بعد كورونا الـ BIG BANG الاقتصادي؟

  • 2020-06-10
  • 08:30

بعد كورونا الـ BIG BANG الاقتصادي؟

  • نبيه البرجي

ربما أتت المقاربة الفذة للمشهد من جوزف ستيغليتز، الأميركي الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد والذي تنبأ بالأزمة المالية الكبرى في العام 2008. قال: "يبدو أن الآلهة شعرت بأن صلاحياتها في صناعة وفي إدارة الصراعات قد انتزعت منها عنوة عقب دخول البشرية في الزمن النووي".

في اعتقاده "أن هذا الوضع هو الذي حمل الآلهة على إنزال ذلك الفايروس الغامض، والأخطبوطي، على الكرة الأرضية لتقول للقوى العظمى أنكم ماضون بياقاتكم الفاخرة إلى العالم الآخر".

كوكبنا الذي أمام جائحة أخرى لا تقل هولاً. فوضى في مفاهيم، وفي آليات، السوق. إمبراطوريتان، لعلهما الأكثر جنوناً في التاريخ في الطريق الى صراع هائل لا بدّ أن يدمر بطريقة الدومينو العديد من الاقتصادات في العالم. 

كورونا كما لو أنه جرس الانذار في اللحظة ما قبل الأخيرة، لا بدّ من عقد مؤتمر دولي على غرار مؤتمر بريتون وودز (1944) لصياغة رؤية فلسفية بديلة للنظام الاقتصادي العالمي.

المسألة ليست أخلاقية، ولا رومانسية. الفوضى، اذا ما رافقتها حساسية جيوستراتيجية معقدة يمكن أن تؤدي إلى تدمير المسار الاقتصادي في كل من أميركا والصين، أو الى تفجير الحرب العالمية الثالثة.

صدمة كورونا كانت ضرورية لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية، السياسات المجنونة، من دون أن يعني ذلك، بطبيعة الحال، الاقتراب من اليوتوبيا. ستيغليتز قال: "لكأننا على قاب قوسين من الحطام اذا ما بقينا نمضي وراء ذلك الاقتصاد الأعمى"!

هل هو البينغ بانغ (الانفجار الكبير) بعد كورونا الذي يتولى إنتاج حالات بشرية أكثر وعياً بـ"مهمتنا على هذه الأرض"، وبعد أن لاحظنا كيف أن الأميركيين والصينيين يتنافسون تكنولوجياً على الولوج الى ما بعد الزمن من دون الاكتراث بالذين يراوحون في أمكنتهم تحت الزمن.

هذا محور جدل واسع النطاق داخل المؤسسات الصناعية والمالية الأميركية. المقارنة مستحيلة بين كل من دونالد ترامب وجون بايدن من جهة، ومن جهة ثانية فرنكلين روزفلت رجل الـ New deal التي أنقذت أميركا من الاهتزازات الارتدادية لـ "الكساد الكبير" في العام 1929.

الصينيون لا يختلفون كثيراً عن الأميركيين في محاولة الامساك بالمفاصل الرئيسية للكرة الأرضية. التنين راح يتسلل، مخملياً، إلى الأسواق، وحتى الى الأدغال من الخاصرة الرخوة، وكان الاختراق المثير للقرن الحادي والعشرين.

خبراء دوليون، وبينهم بول رومر، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد والرائد في نظرية النمو الداخلي، (وكان نائباً لرئيس البنك الدولي)، رأى أن صدمة كورونا بتداعياتها الدراماتيكية، كشفت مناطق الخلل، ومناطق التصدع، في البنية الاقتصادية العالمية، وأيضاً في البنية الاقتصادية لكل دولة.

الخلل لو بقي يتفاعل من دون التنبه له، لأحدث سلسلة من الزلازل الاقتصادية. من هنا كان ما يشبه إعلان حالة الطوارئ، خصوصاً في القارة العجوز، لمعالجة نقاط الاختلال بصورة جذرية وشاملة، كذلك الأمر في الولايات المتحدة ودول شرق آسيا.

النتيجة، كما يتوقعها أولئك الخبراء، لا بدّ أن تتبلور في استيعاب أكثر ديناميكية، وأكثر منهجية للمصالح المشتركة في إطار مناخ دولي خلاق. تالياً، عقد من الازدهار لا بدّ أن يحد من الضبابية التي تكتنف العلاقات الدولية.

رفض صارخ لما يدعونه بالطريقة البهلوانية، والزبائنية، التي يعتمدها دونالد ترامب في التعاطي مع الموضوع الاقتصادي.

كل هذا التفاؤل بالفردوس الاقتصادي لا يحجب الآراء السوداوية التي نراها على صفحات بعض الدوريات الاقتصادية الكبرى، الخشية من أن تحل الرؤية النرجسية (هاجس العظمة) محل الرؤية العقلانية للمسألة الاقتصادية.

"الفايننشال تايمز" لا تستبعد ذلك الشيء الذي يدعى البيغ بانغ لأن الكرة الأرضية لا تستطيع أن تقف طويلاً على ساقين من الخزف، والا "يفترض أن نقف أفواجاً أفواجاً، عند أبواب الجحيم"!!