رئيس "بنك البحرين الإسلامي": تعزيز الملاءة والرقمنة لدعم النمو

  • 2020-01-14
  • 10:18

رئيس "بنك البحرين الإسلامي": تعزيز الملاءة والرقمنة لدعم النمو

  • عاصم البعيني

يقف "بنك البحرين الإسلامي" على أبواب مرحلة جديدة مع تقدُم "بنك البحرين الوطني" بعرض للاستحواذ على كامل أسهمه، في خطوة تتلاقى مع جهود الإدارة التي أعادت وضع البنك على المسار الصحيح من خلال العودة إلى أساسيات العمل المصرفي. ومن شأن ذلك أن يعزز الملاءة المالية ويدعم خطة الإدارة التنفيذية الهادفة إلى تعزيز النمو عبر تسهيل الخدمات واستكمال ضبط الميزانية من خلال بيع الأصول غير المدرة.

كذلك يتبنى البنك خطة طموحة للتحول الرقمي لمواكبة متطلبات شريحة الشباب من العملاء عبر تسهيل إجراءات الخدمات والتوسع فيها، إذ يستعد لطرح خدمات التمويل الشخصي وغيرها، وسط مؤشرات على نمو واضح في خدمات التجزئة كمصدر مهم لزيادة الدخل التشغيلي. 

يُبدي الرئيس التنفيذي في "بنك البحرين الإسلامي" حسان جرار ارتياحه وتفاؤله تجاه عرض الاستحواذ المقدم من "بنك البحرين الوطني"، ويرد هذا التفاؤل إلى ما يتمتع به الأخير من متانة مالية ما يشكل عنصراً مهماً في تعزيز الملاءة المالية لـ "بنك البحرين الإسلامي"، لا سيما أن خيار زيادة رأس مال البنك كان مطروحاً قبل عرض الاستحواذ. 

تعزيز الملاءة

يوضح جرار أن فكرة زيادة رأس المال شكّلت عنصراً مهماً في المفاوضات الجارية سواء مع "مصرف البحرين المركزي" أو مجلس إدارة "بنك البحرين الإسلامي"، غير أنه من السابق لأوانه الحديث عن طبيعة أو شكل تلك الزيادة، معتبراً أن الاستحواذ المحتمل ينطوي على مزايا عدة وقيم مضافة إلى المصرفيين نظراً لوجود قاعدة مشتركة من العملاء، ما يوفر مستوى أفضل من الخدمات ويضفي عليها مزيداً من التكامل. كما أن من شأن الاستحواذ أن يساهم في تعزيز فاعلية وأداء المصرفيين وخفض التكلفة عبر خيارات عدة من بينها على سبيل المثال، تأسيس شركة مشتركة تتولى الإشراف على نشاطات متشابهة في مجالات ليس لها بالضرورة صلة مباشرة بصلب النشاط المصرفي.

تحول رقمي طموح 

سبق للبنك أن تبنى خطة طموحة للتحول الرقمي في سياق التحولات الجذرية التي يشهدها منذ سنوات، وقبل الغوص في تفاصيلها ينطلق جرار من حقيقة أن ليس هناك أي مصرف في المنطقة مستعد لتبني خيار التحول الرقمي الكامل في مقابل التخلي عن الفروع التقليدية نظراً إلى وجود شريحة واسعة من العملاء غير مستعدة لمواكبة هذا التغيير، معتبراً أنه ليس من المنطقي أن يتخلى أي مصرف عن شريحة من العملاء واكبته على مدى سنوات طويلة سابقة. 
في المقابل يضيف جرار أن التكنولوجيا تسير بوتيرة متسارعة، حتى أصبح لدى كبرى الشركات العالمية ومن بينها فيسبوك وأمازون وغوغل بطريقة أو بأخرى مصارفها الخاصة أو خدماتها المالية الرقمية، مشيراً إلى أن هذا الواقع وضع المصارف بمفهومها التقليدي أمام حقيقتين: حاجتها إلى حماية نفسها من شركات التكنولوجيا المالية (Fintech)، والعمل على تلبية متطلبات عملائها من الجيل الجديد وتحديداً شريحة جيل الألفية (Millennials Generation)  والجيل "زد" (Generation Z) ممن يتطلعون لخدمات عبر الهواتف الذكية تمتاز بالسرعة والجودة بأسعار مقبولة مع توفرها على مدى 24 ساعة. 
ويخلص الرئيس التنفيذي إلى القول: " لذلك نحن نتبنى استراتيجية توازن بين التوجهين تحت مسمى (Phigital)، إذ وفي الوقت الذي يحرص فيه البنك على الاحتفاظ بفروعه بمفهومها التقليدي من حيث الخدمات والموظفين، فقد جرى تزويدها بالأجهزة الذكية التي توفر خدمات رقمية شاملة." وإذ يوضح جرار أن خطط التوسع المستقبلية ستكون حصراً عبر الفروع الرقمية، يؤكد بأن هذه الأخيرة لن تكون خالية تماماً من وجود عناصر بشرية وإن بأعداد محدودة خدمة للشريحة التي اعتادت على الشكل التقليدي للخدمات. 
من جهة أخرى، يلفت جرار النظر إلى أن الحديث عن التحول الرقمي لا يفترض أن يقتصر على فكرة التوسع في الفروع الرقمية، مؤكداً وجود تحديين أمام المصارف: الأول، يمكن في كيفية الاستمرار بتطوير تجربة المستخدم النهائي من خلال التطبيقات والمنصات المختلفة عبر الإيحاء للعميل بأن ما يطلبه من خدمات بات متوفراً بشكل سريع وآمن، موضحاً أن البنك بات يوفر حالياً نحو 25 في المئة من الخدمات التي يطمح ويخطط لها عبر التطبيق الخاص به، وسيبدأ خلال العام الحالي (2020) بتوفير حزمة جديدة من الخدمات أكثر عمقاً من بينها التسهيلات الشخصية وفتح الحسابات للشركات الصغيرة والمتوسطة. 
أما التحدي الثاني، فيتمثل في كيفية رفع كفاءة العاملين وتغيير ثقافتهم لجهة تعميق معرفتهم التكنولوجية ومتابعة هذه الخدمات وقياس أدائها بمنظور مختلف عن السابق، لا سيما من العاملين في إدارات لا صلة لها مباشرة بالخدمات كإدارة الالتزام والتمويل التدقيق الداخلي.

طموحات مستقبلية 

ويبدو جلياً أن "بنك البحرين الإسلامي" لديه طموحات تكنولوجية مؤسسية تتجاوز مجرد الحديث عن الرقمنة، وفي هذا السياق يكشف جرار عن التوقيع على مذكرة تفاهم مع حاضنة أعمال لمّد البنك بمجموعة من المبادرين، على أن يوفر لهم رأس مال الأولي (Seed    Capital) وبيئة حاضنة متكاملة لهم في مقره، بحيث يدخلوا في برنامج تنافسي يتمثل بوضع حلول للتحديات الرقمية التي تواجه البنك أو منحهم مهمة تطوير خدمات مبتكرة، مشيراً إلى أنه سيجري اختيار فائز في نهاية البرنامج على أن ينضم إلى فريق عمل البنك أو توظيفه كمستشار تقني. ويضيف بأن البنك يتطلع إلى التوسع في هذا الجانب باعتباره جزءاً من المسؤولية الاجتماعية الهادفة إلى تطوير كوادر متخصصة، وأن هذا التوجه قد يشكل فيما بعد محطة مهمة على طريق تملك البنك على المدى الطويل لذراع متخصصة في مجال التكنولوجيا.  
أما حول أثر التحول الرقمي على التكلفة، فيميز جرار بين مرحلتين الأولى وتكون فيها التكلفة مرتفعة نتيجة الاستعانة بأنظمة تقنية جديدة وما يرافقها من تكاليف صيانة (Cost of Customer Acquisition)، على أن تبدأ بالانخفاض بنسبة تتراوح بين 50 إلى 60 في المائة بعد سنوات ومع دخول هذه الأنظمة مرحلة الانتظام، ما يعني بالتالي انخفاض التكلفة إلى الدخل (Cost to income ratio). ويوضح جرار أن البنك يركز بصورة أكبر على دعم الميزانية المخصصة للتكنولوجيا على أن تستحوذ مستقبلاً على النسبة الأكبر من إجمالي الانفاق مع التطلع لضخ مزيد من الاستثمارات والتوسع في تطبيقها بحيث تشمل استخدمها في إدارات عدة كالتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، معتبراً أن الإنفاق على التكنولوجيا يبقى خارج النقاش الحاصل المطالبة بخفض المصارف لمصاريفها التشغيلية. 

التجزئة تقود النمو

يعد "بنك البحرين الإسلامي" الأسرع نمواً من بين المصارف في البحرين، إذ أن معدل النمو في الدخل التشغيلي يبلغ نحو 60 في المئة، وحول فرص المستقبلية التي تدعم استمرار هذا التوجه، يتوقّع جرار تحقيق نمو في خدمات التجزئة وتحديداً عبر التمويل الشخصي وإقبال واضح على بطاقات الائتمان، مع الإشارة إلى أن البنك يأتي في المرتبة الثانية محلياً في إصدار هذه البطاقات، ويكشف أن حجم التسهيلات الممنوحة للأفراد خلال شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر الماضيين حققت زيادة بنحو 50 في المئة مقارنة بمتوسط النمو خلال الفترة نفسها من العام الماضي، مستفيدة من تسهيل الإجراءات الخاصة بالخدمات عبر التطبيق الخاص بالبنك وفتح الفروع خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى جانب تقديم منتجات ذات تنافسية وابتكار منتجات جديدة.
 ويضيف جرار أن السيولة المحدودة والمخاطر المرتفعة في المنطقة، تدفع البنك للتعامل بحذر مع قطاعات الشركات وسط حرص على توظيف موارد البنك مع شريحة العملاء من الشركات من محفظة عملائه الحاليين ممن يدرك واقعهم بدقة واحتياجاتهم، مع التحفظ في استقطاب عملاء حيث تكون المخاطر أعلى. 

العودة إلى الأساسيات

هذه الطموحات التي بات عليها "بنك البحرين الإسلامي" ما كانت لتتحقق لولا القيادة الحكيمة التي اعتمدها حسان جرار منذ توليه مهامه مع دخول مساهمين جدد في العام 2013، وكان عنوانها العودة إلى أساسيات العمل المصرفي، وهنا يقول إن البنك مرّ بمراحل صعبة، حيث جرى العمل على محاور عدة لتجاوزها من بينها الارتقاء بالإدارة، وصقل تجربة الموظفين وتطوير قدراتهم، مع الاستعانة بعدد محدود من الخارج في مواقع محددة كإدارة الالتزام والحوكمة ترجمة للحرص على الوفاء بكافة متطلبات مصرف البحرين المركزي، والعمل على إعادة التأكيد على مبادئ الصيرفة الإسلامية، إلى جانب خطوات أخرى كتغيير النمط الإداري السائد داخلياً ومراجعة بنود المكافآت والمستحقين لها. 
أما المحور الثاني والاهم فيكمن في الجانب التشغيلي، إذ كان لا بد، بحسب جرار، من إعادة التأكيد على أن دور البنك ينحصر في قبول الودائع تمويل الأفراد والشركات والاستثمار في الصكوك المصنفة المصدرة في البحرين والخليج، وما يعنيه ذلك من التخلي عن أي استثمارات تخرج عن هذه الأطر حتى ولو كانت مربحة وكذلك التخارج من الأصول غير المدرة. ويضيف أنه وتطبيقاً لهذا التوجه فقد جرى التخارج من نحو 50 في المئة منها مع وجود توجه للاستمرار في ذلك، مشيراً إلى أن الأصول المتبقية هي الأقل جودة من بينها عقارات نائية في البحرين واستثمارات ذات ملكيات متشابكة في دبي ما يحد من فرص التخارج منها وذلك نتيجة انخفاض تقييمها مقارنة بسعر الشراء وعدم توفر سيولة وفيرة في الأسواق. 
ويتابع جرار أنه "جرى منذ البداية وضع خطة امتدت لسبع سنوات للتخارج من هذه الأصول، وعليه فهي مستمرة للسنوات الثلاث المقبلة، ما يعني أن سياسة تجنيب المخصصات ستبقى بنفس الوتيرة خلال تلك الفترة." وفي هذا السياق ينوه جرار بالآلية التي اعتمدها "مصرف البحرين المركزي" في التعامل مع البنك، لا سيما وأنه كان الصعب اللجوء إلى خيار التنظيف الشامل للميزانية بشكل مباشر كون المخصصات في هذه الحالة كانت ستؤدي إلى تآكل حقوق المساهمين، وهو خيار لم يكن وارداً في ظل الواقع المالي للبنك.