"فولكس واجن" ضحية جديدة من ضحايا الصعود الصيني المتواصل
"فولكس واجن" ضحية جديدة من ضحايا الصعود الصيني المتواصل
- خطار زيدان
إذا اردنا أن نعلم ماذا يحصل لدى شركات السيارات الأوروبية، علينا أن نبحث في صناعة السيارات الصينية وتنامي قدراتها التنافسية في سوقها المحلية وفي الأسواق الخارجية، خصوصاً في مجال السيارات الكهربائية، التي تمثل المستقبل بالنسبة لاستراتيجيات الدول والشركات المصنعة، في ظل اعتمادها على استخدام التصاميم المبتكرة والتقنيات العالية بتكلفة منخفضة.
ومن أهم ضحايا الصعود الصيني مؤخراً شركة صناعة السيارات الألمانية والعريقة "فولكس واجن"، التي يبدو أنها تخطط ولأول مرة منذ تأسيسها في العام 1937 لإغلاق عدد من مصانعها في المانيا، مع ما سيترتب عليه من تسريح آلاف العمال، إضافة إلى خفض الرواتب بنسبة 10 في المئة، وذلك في محاولة لإعادة هيكلة عملياتها والحد من التكاليف الباهظة في ظل تراجع الإيرادات.
وتوظف المجموعة الألمانية الشهيرة نحو 300 ألف موظف وعامل، وتضم تحت لوائها 8 علامات تجارية هي "فولكس واجن" (سيارات وشاحنات)، "بورشه"، "أودي"، "سكودا"، "مازيراتي"، "بنتلي"، "سيات"، و"لامبورجيني"، وقد باعت في العام 2023 نحو 9.2 ملايين سيارة في مختلف الأسواق العالمية (8.3 ملايين في العام 2022)، وبلغت إيراداتها 322.3 مليار يورو، لكن وعلى غرار الشركات الألمانية الأخرى، "مرسيدس بنز" و"بي.إم.دبليو"، أو حتى بعض الشركات الأوروبية مثل "ستيلانتيس"، تواجه "فولكس واجن" تراجعاً كبيراً في مبيعاتها وانخفاضاً في الأرباح وفي حصتها السوقية في الصين، التي تعد أكبر أسواقها ولها الحصة الأكبر فيها تاريخياً، في ظل التراجع في معدلات الإنفاق الاستهلاكي، واشتداد المنافسة من قبل الشركات المحلية، مثل "بي واي دي" BYD التي تتصدر قطاع السيارات الكهربائية. وقد انخفضت مبيعاتها في الصين بنسبة 10.2 في المئة خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي ما أدى إلى محو المكاسب في مبيعاتها في الأسواق العالمية الأخرى. وتتوقع المجموعة الألمانية، تحقيق هامش ربح تشغيلي بمعدل 5.6 في المئة في العام 2024، مقابل توقعات سابقة تبلغ 6.5 في المئة إلى 7 في المئة.
وتواجه الشركة الألمانية العريقة معارضة قوية وضغوطاً داخلية لسياسة إعادة الهيكلة التي تنوي اتباعها لتعزيز قدراتها التنافسية من قبل النقابات ومجلس العمال لديها الذي يهدد بإضرابات وتوقف العمل في المصانع، إضافة إلى معارضة قوية من الحكومة والأحزاب السياسية لتجنب التسريح القسري نظراً لأهمية الشركة وقطاع السيارات بالنسبة للاقتصاد الالماني. وتعاني "فولكس واجن" من كلفة تشغيلية مرتفعة في مصانعها، والتي تقدر بضعف الكلفة لدى الشركات المنافسة.
أزمة الشركات الأوروبية
ما تواجهه مجموعة "فولكس واجن" من منافسة قوية من شركات السيارات الصينية ينطبق بشكل أو بآخر على صناعة السيارات الأوروبية بشكل عام، والتي توظف نحو 14 مليون شخص وتمثل نحو 7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للاتحاد الأوروبي، وهي تخضع لضغوطات كبيرة في ظل تراجع الطلب على السيارات في الأسواق الأوروبية وخارجها، وضعف نمو الطلب على السيارات الكهربائية، والذي لا يزال دون التوقعات المرجوة. وذلك على الرغم من السياسات الضريبية سواء في أوروبا، أو في أميركا، وزيادة الرسوم على السيارات المستوردة من الصين لحماية الأسواق المحلية وتضييق الخناق على الصادرات الصينية. وترى بعض الشركات الأوروبية المصنّعة في الصين أو المستثمرة في بعض العلامات الصينية والتي تورد منتجاتها للأسواق الأوروبية أن هذه السياسات تُعد سبباً إضافياً لضعف قدرتها التنافسية وتراجع مبيعاتها في أسواقها المحلية. كما أن الكلفة الباهظة للتحول من محركات الاحتراق الداخلي إلى الدفع الكهربائي تضغط بشكل كبير على هذه الشركات، إضافة إلى القيود التي تضعها حكومات الدول الأوروبية للإسراع في التحول الكهربائي، مع تحديد مهل زمنية من الصعب أن تتمكن غالبية الشركات من الالتزام بها.
وتعاني للأسباب نفسها "ستيلانتس" التي تضم تحت لوائها علامات "بيجو"، "سيتروين"، "دي إس"، "فيات"، "أبارث"، "جيب"، "دودج"، "كرايسلر"، "رام"، "ألفا روميو"، "لانسيا"، "مازيراتي"، "أوبل"، و"فوكسهول"، من تراجع كبير في قيمة أسهمها، وفي الطلب والأرباح، وقد قامت بتخفيض توقعاتها من تدفق نقدي إيجابي إلى تدفق نقدي سلبي بما يتراوح بين 5 مليارات و10 مليارات يورو هذا العام، كما سرحت نحو 10 ألاف عامل من مصانعها في إيطاليا، وقامت مؤخراً بتغييرات إدارية لعملياتها العالمية، في خطوة لمواجهة التحديات التي تواجهها والتكيف مع المتغيرات الحاصلة.
حضور متواضع في الشرق الأوسط
في الشرق الأوسط التي غزتها العلامات الصينية المتنوعة خلال السنوات الثلاث الأخيرة وبدأت تأخذ حصة سوقية هامة، خصوصاً في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، فإن تواجد مجموعة "فولكس واجن" يبقى متواضعاً نسبياً مقارنة بحضورها الدولي، خصوصاً بالنسبة للعلامة نفسها، ويبرز أكثر في فئة السيارات الرياضية مثل "بورشه"، أو الفخمة مثل "أودي"، أو حتى الفاخرة مثل "بنتلي"، التي تُعد أسواق الشرق الأوسط من أهم أسواقها العالمية.
وقد نجحت بعض طرازات علامة "فولكس واجن" إلى حد ما في المنافسة في فئاتها، مثل طراز "طوارق" (Touareg) المتعدد الاستعمالات، أو حتى شقيقه الأصغر "تيغوان" Tiguan، لكن الشركة لم تتمكن يوماً من إثبات نفسها ككيان قوي وبقيت تعاني من عدم قدرتها على المنافسة السعرية مع العلامات اليابانية أو الأميركية أو الكورية. كما شهدت "فولكس واجن" في فترة سابقة حالة من عدم الاستقرار في شبكة وكلائها، خصوصاً في السوق السعودية التي تُعد الأكبر والأهم في المنطقة، قبل أن تعود لتستقر في فترة لاحقة على وكيلها التاريخي شركة "ساماكو" للسيارات، والتي تعد من أبرز شركات السيارات في المملكة وتمثل أيضاً إضافة إلى "فولكس واجن" من علامات المجموعة: "أودي"، "بورشه"، "بنتلي"، و"لامبورغيني".
الأكثر قراءة
-
تعاون بين "أكاديمية أبوظبي العالمي" و"فنتك تيوزاديز" في مجال ابتكارات التكنولوجيا المالية
-
"روش": سدّ الفجوة للوصول إلى العلاجات يجب أن يكون أولوية جميع القادة العاملين في صناعة الأدوية
-
"هيلتون لندن متبروبول" يعيّن جورج خليفة مساعداً لمدير المبيعات والترفيه لمنطقة الشرق الأوسط
-
شبح الحرب الإقليمية يهدد الإقتصاد المصري
-
بريطانيا: معدل البطالة يتراجع إلى 4% خلال أغسطس الماضي