الميزانية السعودية 2023: التزام بالاستدامة والتوازن المالي
الميزانية السعودية 2023: التزام بالاستدامة والتوازن المالي
- دائرة الأبحاث
يقدم البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2023 والتصريحات المرافقة لوزير المالية السعودي محمد الجدعان أقوى المؤشرات على استقرار السياسات المالية السعودية على نهج ثابت من الاستدامة والالتزام بمبدأ التوازن المالي الذي أكدت عليه رؤية المملكة 2030 كما إنه يوضح تعزز سياسة تقسيم العمل في مجال الإنفاق بين الميزانية الحكومية وبين الصناديق الوطنية وعلى رأسها صندوق الاستثمارات العامة التي باتت تتخصص بالإنفاق على المشاريع الاستراتيجية بينما يذهب جزء ثالث من الفوائض لإدارة الدين والاحتياطات المالية للمملكة.
وتظهر أرقام البيان التمهيدي لميزانية العام 2023 أن الحكومة السعودية نجحت في احتواء العجز المالي الذي نجم خصوصاً عن أعباء جائحة الكورونا وتأثيرها على الاقتصاد خلال العامين 2020 و2021 مع توقع تسجيل الميزانية المخططة للعام 2023 فائضاً بنحو 9 مليارات دولار أو ما يعادل 0.2 في المئة من الناتج المحلي.
قوة الاقتصاد السعودي
وفق البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2023 فإن من المتوقع أن يبلغ إجمالي النفقات حوالي 1,114 مليار ريال، وإجمالي الإيرادات نحو 1,123 مليار ريال، ونوه الوزير الجدعان بأن النتاج المحققة خلال العام 2022 تمت على الرغم من المخاوف والأزمات التي يشهدها العالم والتحديات المصاحبة لها وتأثيرها على تباطؤ الاقتصاد العالمي، وكذلك على الرغم من تزايد الضغوط التضخمية الناجمة عن تداعيات جائحة كورونا والتوترات الجيوسياسية التي ألقت بظلالها سلباً على سلاسل الإمداد العالمية. إلا أن قوة ومتانة الاقتصاد السعودي مكَّنَت المملكة من مواجهة هذه الأزمات، حيث كان التراجع في معدلات النمو في أثناء الجائحة محدوداً مقارنة بدول العالم خلال عام 2020، وتلا ذلك تحقيق نمو إيجابي بلغت نسبته 3.2% خلال العام 2021، ومعدلات نمو مرتفعة خلال النصف الأول من عام 2022 وهي الأعلى منذ ما يزيد على عشرة أعوام، مع توقع الاستمرار في تحقيق معدلات نمو إيجابية في مختلف الأنشطة الاقتصادية.
سياسات الحماية الاجتماعية
وقال الوزير الجدعان إن هذه النتائج اللافتة للانتباه، تحققت نتيجة للإصلاحات الهيكلية والاستراتيجيات القطاعية التي تم العمل بها ضمن رؤية المملكة 2030 وكذلك نتيجة لمنظومة الدعم والحماية الاجتماعية التي التزمت بها الحكومة السعودية وتضمنت سياسات وإجراءات لاحتواء معدلات التضخُّم العالمية عبر تحديد سقف لأسعار البنزين، بالإضافة إلى ضمان وفرة المنتجات الغذائية في الأسواق المحلية، وزيادة الاعتمادات لبرامج الحماية الاجتماعية؛ مما خلق نوعاً من اليقين والطمأنينة لدى المواطنين.
وأشار الوزير الجدعان إلى أن تقديرات وكالات التصنيف الائتماني الإيجابية الصادرة أخيراً عن اقتصاد المملكة تعكس فعالية الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها في إطار برنامج الاستدامة المالية والذي يركز على التخطيط المالي متوسط المدى واستدامة واستقرار وضع المالية العامة مع المحافظة على معدلات النمو الاقتصادي، كما يؤكد على أهمية تنويع مصادر الإيرادات ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتحفيز نمو القطاع الخاص.
وأوضحَ وزير المالية السعودي أن الانتعاش الملحوظ والمتوقع في اقتصاد المملكة والاستمرار في تطبيق المبادرات والإصلاحات الهيكلية التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية سيؤديان إلى تحسُّن النشاط الاقتصادي وضمان استدامته على المدى المتوسط، متوقعاً أن تبلغ الإيرادات للعام 2023 حوالي 1,123 مليار ريال، وأن ترتفع إلى نحو 1,205 مليارات ريال في عام 2025 فيما يقدر أن يبلغ إجمالي النفقات للعام 2023 حوالي 1,114 مليار ريال وصولاً إلى حوالي 1,134 مليار ريال في عام 2025.
استراتيجية استخدام الفوائض
وفي الختام أظهر البيان التمهيدي للميزانية السعودية للعام 2023 أن الحكومة السعودية بدأت تفصل عمليا بين دور الميزانية الحكومية كنظام للإنفاق المستدام على الوزارات والقطاعات والخدمات ومشاريع التنمية الممولة من الميزانية وبين الصناديق الاستثمارية والتنموية الوطنية والمبادرات الحكومية المختلفة من خارج الميزانية الهادفة لتحفيز الاقتصاد وحركة الاستثمارات والتي باتت تحول إليها معظم الفوائد الناجمة عن المداخيل النفطية وقد أوضح البيان التمهيدي لميزانية العام 2023 هذا الجانب عندما أشار إلى أن الفوائض المالية التي تتوقع المملكة تحقيقيها نتيجة الظروف المواتية في اسواق النفط وانتعاش السياحة وغيرها من المصادر سيتم توجيهها لتعزيز الاحتياطيات الحكومية، ودعم الصناديق الوطنية "مع النظر في إمكانية التعجيل في تنفيذ بعض البرامج والمشاريع الاستراتيجية ذات البعدين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك وفق الاستدامة المالية".
وعلى الرغم من توقعات تحقيق فوائض في ميزانية العام 2023 إلا أن الوزير الجدعان قال إن الحكومة ستستمر في عمليات الاقتراض المحلية والدولية بهدف سداد أصل الدين المستحق خلال العام 2023 وعلى المدى المتوسط، واستغلال الفرص المتاحة حسب أوضاع السوق لتنفيذ عمليات تمويلية إضافية استباقية لإعادة تمويل مستحقات أصل الدين للأعوام المقبلة، وكذلك لتمويل بعض المشاريع الاستراتيجية، إضافة إلى استغلال فرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل بهدف تمويل المشاريع الرأسمالية والبنية التحتية التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال