العقار الشافي. من يفز بهذه المعركة، سواء أكان بلداً أم شركة، سيحجز لنفسه مكانة متقدمة في السجل العلمي الإنساني، وسيسجل اسمه باللون الأخضر على شاشات البورصات. 

وفيما يقترب عدد المصابين من ربع مليون عالمياً، بدأت تلوح من بعض المختبرات العالمية الكبرى بارقة أمل، ولو على استحياء، بإمكانية الحد من تفشي المرض. في تلك المختبرات، عمل لا يهدأ يتوق إلى لقاح يتيح تطويق فيروس "كورونا المستجد". إنها مهمة حيوية لإنقاذ العالم من إحدى أقسى الأزمات التي يختبرها منذ الحرب العالمية الثانية. 

تقدم فرنسي

في فرنسا، يختبر المتخصصون في مختبر "ڤيرباث" خليطاً من الأدوية التي تستهدف الأمراض المعدية، بهدف إيجاد مؤشرات على استجابة المصابين لمكونات معينة فيها، وهي عملية تشرع الباب عند حدوثها لتحييد مكون خاص يمهد الطريق لإيجاد العلاج الناجع لفيروس "كورونا المستجد". وأعلنت الشركة أن هذه الطريقة الاختبارية سبق أن جُربت، ما يزيد الآمال باحتمال أن تنجح هذه المرة أيضاً. ويخضع المختبر، بإذن من السلطات الفرنسية، حالات حرجة للاختبارات السريرية. ولأداء هذه المهمة، اختار الاختصاصيون في المختبر أن يجربوا أكثر من 1500 دواء مختلف تنتجه شركات متعددة في شتى أنحاء العالم. هذه الأدوية تعالج مروحة واسعة من الأمراض، تبدأ بالحصبة والملاريا وجدري الماء، ولا تتوقف عند الأمراض العصبية وألزهايمر. ويقوم المختبر بتحليل كيفية مقاومة خلايا الجهاز التنفسي للفيروس، وتفاعل الخلايا مع الأدوية قيد التجربة. 

طارد الملاريا

 

وأعلنت "سانوفي" أن "بلاكنيل"، وهو دواء مضاد للملاريا تنتجه المجموعة الدوائية الفرنسية، برهن عن نتائج واعدة في معالجة المرضى. وقالت الشركة إن تجربة على 24 مريضاً بفيروس "كورونا المستجد" كشفت أن الفيروس اختفى من أجسام ثلاثة أرباعهم بعد ستة أيام على بدء تناولهم العقار. وقاد التجربة البروفسور ديدييه راوول، مدير المعهد الاستشفائي الجامعي في مرسيليا، الذي قال إن التجارب السريرية تظهر "أن هذا العقار يمكن أن يُساهم في القضاء على فيروس كورونا المستجد". وتعهدت "سانوفي" أن تضع دوائها في متناول من يحتاج إليه، وقالت إنها قادرة على توفير ملايين ملايين الجرعات، وهي كمية يمكن أن تتيح معالجة 300 ألف مريض ويستخدم "بلاكنيل" منذ عقود في معالجة الملاريا وأمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة والتهاب المفاصل. وقالت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية سيبيث ندياي إن التجربة السريرية "واعدة"، وسيتم إجراء المزيد منها على عدد أكبر من المرضى، مشددة على أن غياب "أي دليل علمي قاطع" على أن هذا العلاج فعال. وقال وزير الصحة أوليفييه فيران إنه اطلع على النتائج وأعطى الإذن لكي تُجري فرق أخرى، في أسرع وقت، تجربة أشمل على عدد أكبر من المرضى.

براءة اختراع ألمانية

 

وتوقعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن تنجح أوروبا في إيجاد لقاح يقي من فيروس "كورونا المستجد" بحلول الخريف. وقالت فون دير لاين إن شركة "كورڤاك" قد منحت الموافقة على براءة اختراع للقاح بعد أن اجتازت جميع الإجراءات اللازمة. وكان الاتحاد الأوروبي قد قدم للشركة 80 مليون يورو لتطوير اللقاح. وأضافت فون دير لاين: "ترجح الشركة أن تنتج اللقاح بحلول الخريف". وقال فريدرش فون بوهلن، مدير الشركة  المتخصصة بصناعة الأدوية، إن تقدماً ملموساً قد تحقق في تطوير اللقاح، وأضاف: "في الصيف سنبدأ تجربة اللقاح على اللبشر". وفي حال نيله الموافقة النهائية، ستبدأ الشركة إنتاجه بكميات كبيرة تكفي مليار شخص. وكانت الشركة المذكورة احتلت صدارة الاهتمام العالمي حين تسرب أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحاول إغراء "كورڤاك" الألمانية بالمال لأجل العمل لصالحها، لا سيما بعد ظهور تقارير عن أن الشركة اقتربت من تطوير لقاح ضد الفيروس. لكن الرد الألماني بالرفض كان حازماً، وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن بلاده لن تسمح للآخرين بأخذ نتائج أبحاث العلماء الألمان، وأن هزيمة الفيروس يجب أن تتم بعمل جماعي. لكن فون بوهلن أكد أن شركته لم تتلق عرضاً مباشراً من قبل الحكومة الأميركية، وإن لم يستبعد أن تأتي عروض شراء من الولايات المتحدة أو من مناطق أخرى. 

دواء ياباني فعال

 

في المقابل، كشف المركز الوطني الصيني لتطوير التكنولوجيا الحيوية التابع لوزارة العلوم والتكنولوجيا إن عقاراً يابانياً أدخل قيد التجربة، وأثبت فعاليته في تقصير الوقت المطلوب للتعافي من الإصابة بالفيروس من 11 يوماً في المتوسط إلى أربعة أيام فقط. وكشف المركز أن اسم الدواء هو “فافيبيرافير”، وهو يعد في الأساس دواء لعلاج الإنفلونزا، وقد تم اعتماده للاستخدام السريري في اليابان في عام 2014، ولم يظهر أي ردود فعل سلبية واضحة في التجربة السريرية. وشارك أكثر من 80 مريضاً في التجربة السريرية، حيث ثبتت فعاليته خصوصاً بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون من أعراض متوسطة إلى خفيفة.

عمل مشترك

 

في إيطاليا، التي تحولت إلى البؤرة الثانية لانتشار الفيروس عالمياً بعد الصين، تنشط شركتا "تاكيس" و"إڤيڤكس" في عمل تعاوني لتطوير اللقاح المناسب، حيث تتشاركان تقنيات التلقيح الوراثي القادرة على توليد أجسام مضادة للفيروسات. وقد أقفل تفشي الفيروس في إيطالي كل المدن في البلاد، وأدخل عشرات الملايين في عزلة إجبارية. بدورها، أعلنت شركة "ذانايتڤ أنتيجن كومباني" في بريطانيا أنها ستبدأ في بدء الإنتاج التجاري لمضادات جديدة لعلاج فيروس "كورونا". وقال مركز تطوير العلوم والتكنولوجيا التابع للجنة الصحة الوطنية إن الصين تمضي قدماً نحو إيجاد لقاح مناسب للفيروس، وتوقع أن يدخل مرحلة الاختبار السريري في شهر نيسان/أبريل المقبل، ما سيتيح استخدامه في الحالات المستعجلة تحت شروط معينة، وذلك بعد أخذ التصريحات اللازمة. وأعلنت شركة "براڤو ڤاكس" الصينية أنها تتعاون مع "جيوڤاكس" الأميركية لأجل تطوير لقاح ضد الفيروس. وستركز الشركة الصينية على إجراء الاختبارات والتصنيع والتواصل مع السلطات الصينية، فيما ستعمل نظيرتها الأميركية على تحسين فعالية اللقاحات المنتظرة وجعلها أكثر مناعة. 

 

نتائج قريبة

في روسيا، كشفت كلية البيولوجيا بجامعة موسكو عن تطوير جسيمات مناعية يمكن أن تكون مفيدة في مواجهة فيروس "كورونا المستجد". وقالت الكلية إن هذه الجسيمات قابلة للتحلل تماماً بعد أداء وظيفتها، حيث يتم التخلص منها من الجسم. أما في أستراليا، فقالت جامعة كوينزلاند إنها قطعت شوطاً متقدماً على طريق إيجاد علاة فعال للفيروس. وأعلنت الجامعة أن عقارين تجريبيين أوقفا الفيروس بالفعل داخل المختبر، في حين أن الأبحاث لا تزال مستمرة لأجل معرفة أيهما أفضل. ويعالج أحد هذين العقارين الملاريا، فيما يعالج الثاني الإيدز، وقد سجلا نجاحاً في دحر فيروس "كورونا المستجد" خلال التجارب المخبرية، في انتظار أن يظهرا النتيجة نفسها عند اختبارهما على البشر. وقال باحثون في جامعة "إمبريال كولدج" أنهم بدأوا سلسلة تجارب على الفئران على أمل الوصول لنتائج بنهاية العام، وبعد الانتهاء من المرحلة التجربية الأولى، سيتم اختبار فعاليته على البشر.