تونس بعد "كوفيد-19": انكماش إجمالي الناتج المحلي 4.3 %

  • 2020-07-23
  • 21:54

تونس بعد "كوفيد-19": انكماش إجمالي الناتج المحلي 4.3 %

  • بيروت – "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"

أظهر تقرير حول تجاوب تونس مع "كوفيد-19 " صادر عن البنك العربي التونسي ووكالة ترويج الاستثمار الخارجي- تونس ومجموعة أكسفورد للأعمال أنه ووفق معهد الإحصاء الوطني في تونس، انخفضت صادرات البلاد بنسبة 23.8 في المئة في الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي، إلى 14.9 مليار دينار مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019، كما تراجعت واردات البلاد بنسبة 24.1 في المئة إلى 21 مليار دينار في الفترة نفسها، ما نتج عنه عجزاً تجارياً ما بين 2 إلى 6 مليارات دينار. ويتوقع صندوق النقد الدولي، انكماشاً في إجمالي الناتج المحلي التونسي بنسبة 4.3 في المئة العام 2020 ليعود ويتعافى وينمو بنسبة 4.1 في المئة العام 2021.

وتأتي توقعات صندوق النقد حول التعافي بموازاة استجابة الحكومة السريعة للأزمة والإجراءات التي اتخذتها تونس لمواجهة الوباء في آذار/ مارس الماضي. فقد وفرت الحكومة دعماً مالياً بقيمة 2.5 مليار دينار للحفاظ على الأعمال والوظائف، وتضمنت حزمة الإجراءات تأجيل دفع الرسوم للشركات الصغيرة والمتوسطة مدة ثلاثة شهور ورسم الديون، بالإضافة إلى توفير دعم مالي للعاطلين عن العمل وللعائلات المحتاجة إلى جانب نحو 950 مليون دينار كدعم مالي لذوي الدخل المحدود وأصحاب المهن الحرة.

هذا، وقد حصلت تونس على هبة مالية على شكل مساعدة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 250 مليون يورو، و745 مليون دولار كتمويل طارئ من صندوق النقد الدولي يساوي نحو 2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في تونس، وذلك في إطار برنامج التمويل السريع لمساعدة السلطات التونسية على التعامل مع "كوفيد-19"، كما وخصص البنك الدولي مشروع دعم بقيمة 20 مليون دولار للقطاع الصحي والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأضيف هذا التمويل إلى 15 مليون دولار حصلت عليها تونس في وقت سابق، دعماً لمبادرة الري، فضلاً عن قرض بقيمة 180 مليون يورو من بنك التطوير الأفريقي.

 

مركز تجاري بين أوروبا وأفريقيا

 

وقال مدير عام وكالة ترويج الاستثمار الخارجي- تونس عبدالباسط غنمي في التقرير إن أحد تأثيرات "كوفيد-19 " هو إعادة هيكلة سلاسل القيمة العالمية، ما سيؤدي إلى زيادة اهتمام المستثمرين الأوروبيين بالحوض الجنوبي للمتوسط، مما يشكل فرصة عظيمة لدول شمال أفريقيا عموماً ولتونس بشكل خاص لجذب استثمارات في المساحات الخضراء.

وأضاف أن الأزمة أضاءت على فرص الاستثمار في نشاطات ذات قيمة مضافة في القطاع الرقمي، حيث أظهرت الشركات قوتها وإبداعها خلال الوباء، كما إن تونس في موقع يمكّنها من تطوير صناعتها الصحية في مجال صناعة الأدوية، والمعدات الطبية وذات الصلة إضافة إلى الأعمال المرتبطة بالزراعة، ولفت إلى أن البلاد تعبر حالياً مرحلة التعافي في قطاع صناعة الطيران والسيارات الذي سجل نمواً مهماً خلال العقد الماضي ومن المتوقع أن يجذب مشاريع ذات قيمة مضافة في الأعوام المقبلة.

 

ميزتان أساسيتان ستعززان جاذبية تونس

أمام الاستثمار الأجنبي

 

وتحدّث غنمي عن ميزتين أساسيتان ستعززان جاذبية تونس أمام المستثمرين الأجانب؛ الميزة الأولى، موقع البلاد الجيو-استراتيجي الذي سيسهل إعادة تموضع سلاسل الإنتاج العالمي، تحديداً مع بروز مفهوم القرب nearshoring، حيث إن عدداً كبيراً من الشركات تبحث عن نقل الإنتاج إلى بلدان مجاورة لتصبح قريبة من أسواق الاستهلاك، وسيكون بمقدور تونس، في مرحلة ما بعد "كوفيد-19"، تعزيزموقعها كمركز تجاري مدعوم باتفاقات التجارة الحرة المتعددة الموقعة، وهو ما قد بنت حوله تونس إستراتيجيتها للعام 2021 كما ذكر التقرير، أما الميزة الثانية، فهي امتلاك تونس لموارد بشرية ومهارات بتكلفة متدنية نسبياً.

ولفت غنمي النظر إلى أن التحدي الجاثم أمامنا في المرحلة المقبلة يتمثل في القدرة على جذب استثمارات إضافية تناسب مزايانا التنافسية، وأضاف التقرير أنه على الرغم من موقع تونس الإستراتيجي ومهارات قوتها العاملة، وموقعها الذي يخولها مواصلة جذب الاستثمارات، إلا أن عدداً من التحديات البنيوية والإجتماعية والاقتصادية معرضة لخطر التزايد نتيجة الأزمة، ويجب معالجتها لضمان تعافٍ مستدام. وأحد هذه التحديات والذي يثير المخاوف بالنسبة إلى الاقتصاد هو الدين العام الذي زاد من 40.7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العام 2010 إلى 76.7 في المئة العام 2018. إليه، يضاف انخفاض قيمة الدينار وعلى البلاد تجاوزه، فقد سجل الدينار هبوطاً توازي نسبته الثلث مقابل اليورو منذ العام 2015، علماً أن صندوق النقد الدولي يقدر سعر الدينار أعلى من قيمته الحقيقية بنسبة تتراوح ما بين 10 و15 في المئة.

 

أهمية السياحة والزراعة والصناعة

لإنعاش الاقتصاد

 

وأشار التقرير إلى أن إنعاش قطاعات مثل السياحة والزراعة والصناعة أمر أساسي للبلاد لتكوين احتياطات من العملة المحلية تحتاجها كثيراً. ووفق استطلاع الرؤساء التنفيذيين فإن 38 في المئة منهم يتوقعون أن يساهم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والابتكار في تعزيز النمو العام 2021، تليه الصناعة بنسبة 14 في المئة، والطاقة بنسبة 8 في المئة والزراعة بنسبة 8 في المئة أيضاً.

ويظهر الاستطلاع نفسه، أن 54 في المئة من مجتمع الأعمال يؤمن أن "كوفيد-19 " من المرجح أو من المرجح جداً أن يؤدي إلى تعاظم فعالية الإدارة العامة، بينما 24 في المئة قالوا عكس ذلك و24 في المئة غير متأكدين من ذلك، علماً أن الحكومة التونسية كشفت أواخر حزيران/ يونيو الفائت عن خطتها للإنقاذ والتعافي، لدعم القطاعات الأكثر تأثراً بالأزمة وتعزيز الأمان والاستقلال الاجتماعي، وتهدف الخطة إلى إطلاق عجلة النمو الاقتصادي عبر ضخ 3 مليارات دينار في مشاريع حكومية مؤجلة.

ومن ناحية القطاع الخاص، وفّر الوباء بالنسبة إلى شركات كثيرة، الوقت والفرصة لمراجعة نماذج أعمالها وإستراتيجياتها الداخلية.

 

العمل عن بُعد

وتوقع التقرير أن أحد أهم التغيرات التي شهدتها مرحلة كورونا والمرجح أن يستمر في مرحلة ما بعد "كوفيد-19 " هو العمل عن بعد، مع العلم أنه وعلى الرغم من أن قطاع الخدمات شهد زيادة في مساهمته بالناتج المحلي في الأعوام الأخيرة، إلا أن القطاعات التي تعتمد على اليد العاملة تبقى أكبر المساهمين فيه، إذ مثلاً، يوظف قطاعا الصناعة والزراعة 526 ألفاً و500 ألف شخص ويمثلان على التوالي 15 في المئة و10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

وأخيراً، يتوقع 68 في المئة من الشركات المستطلعة تراجعاً في إيراداتها السنوية العام 2020 مقارنة بالعام الماضي، بينما 18 في المئة يتوقعون استقرارها و10 في المئة زيادة فيها مقابل 4 في المئة غير متأكدين، وتقدّر 46 في المئة منها هبوطاً بنسبة تتراوح ما بين 0 و40 في المئة، بينما توقع 18 في المئة تراجعاً بأكثر من 41 في المئة.