السعودية: كورونا يدفع أرباح شركات الاتصالات صعوداً

إرتفعت أرباح قطاع الاتصالات في المملكة العربية السعودية بنسبة 7 في المئة على أساس سنوي لتتخطى عتبة 3.1 مليارات ريال في الربع الأول من العام الحالي، مستفيدة من ارتفاع الطلب على الخدمات الرقمية من قبل الأفراد، وذلك على الرغم من الانعكاسات الكبيرة التي خلفها انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد نتيجة الإقفال الشبه الشامل لمختلف القطاعات الاقتصادية، وجاء هذا الارتفاع بعد تراجع الأرباح الفصلية في الربع الذي سبقه وتعتبر هذه أعلى أرباح فصلية يحققها القطاع منذ الربع الرابع من العام 2018.

ونمت ايرادات القطاع بنسبة 5 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 19.6 مليار ريال في الربع الأول نتيجة نمو قاعدة الألياف الضوئية والبيانات مع ارتفاع الطلب على خدمات الترفيه الرقمي، كما نجح بعض الشركات في تقديم منتجات مبتكرة في مجالات جديدة كما فعلت "اس تي سي" في مجال انترنت الأشياء والحوسبة السحابية والأمن السيبراني، بالإضافة إلى منتجات وخدمات أخرى مثل المحفظة الرقمية، وقد عوضت هذه العوامل عن انخفاض الطلب على بعض الخدمات مثل باقات الزوار وبيع الهواتف الذكية.

في المقابل، أظهرت القوائم المالية لشركات الاتصالات المدرجة في المملكة ارتفاع تكاليف التشغيل بما فيها مصاريف التسويق والاستهلاك، إضافة إلى تقديم عروض مجانية تهدف إلى مساعدة المجتمع السعودي خلال مرحلة الإقفال الناتجة عن كورونا. وعليه، تراجع الربح التشغيلي للقطاع بنسبة 7 في المئة ليسجل 3.67 مليارات ريال، بينما تقلص هامش الدخل التشغيلي إلى 18.7 في المئة مقارنة بنحو 21.1 في المئة خلال الربع الأول من العام الماضي.

أما على المستوى غير التشغيلي، فقد استفادت الشركات من تراجع متوسط الفوائد وهو ما ساهم في انخفاض تكاليف الاقتراض للقطاع بنحو 48 مليون ريال إلى 614 مليوناً في الربع الأول، كما تمكنت شركة "أس تي سي" من تقليص خسائرها الناتجة عن استثماراتها في شركات زميلة إضافة إلى تحقيق مكاسب أخرى بقيمة 436 مليون ريال مقارنة بخسائر بقيمة 157 مليوناً في الربع الأول من العام الماضي، وقد ساهمت هذه العوامل بالتعويض عن تراجع الأرباح التشغيلية وارتفاع صافي أرباح القطاع.

ملاءة نقدية تسمح بمواصلة الاستثمار وتوزيع الأرباح

ومن أبرز سمات الربع الأول زيادة حجم الانفاق الرأسمالي والذي فاق 2.3 مليار ريال مقارنة بنحو 0.9 مليار ريال في الفترة نفسها من العام الماضي. ويمكن ردّ ذلك إلى سعي الشركات إلى تسريع خطوات التحول نحو الجيل الخامس وزيادة القدرات الاستيعابية للشبكة الحالية، ومن المتوقع استمرار ارتفاع حجم هذا الإنفاق خلال الفترة المقبلة ولاسيما مع توجه جميع الشركات إلى تحديث بنيتها التحتية والتوسع في شبكة الألياف الضوئية. فمع تفشي فيروس كورونا وما يرافقه من تغير واضح في نمط الاقتصاد العالمي والمحلي، وتأثيره على جميع القطاعات الانتاجية والاستهلاكية وارتفاع حاجتها إلى التعامل عن بُعد، ترسخت الحاجة إلى مواصلة تطوير هذا القطاع وتسريع خطوات التحول نحو خدمات الجيل الخامس والتي أصبحت ضرورة ملحة وليست فقط خطط مستقبلية.

ويمكن للشركات اللجوء إلى خيار التمويل الذاتي لنفقاتها الرأسمالية وذلك من خلال التدفقات النقدية من الأنشطة التشغيلية والنقد الذي تمتلكه والذي تبلغ قيمته نحو 11.3 مليار ريال، تستحوذ "أس تي سي" على 8.8 مليارات منها، وهو ما يخولها تمويل المشاريع التوسعية خلال السنة الحالية كما ويسمح لها بالاستمرار بتوزيع الأرباح النقدية على المساهمين، مع العلم أنه خلال الربع الأول انفردت "أس تي سي" بتوزيع أرباح نقدية بإجمالي ملياري ريال أي ما يعادل 1 ريال للسهم.

كما يمكن أن تدرس موبايلي خيار التوزيعات مستقبلاً ولاسيما مع تحولها الى الربحية، وبدورها، قد تتجه شركة زين إلى دراسة هذا الخيار في حال اتمام عملية إعادة هيكلة رأس المال ومحو الخسائر المتراكمة.

نظرة مستقبلية

تتوقع دائرة الأبحاث المالية في "أولاً" استمرار تحسن ايرادات البيانات خلال الربع الثاني من السنة مع توجه الشركات الى تقديم منتجات جديدة تحاكي طلب الأفراد مثل خدمات الترفيه الرقمي إضافة إلى حلول مبتكرة لمختلف القطاعات الاقتصادية، وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن تراجع أعداد المعتمرين مع قرار المملكة إيقاف عمرة شهر رمضان سيكون له تأثير سلبي على ايرادات القطاع ولاسيما فئة باقات الزوار والخطوط المسبقة الدفع، كذلك من المتوقع تراجع هوامش الربحية نتيجة ارتفاع التكاليف التشغيلية. في المقابل، من المرجح انخفاض تكاليف التمويل مع تراجع متوسط الفوائد، وفي حال عدم تمكن الشركات من تحقيق أرباح غير تشغيلية على غرار ما حصل في الربع الأول من العام الحالي، فإن أرباح القطاع قد تشهد استقراراً في الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بالفترة الزمنية نفسها من العام الماضي.