رغم امتصاصها لـ "صدمة" كورونا .. المصارف القطرية تشهد تراجعا في ارباح 2020

على الرغم من الانكماش الذي فرضته جائحة كورونا على مختلف القطاعات الاقتصادية في قطر كما في البلدان الاخرى، فإن المصارف القطرية المدرجة تمكنت من استيعاب صدمة الجائحة في 2020، والاستمرار في دعم الاقتصاد المحلي وتلبية احتياجاته التمويلية، من دون أن يسعفها ذلك في المحافظة على مستوى الأرباح نفسه الذي كانت حققته في العام 2019 والبالغ 24.3 مليار ريال، فتراجعت أرباحها في العام 2020 إلى 21.3 مليار ريال (5.8 مليارات دولار)، وهي الأرباح الأدنى منذ العام 2016. لكن من المتوقع أن تعود أرباح هذه المصارف إلى النمو في 2021 لتصل إلى 26.3 مليار ريال تقريباً.

العوامل التي أدت إلى تراجع الأرباح

شكل الانكماش الاقتصادي والإجراءات الوقائية والتحفيزية التي لجأت إليها غالبية دول العالم بما فيها قطر العام الماضي، أبرز العوامل التي أثرت في أداء المصارف القطرية، التي التزمت بالإجراءات الحكومية وتدابير البنك المركزي لجهة تأجيل تحصيل العمولات والفوائد على بعض القروض، واثر هذا الاجراء سلباً على الأرباح، فيما سجل إجمالي دخل الفوائد والعمولات الخاصة تراجعاً بنسبة 13.2 في المئة على أساس سنوي ليصل إلى 71.1 مليار ريال تماشياً مع هبوط اسعار الفائدة.

إلى ذلك، ارتفعت المخصصات بنسبة 71.9 في المئة لتسجل 10.5 مليارات ريال في السنة الماضية، لتغطية التراجع في جودة الائتمان نتيجة التبعات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا.

في المقابل، استفادت المصارف القطرية من نمو دخل الاستثمارات ورسوم الخدمات وتحويل العملات الأجنبية، إضافة إلى تراجع تكاليف التمويل بنحو 28 في المئة مع تراجع معدل الفوائد، ما ساعد في تحسن هامش صافي دخل الفوائد والعمولات الخاصة بمقدار 933 نقطة أساس ليصل إلى 54.0 في المئة في العام 2020. وعليه، سجل صافي دخل الفوائد والعمولات الخاصة ارتفاعاً بنسبة 4.9 في المئة ليسجل 38.4 مليار ريال.

مستويات قياسية للقروض وللودائع وسندات بـ 11,6 مليار دولار

أما بالنسبة إلى الودائع فارتفعت بنحو 6.0 في المئة على أساس سنوي لتصل قيمتها إلى 1.28 تريليون ريال، مدفوعة بنمو الودائع تحت الطلب المتعلقة بالقطاعين الخاص والحكومي. وقد عزز ذلك من قدرة المصارف على الاستمرار في تمويل مختلف القطاعات الاقتصادية ما رفع قيمة القروض الممنوحة إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق مسجلة 1.19 تريليون ريال ومرتفعة بنسبة 7.0 في المئة على أساس سنوي.

وبلغت نسبة القروض إلى الودائع نحو 93.6 في المئة مرتفعة بنحو 87 نقطة أساس ما يظهر استمرار توافر السيولة لدى المصارف لمواكبة أي ارتفاع محتمل على التمويل خلال الفترة المقبلة، حيث شهدت غالبية القطاعات الاقتصادية نمواً في الطلب على التمويل خلال عام الجائحة لتأمين النفقات التشغيلية ومتابعة برامج الانفاق الاستثماري ولاسيما بعد تراجع التدفقات النقدية من الانشطة التشغيلية.

هذا الامر دفع المصارف القطرية الى الحصول على قروض مجمعة واصدار سندات وصكوك مقومة بالدولار بقيمة 11.6 مليار دولار، وتأتي هذه الاصدارات على شكل سندات وصكوك متوسطة وطويلة الأجل بهدف استقطاب السيولة من جهة، ورفع المتانة الرأسمالية من جهة أخرى.

"توقعات "أولاً-الاقتصاد والاعمال

وفي ما جاءت نتائج المصارف القطرية المدرجة للعام 2020 مطابقة تقريباً للتوقعات التي كان نشرها "أولاً-الاقتصاد والأعمال" في تقرير بعنوان: المصارف القطرية في 2021: تموضع أقوى بعد المصالحة الخليجية، فإن "أولاً-الاقتصاد والاعمال" يتوقع أن تعود الأرباح في 2021 إلى النمو، لتصل قيمتها التقديرية إلى 26.3 مليار ريال، مع تحسن قدرة المصارف على تحصيل مستحقاتها المالية بعد انقضاء فترة السماح التي حددها البنك المركزي خلال جائحة كورونا وتحسن النمو الاقتصادي بفضل النجاح الذي سجلته دولة قطر في مكافحة الوباء، والاستمرار بالمشاريع المتعلقة بكأس العالم لكرة القدم العام 2022، إضافة إلى تخصيص 76 مليار ريال قطري في الموازنة العامة للدولة للإنفاق الرأسمالي على المشاريع. ومن المتوقع ايضاً أن تستفيد المصارف القطرية من بداية عودة الاستثمار الخليجي وتعافي التبادل التجاري مع بلدان الخليج الاخرى بعد اتمام المصالحة بداية العام الحالي، وهو ما قد ينعكس ايجاباً على اعمالها وقدرة أكبر على استقطاب الودائع ونمو محفظة الائتمان وتحسن جودتها.