الملك يعزز النواة القيادية للاقتصاد السعودي الجديد

  • 2020-02-26
  • 09:57

الملك يعزز النواة القيادية للاقتصاد السعودي الجديد

  • فيصل أبوزكي

من أبرز مظاهر النهضة السعودية منذ تولي الملك سلمان الحكم، تحويل الدولة السعودية بمختلف فروعها وابتداء من الوزير وحتى آخر موظف، إلى جهاز تنفيذي حيث التعيين والترقية والثبات في الموقع أو خسارته، رهن سجل الأداء ومدى نجاح المسؤول الحكومي في ما تم تكليفه به أو عدم نجاحه. علماً أن المقصود بالأداء هنا، ليس فقط قيام الوزير أو المسؤول عن أي ناحية من نواحي التحول السعودي بالعمل المطلوب، بل المقصود به غالبا قيام هذا المسؤول بهذا العمل بنجاح واضح يرفع مكانته ويقربه أكثر ضمن الدائرة الضيقة التي تمثل "مجلس أركان" ولي العهد السعودي، الذي يضم أصحاب الإنجازات المجرّبين، والذين يمكنه الاعتماد عليهم في رهانه الكبير على بناء السعودية الجديدة وفق رؤية 2030.

 

ولي العهد السعودي يجعل مهمة الوزير الأصعب والأكثر تطلبا والأسرع حسابا

 

في هذه المنظومة يعمل ولي العهد باعتباره "دينامو" التغيير وملهمه، وهو أيضا الساهر على أداء الجميع المتابع للصغيرة والكبيرة، سواء مباشرة أو عبر آليات المتابعة والتقييم، التي تبقي كل مسؤول سعودي أو مكلف بعمل ما في دائرة الضوء والمحاسبة. وهذا الدور التنفيذي الذي دشّن مع ولي العهد، يُعد تحولاً تاريخياً إلى الدولة العصرية القادرة على التعامل بثقة وكفاءة مع عالم يزداد تنافسية وتطوراً وتعقيداً.  

من المظاهر الأكيدة لهذا التحول، التغييرات الوزارية المحدودة أو الواسعة التي توالت في عهد الملك سلمان، وحملت "مفاجآت" دائمة في قطاع من المسؤولية الحكومية تميز عموما باستقرار أطول في الحقائب. وهذه السيولة والسرعة في تبديل الأدوار، دليل حيوية كبيرة وسرعة استجابة في قيادة قطار التغيير لكنها، في الوقت نفسه، دليل على المسؤوليات الجسام التي بات يمثلها العمل العام في المملكة، والذي زادت متطلباته إلى حد يجعل من وزراء المملكة بين أكثر المسؤولين الحكوميين انشغالا وإنتاجية على المستويين العربي والدولي.

ماذا عن التغييرات؟

الملاحظة الأهم هي خلق ثلاث وزارات رئيسة كتطوير بارز لعمل هيئات متخصصة كانت تقوم بعملها في السابق. بذلك تحولت "الهيئة العامة للاستثمار" إلى وزارة الاستثمار التي تم فصلها أيضا عن وزارة التجارة، وتحولت "الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني" إلى وزارة السياحة، كما تحوّلت " الهيئة العامة للرياضة" إلى وزارة الرياضة.

 

الفالح يحمل إلى وزارة الاستثمار أطول تجربة

في التفاوض وبناء المؤسسة الحديثة والعالمية

 

في جميع الحالات السابقة، فإن خلق الوزارات الجديدة، جاء ليلبي الموقع الجديد الذي أعطته رؤية الملك وولي العهد للقطاعات المعنية عبر تحويلها إلى قطاعات اقتصادية استراتيجية تراهن القيادة عليها في نطاق أهداف تنويع الاقتصاد السعودي، وفي الوقت نفسه، تطوير المجتمع وإدخال مفهوم جودة الحياة. وبهذا المعنى فإن تحويل كل من النشاطات إلى وزارة، يعطي الإشارة إلى أن السعودية تريد تحقيق خطوات عملية كبيرة في هذه المجالات تنسجم مع ما التزمت به في رؤية المملكة 2030. يزداد وضوح الهدف السعودي عندما نرى المستوى الرفيع لقيادات الحقل العام التي تم انتقائها لشغل مناصب الوزارات الجديدة، إذ عين الدكتور خالد الفالح ذو الباع الطويل في عمل الشركات الدولية كرئيس لشركة أرامكو وفي قطاع الطاقة كوزيرسابق للطاقة والصناعة والثروة المعدنية، وزيرا للاستثمار وهو تعيين يظهر رغبة المملكة في تطوير عمل هيئة الاستثمار السابقة (ألغيت) عبر العهدة به إلى شخص بخبرة وكفاءة الفالح وشبكة علاقاته الدولية ومهارته في التفاوض واقتراح الشراكات والتعاون مع الشركات الدولية العملاقة المناسبة للمملكة.

 

الخطيب يقود النهضة السياحية السعودية

وتحدّي تحويلها إلى مساهم أساسي في الاقتصاد

 

وجاء تعيين أحمد الخطيب وزيرا للسياحة ليعكس الدور المحوري الذي يلعبه الخطيب منذ دخوله العمل الحكومي كوزير للصحة ثم رئيسا لهيئة الترفيه ومن بعدها لهيئة السياحة والتراث الوطني بالإضافة الى مناصب ومهام اخرى في منظومة حكومة 2030.

أيضا يحمل الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل إلى وزارة الرياضة خبرة عقود كرياضي محترف في مجال سباق السيارات، وأحد أبطال هذه اللعبة قبل تعيينه نائباً لرئيس الهيئة العامة للرياضة، ومن ثم رئيساً للهيئة قبل تحويلها إلى وزارة مستقلة بموجب الأمر الملكي.

إلى جانب إنشاء الوزارات الجديدة لفت في الأوامر الملكية تغييرات وزارية عكست الحرص نفسه على تعزيز الكفاءات الأكثر أداءً والتعويل عليها في عامل الإنتاجية وتحقيق أهداف برنامج التحول الوطني. ومن التغييرات المهمة تكليف الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي وزير التجارة بالقيام بعمل وزير الإعلام بالإضافة إلى عمله، وهي شهادة بكفاءة الرجل وقدراته وموثوقيته وهو الذي يتعدى دوره المناصب الرسمية الذي يتقلدها، وإن كانت، ربما، شعورا بالحاجة المتناقصة إلى وزارة إعلام رسمية في عصر ثورة المعلومات والتواصل الاجتماعي والمؤسسات الإعلامية السعودية الناجحة. أضف إلى ما سبق تكليف ماجد بن عبدالله بن حمد الحقيل وزير الإسكان بالقيام بعمل وزير الشؤون البلدية والقروية بالإضافة إلى عمله، وهذا التكليف جاء على خلفية النجاح الذي حققه الحقيل في معالجة القضايا والملفات المتراكمة المتعلقة بقطاع حساس وله أبعاد اقتصادية واجتماعية واسعة مثل الإسكان.