عُمان في عهد السلطان هيثم: تغييرات حكومية لمرحلة جديدة
عُمان في عهد السلطان هيثم: تغييرات حكومية لمرحلة جديدة
في ظل الانكماش الاقتصادي
- رشيد حسن
لكل زمان دولة ورجال، والزمان الآن في سلطنة عُمان أصبح يعود إلى السلطان هيثم بن سعيد.
ففي 18 آب/أغسطس فاجأ السلطان هيثم بن طارق آل سعيد الرأي العام العماني والدولي بسلسلة من المراسيم السلطانية التي أعادت تشكيل الحكم ورسمت صورة النخبة، التي يريد السلطان الاستناد إليها، لتكون ركيزة عهده والمحرك الدافع لعمان الجديدة التي ستكون صورة عن رؤيته لعمان الدولة ودورها الإقليمي والدولي.
انتقال هادئ
المراسيم الـ 28 التي أصدرها السلطان هيثم تعلقت أوّلاً بانتقال هادئ من الفريق الذي رافق السلطان الراحل قابوس ومارس بعض ممثليه الحكم لعقود مستمرة، إلى الفريق الجديد الذي يريد السلطان له أن يكون فريق رؤية عمان 2040 المكلف بقيادة سفينة السلطنة وسط الأمواج المضطربة الاقتصادية والسياسية في المنطقة. وتحت هذا العنوان العريض، تمت إعادة هيكلة للوزارات عبر دمج بعضها أو تعديل اختصاص بعضها الآخر، لكن تحت العنوان نفسه، قام السلطان للمرة الأولى بتعزيز دور الأسرة الحاكمة في الدولة وخصوصاً في الوزارات المهمة مثل وزارة الخارجية والدفاع، كما أدخل أيضاً سابقة ذات دلالة، هي تعيين ابنه ذي يزن في منصب وزير الثقافة والرياضة والشباب، الأمر الذي يضعه في تماس مباشر مع الأجيال العمانية الشابة ويمهد لإعطائه أدواراً سياسية في المستقبل.
خروج بن علوي
خروج بن علوي من وزارة الخارجية، والذي يعدّ أمراً طبيعياً بعد الخدمة الطويلة (23 عاماً)، كان أهم التغييرات، خصوصاً أن الوزير كان يتمتع بشخصية مميزة وحضور دبلوماسي وازن، إلى درجة تحول إلى رجل الدبلوماسية العمانية لأكثر من عقدين. وعلى الرغم من ذلك، فإن تسليم وزارة الخارجية للمرة الأولى إلى واحد من وجوه الأسرة الحاكمة، قد يكون الفاتحة الطبيعية لسياسة خارجية تتأثر برؤية السلطان هيثم، كما تعكس الظروف الداخلية لعُمان من جهة، والتوازنات الإقليمية والدولية التي تواجهه والتي قد تكون مختلفة عن تلك التي عمل في ظلها السلطان الراحل قابوس من جهة ثانية.
إلا أن أهم المتغيرات التي تواجه السلطان هيثم هو الوضع الاقتصادي للسلطنة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية وتراجع أسعار النفط وتراجع الصادرات والسياحة وتدفقات الاستثمار نتيجة انتشار وباء كورونا.
وأبقى السلطان هيثم على د. محمد بن حمد بن سيف الرمحي وزيراً للطاقة والمعادن (مع تعديل مسمى الوزارة التي كانت وزارة النفط والغاز) بحيث تعتمد السلطنة على صادراتها من النفط والغاز لتحقيق 70 في المئة من عائداتها الحكومية. وبحسب الخبراء النفطيين، تحتاج مسقط إلى سعر افتراضي يقارب 82 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها، وهو أمر بعيد الاحتمال في ظل الظروف الحالية للسوق، الأمر الذي سيفرض على السلطنة المزيد من الاقتراض، كما سيفرض خفض الإنفاق على المشاريع الجديدة، وكل ذلك، لا بدّ أن ينعكس تراجعاً في نشاط القطاع وفي خلق فرص العمل الجديدة. وبالفعل دخلت حكومة السلطنة مرحلة تقشف تمثلت خصوصاً في توجيه وزارة المالية للوزارات والهيئات الحكومية كافة بضرورة تطبيق تخفيض إجمالي في الإنفاق لا يقل عن 10 في المئة إلى جانب الحرص على عدم تسريح الموظفين الحكوميين العُمانيين أو تخفيض رواتبهم.
الهدف الأول للمراسيم
يبقى القول إن الهدف الأول لسلسلة المراسيم السلطانية الأخيرة هو تجديد السلطة التنفيذية التي مرّ عليها عقود طويلة تمكنت خلالها من التطور، لكنها باتت تواجه اليوم تغييرات شاملة وتحديات تفترض صعود قيادات جديدة للتعامل مع المتغيرات، وقد أخذ السلطان هيثم بن سعيد ثمانية أشهر من أجل دراسة وضع الإدارات العمانية الموروث من المرحلة السابقة وتقييم وضع كل وزارة ومؤسسة وانتهى إلى وضع تصوره المتكامل للمرحلة الجديدة.
ولكن بغض النظر عن الإصلاحات الداخلية المرتقبة، فإن السلطان هيثم ينوي المحافظة على أحد أهم الثوابت التي اعتمدتها السلطنة في ظل السلطان الراحل قابوس بن سعيد، وهو الحياد في السياسة الخارجية مع الابتعاد قدر الإمكان عن المحاور أو القضايا الخلافية في المنطقة.
إلا أن السلطان هيثم يواجه في الوقت نفسه، متغيرات أساسية منها التحديات التي تواجه الاقتصاد العماني، وكذلك التحولات الجيوسياسية في المنطقة، فهذه العوامل قد تدفع إلى إعادة تقييم السياسة الخارجية العمانية وموازين التحالفات وهي عوامل قد تعزز التوجه إلى نوع من "الحياد الإيجابي" يعزز العلاقة مع دول الخليج وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية، وقد يهيئ الأجواء لقيام السلطنة بطلب دعم خليجي استثنائي يساعدها على الصمود في الظروف الصعبة للركود وانخفاض أسعار النفط ومضاعفات وباء كورونا.
هذه أبرز عناوين التغييرات في سلطنة عُمان في مرحلة السلطان هيثم
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال