هل يتجه لبنان لاعتماد سعر أولي وواقعي للدولار؟
هل يتجه لبنان لاعتماد سعر أولي وواقعي للدولار؟
الدعم والليرة "قيد" تدابير جديدة لمصرف لبنان
- علي زين الدين
كشفت المبادرة المزدوجة التي أقدم عليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بوضع مسألتي الدعم والليرة على جدول أعمال المرجعيات الدستورية، جانباً من حقيقة المخاطر العاتية التي ستلم وشيكاً بكامل مقومات البلد "المنكوب" والحاجة الملحة الى اجراءات تقنية تكبح فوضى الأزمة النقدية العارمة، بالتوازي مع جهود "ناجعة" لتسريع الخروج من حال الصدام والمراوحة الداخلية في مقاربة الملف الحكومي الشائك.
وبدا واضحاً من خلال جولات حاكم مصرف لبنان التي شملت خصوصاً حكومتي تصريف الأعمال و"قيد التأليف" وختمها في القصر الجمهوري، ان "فقدان السيطرة" قد يتعدى سريعاً الشأن النقدي ليضرب بعنف في معيشة الناس. فالاحتياط الحرّ لدى مصرف لبنان بلغ مستوى الجفاف. ومد اليد الى الاحتياطي الالزامي الخاص بودائع الناس أيضاً، يستلزم حزمة تدابير نقدية تهدف الى اعادة تنظيم الأسواق، ويؤمل توازيها مع "انفراجات" تضمن إعادة انتظام مؤسسات الحكم في لبنان.
قد يهمك:
هل وصلت حاكمية مصرف لبنان إلى الحائط المسدود؟
ومع "الاستئناس" بالملاحظات المجمعة، يرتقب أن يشرع البنك المركزي بتنفيذ الشق التقني الاسبوع المقبل، مع التطلع الى "تعظيم" فوائده المنتظرة بحصول تقدم نوعي على الجبهة السياسية. والربط الجدلي بين الشقين يتصف بموضوعية ناجزة، حيث أثبتت تجربة "الدعم" طوال أشهر الأزمة المتواصلة منذ اندلاع ثورة 17 تشرين الأول/اكتوبر 2019، ان المسكنات لا توقف نزف الجروح الغائرة، بل انها خففت جزئياً من تفاقم الأزمة المعيشية الخانقة، إنما بكلفة تخطت 9 مليارات دولار من احتياطات البلد والبنك المركزي.
بالنتيجة، وصلت حاكمية مصرف لبنان الى الحائط المسدود، ولا مفرّ من محاولة فتح كوة ترجىء استحقاق المخاطر الكبرى وتكفل "شراء" بضعة اسابيع اضافية لصالح أولي الأمر لإنضاج المعالجات السياسية التي تعيد فتح أبواب لبنان الى العالم وعقد اتفاق البرنامج مع صندوق النقد الدولي. فالصرف من الاحتياطي سيبلغ عاجلاً أم آجلاً حدود التعذر الواقعي، وستعجز اي حلول او اجراءات لاحقة عن الحؤول دون "الاصطدام الكبير" والسقوط الحر للبلد بكامل قطاعاته ومؤسساته.
إقرأ أيضاً:
الدولة تنذر اللبنانيين: الآتي أعظم!
آليات ونسب تمويل الدعم ستتبدل تباعاً
ضمن هذه المعطيات ونذرها الكارثية، انخرط البنك المركزي محكوماً لا حاكماً بتنفيذ سياسات جديدة على جبهتي الدعم والنقد، وذلك عبر استهداف تقليص فاتورة الدعم التي تستهلك نحو 500 مليون دولار شهرياً، ورفدها بالسعي لكبح جماح الدولار في الاسواق الموازية. وبات مؤكداً انه باستثناء القمح والدواء ستتبدل تباعاً آليات ونسب تمويل دعم استيراد المحروقات والسلع الغذائية والمواد الأولية وسائر السلع المدعومة، وبما يضمن خفض الفاتورة الكلية الى النصف لتغطية ما أمكن حتى أشهر قليلة مقبلة، وذلك بالتوازي مع استعادة الحضور في أسواق المبادلات النقدية سعياً لاعادة "بعض" الاعتبار للمداخيل بالليرة.
وتنشد الاجراءات التقنية الموعودة في المجال النقدي إعادة الانتظام الى سوق القطع عبر اشراك الجهاز المصرفي في المبادلات اليومية التي يسيطر تجار العملات على الجزء الأكبر منها، وذلك عبر "إنعاش" المنصة الالكترونية، بحيث تصبح ثلاثية الاضلاع لتضم البنك المركزي كناظم وصانع للسوق من خلال تدخله المباشر بائعاً وشارياً فوائض العرض والطلب، والمصارف كطرف جاهز تقنياً وملتزم بكامل تعليمات السلطة النقدية، اضافة الى شركات الصيرفة من الفئة الأولى التي شاركت سابقاً في تدبير مشابه لم يثمر النتائج المرجوة منه.
اتجاه لاعتماد سعر واقعي للدولار؟
ويرجح، أن يتم تجديد الانطلاق الموعود للمنصة عقب صدور التعميم الناظم عن مصرف لبنان منتصف الاسبوع المقبل، على أن يليه تنفيذياً اعتماد سعر أولي وواقعي للدولار، حيث يتوقع معنيون ان ينقص التسعير عن المستوى المبالغ به في التداولات الاخيرة للاسواق الموازية الذي تعدى عتبة 15 الف ليرة. ويرتقب، بحسب مصادر متعددة، أن يعود به "اللاعب الأقوى" الى ما قبل الطفرة الاخيرة، أي ما يقارب 9 آلاف ليرة والتي ساهم البنك المركزي بحمايتها من دون تدخل "ظاهر".
في السياق، تتواصل المشاورات داخل المجلس المركزي لمصرف لبنان بشأن التعميم الرقم 151 الذي تنتهي مفاعيله آخر الشهر الحالي. وفي المعلومات المتوفرة ان الاقتراحات لا تزال متباينة حول الكيفية التي سيتم اقرارها، بين مؤيد لتمديد العمل بالآليات الحالية القاضية بتسعير السحوبات من الودائع الدولارية بسعر 3900 ليرة للدولار الواحد على ان يتم التشدد في تحديد هويات اصحاب الحق وحصرهم بالمودعين دون سواهم، وبين مطالب بخفض السعر الموازي بهدف الحد من انفلاش الكتلة النقدية بالليرة وتوجيه الجزء الفائض منها لشراء الدولار من السوق السوداء، اضافة الى رأي ثالث يطالب بإلغاء التعميم تماماً.
تجدر الاشارة الى مضمون البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية في هذا الشأن والذي انطوى على دعم لتحرك الحاكم بعد ان ابلغ المستشار المالي للرئيس ان "المصرف المركزي" قرر إطلاق العمل بالمنصة الالكترونية العائدة له بحيث يتم تسجيل كل العمليات وتصبح هي المرجع الاساسي للسعر الحقيقي للسوق. ويتضمن قرار مصرف لبنان ايضاً السماح للمصارف ابتداء من الاسبوع المقبل، بالتداول في العملات مثل الصرافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حسن سير العمل، وسوف يتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقاً للآليات المعروفة.
كما أبلغ رئيس الجمهورية حاكم مصرف لبنان "ضرورة التشدد للجم المضاربات وتنظيف القطاع المصرفي والتصميم على استعادة الثقة حتى يعود لبنان قاعدة مصرفية في المنطقة".
مؤسسات
أشخاص
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال