لبنان: هاجس موردي المواد الغذائية نقص الدولار.. وليس كورونا
لبنان: هاجس موردي المواد الغذائية نقص الدولار.. وليس كورونا
- رانيا غانم
منذ أكثر من سنة يعيش لبنان أزمة اقتصادية طالت كل القطاعات الحيوية فيه، ثم جاء فيروس كورونا ليعمّقها نظراً إلى حال الشلل التي فرضها على حركة النقل العالمية.
وإذا كانت الجائحة قد قطّعت أوصال الانتقال بين دول العالم إلا أنها تركت منافذ يمكن من خلالها عبور السلع والبضائع خصوصاً الأساسية منها، فباتت الأولوية للغذاء فيما تكاد الكماليات أن تصبح من ذكريات الماضي.
هذا الواقع انعكس على لبنان ا"لمأزوم" أصلاً، ذلك أن سياسات الحجر الدولية كان لا بد وأن تؤثر على السوق اللبنانية على صعيد الاستيراد والاستهلاك، ما يحتّم الإجابة على سؤالين أساسيين هما: كيف تأثرت عملية استيراد السلع الغذائية بفيروس كورونا؟ وهل يملك التجار اللبنانيون مخزوناً يكفي لتجاوز الأزمة؟
تبلغ فاتورة لبنان الاستهلاكية من المنتجات الغذائية نحو 4 مليارات دولار سنوياً، وتشكل الواردات نحو 80 في المئة منها، وفقاً لنقابة مستوردي المواد الغذائية والاستهلاكية والمشروبات في لبنان، ويحتاج التجار إلى مبلغ يتراوح بين ثمانية وعشرة ملايين دولار يومياً من العملة الصعبة لتأمين حاجات الاستيراد، وعليه، فإن المعضلة الأساسية، التي يجمع عليها موردو المواد الغذائية، ليست جائحة كورونا بل تأمين العملة الصعبة (الدولار) لضمان سلاسة عمليات الاستيراد، فهذه المشكلة قديمة تزداد تعقيداً يوماً بعد آخر مع تذبذب سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية إلى أن بلغ عتبة الـ 3 آلاف ليرة مع ما يترتب على ذلك من ارتفاع فاتورة الاستيراد إلى الضعفين تقريباً، وهذا ما ولّد "صعوبة كبيرة في تأمين الدولار من السوق، وكذلك تحويله من المصارف" يقول رئيس نقيب مستوردي المواد الغذائية والاستهلاكية والمشروبات في لبنان هاني بحصلي، مؤكداً: "لا نعلم إلى أي متى سنظل قادرين على تأمين العملة الصعبة والاستيراد".
تأخير في التدفق لا توقف
في خضم "أزمة الدولار"، جاءت أزمة كورونا لتثقل كاهل الأسواق وتعيق انسياب البضائع. ويشير بحصلي إلى أن معظم مصانع توضيب المحاصيل وتغليفها في العالم يعمل حالياً بنصف إمكاناته، وثمة تأخير أيضاً في الأعمال اللوجيستية كالشحن وتخليص البضائع بسبب إجراءات الوقاية التي تتخذها المرافئ والمطارات، وهذا بدوره يقود إلى تأخير يتراوح ما بين 10 و15 يوماً في وصول المواد الغذائية إلى السوق المحلية، يضاف إلى هذا التأخير الإجراءات البيروقراطية التي تعيق عملية تخليص البضائع واستلامها من المرافئ. ولتدارك ما سبق، يشير بحصلي إلى أن النقابة طلبت تسهيل الإجراءات على المرفأ والاستعاضة عن المستندات الأصلية بصور عنها لاستلام البضائع وإدخالها إلى السوق مع تعهد بتقديم المستندات الأصلية والفواتير فور استلامها. وقد حصلت النقابة على وعد من الحكومة بتسهيل الإجراءات لكنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد. ولا يزال التجار يواجهون عراقيل من الجهات المعنية في المرفأ حيث يرفضون تسليمهم البضائع، كما إن عملية تحليل المنتجات تأخذ وقتاً طويلاً، بسبب عدم حضور مندوبي الوزارات بشكل يومي إلى العمل، وبهذه الطريقة يتكدس العمل وتتأخر عملية تسليم البضائع. ويخلص بحصلي إلى التأكيد "على ضرورة تسريع المعاملات وتسهيل العمل على التجار ليتمكنوا من القيام بعملهم بسهولة".
واردات المنتجات الغذائية من أول عشرة بلدان في 2019 | ||
الدولة | مليون دولار | ألف طن |
البرازيل | 288 | 257 |
أوكرانيا | 170 | 470 |
الولايات المتحدة | 160 | 145 |
مصر | 155 | 175 |
تركيا | 150 | 120 |
فرنسا | 140 | 76 |
إسبانيا | 133 | 63 |
ألمانيا | 105 | 30 |
بريطانيا | 96 | 20 |
إيطاليا | 93 | 49 |
دول أخرى | 1622 | 1589 |
المجموع | 3122 | 2994 |
المصدر: الجمارك اللبنانية |
المخزون يكفي.. ولكن
ولكن على الرغم من هذه المعوقات إلا أن المنتجات الغذائية لا تزال تتدفق من الدول كافة بما فيها الصين، حيث يتم استيراد "تشكيلة" واسعة من المنتجات مثل الذرة والفطر والحبوب واللحوم المعلبة، لكنها بحسب بحصلي "عملية استيراد تسير ببطء"، وبالتالي فإن تداعيات كورونا على حركة انسياب البضائع محدودة ولن تؤدي إلى نقص كبير في المنتجات، ويرد السبب إلى أن حاجة لبنان من المواد الغذائية متواضعة جداً ويمكن تأمينها من مصادر عدة في أي وقت وتحت أي ظرف كان، إذ لا تتجاوز وارداته من الأرز مثلاً 60 ألف طن سنوياً، ومن العدس ثمانية آلاف طن ومن الزيوت مئة ألف طن. لذا، ومهما تفاقمت المشكلة عالمياً لن يعجز التجار اللبنانيون عن تأمين هذه الكميات المتواضعة من مصادر مختلفة، لأن الأزمة العالمية ليست وليدة نقص في المحاصيل إنما في تقييد حركة النقل.
وفيما يخلص بحصلي إلى طمأنة اللبنانيين بأنه لا أزمة نقص في المواد الغذائية في السوق المحلية وأن النقص، إن حدث، سيكون في الكماليات وبنسب محدودة، يؤكد المدير العام في شركة مسلم وشركاؤه جوزيف عبد الله أن المصانع التي اعتاد التجار على استيراد المنتجات الغذائية منها، كالأجبان واللحوم المعلبة لا تزال تؤمن البضائع، إلّا أن بعضها يؤمنها بكميات أقل انطلاقاً من سياسة جديدة تقضي بالاحتفاظ بجزء كبير منها للاستهلاك المحلي في دول المنشأ، أو نتيجة نقص بعض المواد الأولية التي تدخل في صناعتها. ويضيف: "المخزون الغذائي المتوافر لدى شركتنا يكفي لثلاثة أشهر على الأقل".
أزمة اقتصادية، تذبذب سعر الدولار، كورونا، كلها معضلات وضعت العصي في عجلة الاستيراد لكنها لم تحرم السوق اللبنانية مما تحتاجه من غذاء فالسوق صغيرة واحتياجاتها محدودة نسبياً ومقدور على تأمينها، لكن في المقابل فإن المعاناة هي في الارتفاع الجنوني لأسعار المنتجات الغذائية على اختلافها ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين بنحو 80 في المئة. وفي حين يشرح أن الطلب على المنتجات الأساسية كالأرز والحليب والحبوب لم ينخفض كثيراً، إنما تركز الانخفاض على المنتجات الغذائية الكمالية كالأجبان واللحوم المستوردة حيث وصل التراجع في مبيعاتها إلى 50 في المئة أحياناً، يدعو بحصلي التجار إلى تسعير البضائع وفقاً لسعر الدولار في السوق، وحتى أقل بنسبة عشرة في المئة خاتماً: "لا أخشى من مجاعة في لبنان إنما من ثورة جياع".
المنتجات الغذائية المستوردة | كانون الثاني 2019 القيمة (مليون دولار) | كانون الثاني 2020 القيمة (مليون دولار | نسبة التغير (في المئة) |
حيوانات ومنتجات حيوانية | 80,838 | 98,742 | 22 |
منتجات المملكة النباتية | 147,374 | 114,215 | -22 |
شحوم و ودهون وزيوت حيوانية أو نباتية | 17,962 | 16,717 | -6 |
منتجات صناعة الاغذية, مشروبات, تبغ | 166,176 | 108,634 | -34 |
المجموع | 412,350 | 338,308 | -18 |
المصدر: الجمارك اللبنانية |
مؤسسات
أشخاص
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال