تعالوا نبدأ الإصلاح بأنفسنا
تعالوا نبدأ الإصلاح بأنفسنا
- رمزي رعد
فالمملكة العربية السعودية والتي يبلغ عدد سكانها خمسة أضعاف سكان لبنان، وبلغ ناتجها القومي ثلاثة عشر ضعف الناتج القومي اللبناني، توقف الإنفاق الإعلاني فيها على حافة 504.5 ملايين دولار خلال الفترة نفسها.
أما الكويت، فقد بلغ حجم الإنفاق الإعلاني فيها خلال الستة أشهر الأولى هذه السنة، أكثر بقليل من 260 مليون دولار، أي ثلث حجم السوق الإعلانية في لبنان.
وفي دولة قطر، أغنى دولة في العالم، بلغت حصة المواطن القطري من الناتج المحلي للدولة 134.620 مليون دولار حسب إحصاءات الـ World Atlas، وبلغ حجم الإنفاق الإعلاني هناك 129.3 مليون دولار أي 16.17 في المئة من حجم السوق الإعلانية في لبنان، الذي ما زال ينتظر المنح الموعود بها منذ مؤتمر «سيدر» يوم 6 نيسان 2018. كيف نقبل على أنفسنا نحن رجال التواصل والإعلان اللبنانيون المتربعون على هذا العرش الذهبي أن نسمح لدولتنا أن تقف على أبواب الدول التي نحن قد أدخلنا صناعة الإعلان إليها لنتوسل المساعدات المالية بدلاً من أن نقدّم المثال لأنفسنا وللدولة الغارقة بمشاكلها الكثيرة وللقطاعات الاقتصادية الأخرى عن كيفية النهوض من تحت الرماد.
أرقام الإنفاق الإعلاني في لبنان مصدرها واحدة من اثنتين من شركات الأبحاث والإحصاء التي تقوم كلتاها بقياس كل إعلان ينشر في أي صحيفة أو مجلة لبنانية ومن ثم تحتسب قيمة الإعلان هذا، حسب لائحة الأسعار الرسمية المنشورة من قبل كل من هذه الوسائل، وكذلك هي الحال مع إعلانات التلفزيون التي يجري تسجيلها يومياً، ومن ثم تقاس مدتها ويجرى احتساب قيمتها بموجب لوائح الأسعار الرسمية هنا أيضاً.
هنالك إجماع أن حرب الحسومات القائمة بين شركات تسويق الوسائل الإعلانية، قد ساهمت في ترسيخ صورة مبالغ فيها جداً لحجم سوق الإعلان عندنا، وقد يكون احترامنا لزملاء المهنة هو الحافز الأول لعدم قولنا إن إحصاءات الإنفاق الإعلاني في لبنان هي إحصاءات كاذبة، ومن الأشرف لنا عدم استعمالها في المقارنات كالتي أوردناها أعلاه.
ما زال القسط الأكبر من الميزانيات الإعلانية عندنا مصدره المخصصات التسويقية التي توفّرها الشركات العالمية لتروج لمنتجاتها في أسواقنا والأسواق المجاورة، والتي فضّلت برامجنا التلفزيونية وحرية الكلمة في مطبوعاتنا على وسائل الإعلام المحلية لديها.
الميزانيات الإعلانية يجري احتسابها بحسب حجم الصادرات، وهي لا تزداد ولا تنقص مهما زادت نسبة الحسومات التي ما زالت وسائلنا الإعلانية تتسابق على تقديمها.
إذا رغبنا حقيقة بإصلاح عمل الإعلان في لبنان، علينا أولاً إيقاف الحسومات المجنونة التي أفقدت مصداقية وسائل الإعلان لدينا ورسخت سمعة العمالة السياسية التي تحولت إلى مرض مستعصٍ.
إرادة الإصلاح في العمل الإعلاني يجب أن لا تتوقف عند وسائل الإعلان وشركات بيع الوسائل بل يجب أن تشمل وكالات الإعلان في لبنان أيضاً، التي ما فتئت تستعمل أسلوب الحسومات المبالغ بها في الكثير من الأحيان لغواية المعلنين وتشجيعهم للإنتقال من الوكالات التي يتعاونون معها، كذلك يجب أن لا ننسى المعلن اللبناني، وكيل السلع الأجنبية الذي يمثل حلقة الوصل بين الشركات العالمية وساحة الإعلان في لبنان. هذا الوكيل الذي تعوّد على اقتطاع جزء من المخصصات الإعلانية ليستعملها بهدف زيادة ربحية شركته، عليه أن يتوقف عن سوء الأمانة هذه لأنها تساهم في إضعاف النتائج المتوخاة من الإعلان وبذلك تزيد التشكيك في فعالية وسائلنا وتحصر النتائج بالإفادة الشخصية على حساب سمعة وصناعة الإعلان ككل.
ما فتئنا نتباهى لأن الكثير من المصالح الأخرى تنظر إلينا كنخبة، ولكي نستحق هذه التسمية بجدارة، علينا بإصلاح أنفسنا وتصويب ممارستنا على أمل أن نقدّم المثال لكافة مؤسسات هذا الوطن، لكي تقتدي بنا وتصلح نفسها من الداخل.
فلبنان يستحق الأفضل
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال