الدعوة السعودية لاجتماع أوبك+ تُنعِش أسعار النفط

  • 2020-04-02
  • 22:29

الدعوة السعودية لاجتماع أوبك+ تُنعِش أسعار النفط

عندما يصبح الماء أغلى من النفط يُدقّ ناقوس الخطر

  • عمر عبد الخالق

شكّلت دعوة المملكة العربية السعودية إلى عقد اجتماع عاجل لدول اوبك+ ومجموعة من الدول الأخرى المنتجة للنفط للوصول إلى اتفاق يعيد التوازن إلى أسواق البترول أولى الأخبار الإيجابية بعد توالي الخضّات التي تتعرض لها أسواق النفط من تراجع الطلب وانهيار الأسعار واشتداد حرب الانتاج، واوضحت السعودية أن الدعوة إلى الاجتماع تأتي في إطار مساعيها الدائمة لدعم الاقتصاد العالمي في هذا الظرف الاستثنائي، و"تقديراً لطلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وطلب الأصدقاء في الولايات المتحدة".

التحركات الدبلوماسية

 

وكان سبق هذه الدعوة اتصالان هاتفيان لولي العهد السعودي محمد بن سلمان الأول مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والثاني مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تلا ذلك توقع الأخير أن تصل السعودية وروسيا إلى اتفاق على خفض الانتاج ما بين 10 و15 مليون برميل ما سيشكّل دفعاً قوياً لصناعة النفط والغاز.

وسبق ذلك أيضاً حركة اتصالات أميركية روسية ناشطة خلال الأيام الماضية تضمنت اتصالين بين الرئيسين ترامب وبوتين ووزيري الطاقة في البلدين دان برويليت وألكسندر نوفاك، نوقش خلالهما التقلبات الحالية في أسواق النفط العالمية، وتم الاتفاق على مواصلة الحوار بين منتجي ومستهلكي الطاقة الرئيسيين، ومن ضمنها مجموعة العشرين، لمعالجة الاضطراب الحالي غير المسبوق في الاقتصاد العالمي. وأشار بوتين في اجتماع للحكومة الروسية، بعد هذه الاتصالات، إلى أن أميركا قلقة ايضاً من هذه الأوضاع إذ إن منتجي النفط الصخري يحتاجون إلى سعر يقارب 40 دولاراً للبرميل لتحقيق الأرباح، كما إن انخفاض الاستثمارات في قطاع النفط ليس في مصلحة أحد. ودعا الرئيس الروسي إلى ضرورة التنسيق بين المنتجين والمستهلكين الرئيسيين لاتخاذ قرارات من شأنها أن تخفف من تأثير انتشار الوباء على أسواق النفط بشكل عام، كذلك، كان نوفاك أعلن أن روسيا لا تعتزم زيادة إنتاج النفط بسبب فائض المعروض في السوق، وذلك في تغير كبير في الموقف الروسي الرسمي.

انتعاش الأسعار

وبالفعل شهد اليوم الخميس، نتيجة لهذه التطورات انتعاشاً في أسعار النفط، إذ ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 8.04 دولارات بما يوازي 33 في المئة إلى 32.78 دولار للبرميل، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 6.62 دولارات أو 33 في المئة إلى 26.93 دولار، وهذا هو أكبر مكسب يومي لبرنت على الإطلاق.

وكالة الطاقة الدولية تحذر من نتائج كورونا

وكانت وكالة الطاقة الدولية انضمت أمس الأربعاء إلى مصارف استثمارية عالمية عدة، توقّعت أن تتوالى الصدمات التي تتعرض لها أسواق النفط وأن تشمل أجزاء أخرى من قطاع الطاقة، فبعد أن خفّضت بنوك مثل بنك الاستثمار السويسري وغولدمان ساكس وبنك أوف أميركا من توقعاتها لأسواق النفط للعام 2020، أشارت وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقاريرها إلى أن تداعيات انتشار فيروس كورونا لن تنحصر في تراجع الطلب وانهيار اتفاق أوبك، بل ستمتد لتشمل سلاسل الإمداد العالمية.

كذلك، فإن انهيار أسعار النفط الذي وصل إلى حدود 55 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، يدق ناقوس الخطر لما هو أسوأ، إذ يعتبر هذا التراجع أكبر خسارة لسوق النفط في التاريخ ناجمة عن أسعار هي الأدنى منذ العام 2002، وأوضحت الوكالة أن هناك 5 ملايين برميل نفط مستخرج يومياً لا يجتذب علاوات سعرية كافية لتعويض تكاليف الاستخراج، مشيرة إلى أن أسعار النفط المعروضة على بعض المنتجين في غرب كندا تراجعت إلى ما دون 10 دولارات، مع ظهور أسعار سلبية في بعض مناطق أميركا الشمالية لخامات أخرى.

وحذرت الوكالة من تداعيات انهيار سعر النفط في حال امتد إلى فترة طويلة على قطاعات طاقة أخرى وعلى فرص التحول إلى مصادر للطاقة النظيفة مثل الغاز الطبيعي، إذ إن "النفط عند 25 دولاراً للبرميل سيتسبب في معاناة بعض موردي الغاز العالميين ليغطوا تكاليف التشغيل، وكساد السوق الفورية للغاز سيزيد الأمور تعقيداً"، كما حذرت من أن الطلب على الخام سينخفض بواقع 20 مليون برميل يومياً، وقالت "إن انخفاض الطلب من المرجّح أن يتفاقم في الربع الثاني من العام الحالي، وسيترك فائض الإنتاج بصمته لسنوات".

وكانت الوكالة تنبأت سابقاً بتراجع يتراوح ما بين 50 و85 في المئة في صافي دخل عدد من الدول المنتجة العام 2020 مقارنة بالعام 2019، وتجاوب بعض الشركات النفطية مع هذه التوقعات عبر تخفيضات أولية ما بين 20 و35 في المئة في حجم إنفاقها للعام الحالي، ما قد يؤدي قريباً إلى موجة من إقفال المصافي النفطية.

الماء أغلى من النفط

تحذيرات وكالة الطاقة الدولية كانت سبقتها تحذيرات الرئيس الأميركي دونالد ترامب من التراجع الحاد في الأسعار والتطورات المتسارعة في قطاع النفط إذ قال: "هنالك كميات كبيرة من النفط الذي قد يكون في بعض الحالات أقل قيمة من الماء، وفي بعض المناطق في العالم أقل بكثير، ولم نشهد شيئا كهذا مطلقاً"، واصفاً حرب الأسعار السعودية الروسية بالجنون، كذلك عانت روسيا في الأيام الأخيرة بشكل كبير من تراجع الأسعار حيث سجلت للمرة الأولى منذ 20 عاماً خسائر في عمليات تصديرها لشحنات الخام إذ ارتفع سعر القمح في روسيا ليصل إلى 164 دولاراً للطن متجاوزاً سعر زيت الأورال الذي يبلغ 158 دولاراً للطن في سابقة تاريخية.