منصة مصرف لبنان: الفعالية مرهونة بتعجيل السقف الحكومي

  • 2021-04-21
  • 10:30

منصة مصرف لبنان: الفعالية مرهونة بتعجيل السقف الحكومي

توجس من " استسهال " استعمال احتياطي الودائع

  • علي زين الدين

 ترجّح كفة "التشاؤل" على الآمال المعقودة بشأن الفعالية المرتقبة لتفعيل المنصة الثلاثية لتبادلات العملات بدءاً من أول الأسبوع المقبل، وقد لا يستلزم الأمر وقتاً طويلاً للجهر والاقرار، بأنه لم يكن بالإمكان تحقيق الاختراق الموعود ولو بحدوده الدنيا، طالما يتعذر – حتى إشعار آخر – الانطلاق من قاعدة سياسية متينة، بحيث تنضوي المعالجات النقدية بطابعها التقني تحت مظلة حكومة "مهمات" استراتيجية تشمل استئناف التواصل مع صندوق النقد الدولي.

 

قد يهمك:
"جمعية مصارف لبنان" تضع النقاط على مسبّبات الانهيار

 

واقع الأمر، أن هامش المناورة ضيق للغاية أمام صاحب المبادرة والادارة، أي مصرف لبنان المركزي، لتحقيق تحول جدي في احتواء الفوضى النقدية العارمة واستعادة دور السلطة النقدية المحوري كصانعة للسوق ومتحكمة بمجريات العرض والطلب، فما هو مؤكد وموثق ان مخزون الاحتياط الحرّ من العملات الصعبة شارف على النضوب، في ما ترتفع مخاطر المس بالاحتياط الالزامي للودائع، ما لم ترتكز على خطة وطنية متكاملة لفرملة الانهيار الشامل والاستجابة للمقتضيات التي تجتمع عليها المبادرات والتحركات الدولية وتصنّفها كشروط لازمة لمعاونة لبنان.

وفق أحدث البيانات المالية للبنك المركزي والموقوفة منتصف الشهر الحالي، تقلص المتوفر من احتياطات العملات الصعبة الى نحو 16.9 مليار دولار. وفي المقابل بلغ اجمالي ودائع المصارف المحررة بالعملات الأجنبية نحو 111 مليار دولار في نهاية الفصل الأول من السنة الجارية. بذا، يمكن الاستنباط بأن الاحتياط الالزامي يقارب حالياً نحو 16.5 مليار دولار، مما يعني ان الاحتياط الحرّ من أي التزامات مقابلة يقارب 500 مليون دولار فقط.

 

للمتابعة:
احتياطات لبنان على الصفيح الساخن المزدوج: الدعم والمنصة

 

ومن المهم الاشارة، الى ان اجمالي احتياط العملات الصعبة البالغ رقمياًَ 21.9 مليار دولار، يتضمن 5.03 مليارات دولار كسندات يوروبوندز يقل سعرها المتداول في الاسواق الخارجية عن 650 مليون دولار، في حال "رغب" الحاكم بتسييلها من خلال تحميلها للبنوك المحلية التي تحمل اساساً نحو 11 مليار دولار من السندات عينها، علماً ان مساوئ "التسييل" بأي طريقة في الظروف الحاضرة، تفوق بكثير المردود المهدد بالتبديد وعقم الفعالية.

بالتوازي لمحدودية الموارد التي يمكن استخدامها من قبل "المركزي" لتثبيت مركزية المنصة ودورها في إدارة الجزء الأكبر من عمليات الطلب الخاص بالاستيراد والتجارة الخارجية، يعلو توجس ادارات المصارف حيال امكانية "استسهال "ضخ دولار في عمليات المنصة من احتياطي الودائع بوصفها حقوق للمودعين دون سواهم، ويزيد توجسهم "ريبة" من امكانية طلب المعاونة عبر الحسابات الخارجية التي تماثل 3 في المئة من الودائع ، والتي ذاقوا الأمرين في السعي لإعادة تكوينها، التزاماً بتعليمات السلطة النقدية وتحت طائلة التلويح بالإحالة الى الهيئة المصرفية العليا.

ويؤكد مصرفيون تواصل معهم موقع "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال"، ان مبادرة مصرف لبنان تمتلك كل مقومات النجاح والفعالية في ما لو كانت مظللة بسقف سياسي وداخلي، ومقرونة بتسريع حسم ملف تأليف الحكومة الجديدة تتكفل بإعادة صوغ خطة التعافي، فحينها يمكن أن يصب استخدام جزء من احتياطي الودائع في مصلحة المودعين ومصيباً لهدف احتواء الفوضى النقدية العارمة، بينما يصعب ترقب أي مفعول أو نجاعة لأي تدابير تقنية أو هندسات مالية طارئة في ظل تصاعد المناكفات الداخلية وفي خضم حملات "الادانة" والتشكيك التي تضرب كامل مفاصل القطاع المالي، بأشخاصه وبمؤسساته.

وكشف استطلاع ميداني أجراه الموقع، وجود شيء من التهيب " المشروع " لدى ادارات المصارف ولدى شركات الصرافة من تحويل منصة العملات الى "هايد بارك" جديد لكيل التهم وربما التسبب باضرار الى "حزب المصرف" و \ أو " تجار العملة ". فإذا لم يؤمن "المركزي" التدفقات النقدية بالدولار، فلا امكانات وازنة بالعملات الصعبة لدى الشريكين الحصريين لمد السوق بالسيولة تلبية للطلب التجاري وعمليات الاستيراد، وبالتالي، ستعود المجابهات مع الزبائن الى سوابق صعبة عانوا منها كثيراً ابان التدهور المتواصل من دون استراحة منذ خريف العام 2019.

عليه، فإن سؤال "اللوتو" الكبير من سيضخ الدولار وبأي كميات؟، بالتالي، كيف يمكن لمنصة تفتقد الى سقف حماية السلطة التنفيذية أن تنفذ مهاماً مالية هي في صلب مسؤوليات الحكومة ووزارة المال. فالسلطة النقدية مولجة بإدارة النقد والسيولة وتنظيم الجهاز المصرفي وشركات الصرافة، بينما هي انفقت بطلب من السلطة ما يتعدى 9 مليارات دولار، خلال 18 شهراً، على خزان "دعم" متخم بالثقوب، ولم يصل ربعه الى مستحقيه.

حقيقة، نحن في حالة إحباط مما يجري على كل الصعد، يؤكد مصرفيون. فقد كان ممكناً، ولم يزل ولو بهامش ضيق، تعقيم كامل السيولة المتضخمة بالليرة واعادة التوازن النسبي الى قاعدة العرض والطلب على الدولار، عبر ضخ الثلث فقط من اجمالي المبالغ التي تمّ انفاق معظمها هدراً في دعم مستوردات محاصرة بالاحتكار وبالتهريب الذي وصل الى أسواق افريقية وأوروبية فضلاً عن المجاورة، وبذلك يرتقب أن تؤثر بعض البنوك الجلوس على مقاعد "المتفرجين" ريثما يتضح المشهد ومكوناته وانعكاساته الفعلية على فوضى أسواق النقد والمبادلات، ويزيد التوجس حدة استحقاق تعذر تواصل الدعم بموعده المضروب جهاراً منتصف السنة على أبعد تقدير.

 ينبغي التذكير بأن البنك المركزي أتم الاجراءات اللوجيستية الممهدة لانطلاق المنصة، بما يشمل التدريب التقني، كما يجدر التنويه بمضمون التعميم الخاص بمشاركة المصارف بالمنصة وهدفها ، وفيه "لما كان مصرف لبنان قد انشأ منصة الكترونية لعمليات الصرافة تضم كلاً من مصرف لبنان والمصارف ومؤسسات الصرافة، وبما أن الظروف الاستثنائية الحالية التي يمرّ بها لبنان أثرت بشكل كبير على سعر صرف العملات الأجنبية النقدية وبما أنه يقتضي تنظيم عمليات الصرافة وذلك حماية لاستقرار سعر صرف الليرة اللبنانية، وتحضيراً للقيام بعمليات الصرافة بالعملات الأجنبية مقابل الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية يعتبر كل مصرف حائزة، حكمة، على رخصة صرافة وعليه اتخاذ الإجراءات اللازمة للقيام بعمليات الصرافة النقدية وفقاً لمفهوم القانون الرقم 347 تاريخ 8/6/ 2001 أسوة بمؤسسات الصرافة".