أين المازوت الذي يصل بأفضل الشروط من الكويت الى لبنان؟

  • 2020-07-20
  • 21:30

أين المازوت الذي يصل بأفضل الشروط من الكويت الى لبنان؟

  • أحمد عياش

تتجه الأنظار داخلياً هذه الأيام إلى نتائج الزيارة التي قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى دولة الكويت، موفداً شخصياً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حاملاً رسالة الى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، وقد أوجز موفد الرئيس اللبناني مهمته بالقول إنها سعت لكي "تكون عقود بيع محروقات بين الكويت ولبنان بين الدولتين بشكل مباشر". فهل هذا هو سبيل خلاص لبنان من عبء استيراد المشتقات النفطية الباهظة في زمن ندرة الدولار؟

 

هل هذا هو سبيل خلاص لبنان من عبء

استيراد المشتقات النفطية الباهظة؟


حمل "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" هذا الملف الى من يمثل "أب" الاتفاق الذي أبرمه لبنان قبل 15 عاماً، إنه الرئيس فؤاد السنيورة الذي كان في العام 2005 رئيساً للحكومة فأنجز في تلك الفترة إتفاقاً بين الدولتيّن بعد زيارته إلى الكويت على رأس وفد رسمي، وذلك مع شركة النفط الوطنية، مؤسسة البترول الكويتية (KPC)، وما تضمنه الاتفاق، أن لبنان بدأ منذ ذلك التاريخ استيراد نصف مليون طن متري من المازوت، عبر تسهيلات بالدفع تمتد لمدة ستة أشهر. يستهل الرئيس السنيورة حديثه قائلاً: "تابعت ما صرّح به اللواء إبراهيم عن سعي لبنان إلى إبرام اتفاق بين لبنان والكويت من دولة الى دولة، علماً أن هذا الاتفاق موجود منذ 15 عاماً وما زال ساري المفعول برعاية أمير الكويت حتى اليوم. وما يأتينا بموجب هذا الاتفاق من كميات من المازوت فهي لتلبية حاجات الدولة اللبنانية وفي مقدمها معامل الكهرباء التي تعمل بهذه المادة وهما معمل الزهراني ومعمل دير عمار. أمّا معملا الزوق والجيّة فيتم تشغليهما بالفيول الذي جرى إبرام إتفاق بشأنه مع دولة الجزائر، وميزة الاتفاق مع الكويت أنه يمنح لبنان سعراً تفضيلياً عن الأسعار المعتمدة دولياً على أن يتم تسديد ثمن كل شحنة من المازوت خلال 6 أشهر".

وسئل الرئيس السنيورة: لماذا الكلام في لبنان عن عبء فاتورة الاستيراد النفطي التي تكبد الخزينة نحو ملياريّ دولار سنوياً، فأجاب: "بالطبع، هناك أسعار عالمية لهذه المشتقات التي تعلو وتهبط بحسب تطورات السوق. ولبنان تكبّد نحو ملياريّ دولار عندما كانت الأسعار مرتفعة، لكنها تراجعت إلى نحو مليار ونصف مليار دولار عندما ساد الركود أسواق النفط. لكن لبنان لا يزال يتمتع بسعر تفضيلي لمستورداته من الكويت".

 نصف مليون طن متري تأتي الى لبنان من الكويت، لكن  وزير الطاقة والمياه ريمون غجر أطلق مفأجاة قبل أيام عندما أعلن أن "المازوت يتبخّر ونريد أن نعرف أين تذهب الكمّيات ما بين التخزين والتهريب". هذه المفاجأة غير السارة إطلاقاً لعموم اللبنانيين، تعني أن الجهات الرسمية وجدت مبرراً لهذه العتمة غير المسبوقة التي يغرق فيها لبنان بسبب فقدان المشتقات النفطية التي يجري بها تشغيل معامل الكهرباء الأربعة من جنوب لبنان الى شماله. فهل من تفسير لهذه الأحجية التي أتت على لسان المسؤول الأول في هذا القطاع؟

يقول خبراء في القطاع إن الأزمة الفعلية التي يواجهها لبنان هي فقدان الاعتمادات في القطاعيّن العام والخاص لتمويل شراء المشتقات النفطية. لكن هؤلاء يقولون إن هناك علامات استفهام حول مصير الواردات وأهمها من الكويت التي لا تتعامل مع لبنان من زاوية ربحية بحتة، ما يعني أن هناك عملية استيلاء على هذه الواردات التي تحظى أوّلاً بدعم من المصرف المركزي لجهة تمويل شرائها بالدولار، كما تحظى ثانياً بتسهيلات من بلد المنشأ بفضل العقد المبرم بين لبنان والكويت قبل 15 عاماً. وبسبب إنهيار سعر صرف الليرة مع ثبات سعر المشتقات النفطية على أساس سعر صرف لليرة يعود إلى زمن ولى، جعل هناك هامشاً واسعاً للربح لكل من يسعى إلى تخزين هذه المواد ليعاد بيعها في السوق السوداء، أو العمل على تهريب هذه المواد إلى سورية التي هي في حاجة ماسة لها بسبب العقوبات المفروضة على النظام السوري، والتي دخلت الآن مرحلة متشددة بفعل قانون قيصر.

 

خبراء: مرحلة قاسية مقبلة على لبنان

بسبب عدم قدرة المصارف على تمويل المشتقات النفطية

 

ماذا تعني كل هذه المعطيات؟ في رأي هؤلاء الخبراء أن مرحلة قاسية مقبلة على لبنان بسبب عدم قدرة المصارف المحلية على تمويل شراء المشتقات النفطية لعجزها على الحصول على تغطية من البنوك الخارجية بسبب فقدان مصارف لبنان للملاءة المطلوبة، ولفت هؤلاء الانتباه إلى أن الكويت التي غطّت حاجات الدولة من المازوت فهي قامت بذلك عبر شركتها الوطنية التي تعتمد قواعد العمل المتبعة في الشركات عالمياً.

في المقابل، بدت أوساط رسمية بعيدة عن هذا الواقع بعد ان أحاطت مهمة الموفد الرئاسي اللبناني بتوقعات لا تستند الى الواقع، فاعتبرت أن تغطية الفيول من الكويت من دون استنزاف احتياطات مصرف لبنان، سيخفض الضغط على الدولار ويحسن سعر صرف الليرة، كما شملت توقعات هذه الأوساط تفاؤلاً مماثلاً حيال ما انتهت اليه محادثات أجراها وفد عراقي رسمي ضمَّ وزير النفط احسان عبد الجبار، ووزير الصناعة والمعادن منهل عزيز، ووزير التجارة علاء الجبوري، لافتة النظر إلى أن الوفد طرح تصدير النفط العراقي إلى لبنان مقابل منتجات زراعية وصناعية، لكن سرعان ما ظهرت انتقادات في العراق لما جرى الحديث عنه في لبنان، ليتبيّن لاحقاً أن اقتراح تزويد بغداد بيروت بالفيول لا يفي بالمطلوب بسبب نوعية هذا المشتق النفطي العراقي الذي يتميّز بثقل لا يمكن لمعامل الكهرباء في لبنان وتحديداً في الزوق والجيّة استخدامه.

 هل بات لبنان عالقاً بين فكيّ أزمات سياسية وإقتصادية؟ لا يبدو أن الجواب سلبياً طالما أن هذه الأزمات تشتد الآن ولا تنفرج.