"سباق حواجز" منظمة التجارة الدولية: فرصة حقيقية لـ التويجري لهذه الأسباب

  • 2020-09-24
  • 22:27

"سباق حواجز" منظمة التجارة الدولية: فرصة حقيقية لـ التويجري لهذه الأسباب

البريطاني غير قادر على تحقيق إجماع والكورية تواجه حذراً صينياً ومعارضة يابانية

  • رشيد حسن

مع الغربلة الأولية لأسماء المرشحين لمنصب المدير التنفيذي لمنظمة التجارة العالمية، جرى استبعاد ثلاثة مرشحين لم يحظوا بالحد الأدنى من التوافق بين أعضاء المنظمة الـ 134 وهم مرشحو مصر ومولدوفا والمكسيك، ونجح مرشح المملكة السعودية المستشار في الديوان الملكي محمد التويجري في اجتياز الحاجز الأول نحو المنصب الدولي المهم، وبات عليه الآن أن ينافس لاجتياز المرحلة الثانية من عملية الغربلة التي تبدأ مجدداً بين المرشحين الخمسة الذين بقوا في السباق وهم إضافة إلى التويجري كل من: مرشح بريطانيا ليان فوكس، يو ميانغ- هي مرشحة كوريا الجنوبية، نغوزي اوكونجو-ايويالا مرشحة نيجيريا وأمينة محمد مرشحة كينيا.

 

 

يمكن الاطلاع:

موديز وتخفيض تصنيف الكويت: حتمية الاصلاح المالي والاقتصادي

 

 

وسط هذا الواقع المعقد، ما هي حظوظ مرشح المملكة العربية السعودية محمد التويجري في أن يكون مرشح الإجماع لأعضاء المنظمة
الـ 164؟

بالطبع الأمر مرهون باعتبارات كثيرة وحسابات مضمرة لدى الدول الأعضاء وخصوصاً الدول الكبيرة التي لا يمكن لأي مرشح الفوز من دون الحصول على تأييدها، ومن المفيد هنا النظر في وضعية كل من المرشحين المستمرين في السباق لتكوين فكرة عن الاحتمالات.

 

حظوظ فوكس ضعيفة

 

 

يمكن القول إن اثنين من المرشحين الخمسة قد يجدان صعوبة في تحقيق الإجماع (والإجماع مطلوب في اختيار مدير عام المنظمة) الأول هو ليان فوكس مرشح بريطانيا والقريب في تفكيره التجاري من إدارة ترامب. لكن هذا الواقع هو ما قد يحول بين فوكس وبين نيل توافق واسع عليه لمنصب المدير العام، وفوكس لم ينل أصلاً تأييد الاتحاد الأوروبي للمنصب وهو لا يتوقع أن ينال قبول الصين أو اليابان وعدد واسع من الدول المستقلة، فضلاً عن ذلك، فإن السجل الحكومي لـ فوكس تشوبه قضايا تجاوز للسلطة، إذ أجبر مرة على إعادة مبالغ كبيرة إلى الخزينة من مصارف سحبها أثناء عمله كوزير مساعد في الحكومة البريطانية وهو استقال في العام 2011 من منصبه كوكيل لوزارة الدفاع بعد ان تبين أنه سمح لصديق له بحضور اجتماعات سرية للوزارة. وبهذا المعنى فإن فوكس يشكو (إضافة إلى نقاط ضعف أساسية) من سجل ضعيف في مجال الحوكمة لا يتوقع ان يساعده في الوصول إلى خط النهاية.

في هذه الحال، فإن محمد التويجري سينافس للوصول إلى التصفية ما قبل الأخيرة (وهي اختيار مرشحين لاختيار أحدهما للمنصب) مع ثلاثة مرشحين وهم مرشحة كوريا الجنوبية ومرشحة كينيا ومرشحة نيجيريا، وفي هذه الحال، هل يكون التويجري مرشح الدور النصف النهائي إلى جانب إحدى المرشحات أم سنشهد مرحلة تصفية بين امرأتين للفوز بالمنصب؟

 

قد يهمك:

أسهم السلاسل الفندقية: الخسائر بالمليارات!

 

 

أوروبا تحاول التأثير

 

لا بدّ هنا من الإشارة إلى أن أمانة الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 دولة تصوت في منظمة التجارة الدولية ككتلة واحدة، تلعب منذ بدء السباق دوراً في الترويج الكثيف لفوز امرأة أفريقية بالمنصب، على اعتبار أن ذلك سيكون سابقة تعطي القارة الأفريقية دوراً في التجارة الدولية بعد ان استأثر الأوروبيون بمنصب المدير العام للمنظمة لمدة تقارب الأربعين عاماً.

فهل ستشارك دول أخرى في العالم الاتحاد الأوروبي في اختياره؟ علماً أن الأخير دعم في البدء أربعة مرشحين هم النساء الثلاثة إضافة إلى مرشح مصر أمين ممدوح، هنا يمكن القول إن المرشحة الكورية تحظى بتأييد الاتحاد الأوروبي وهي قد تحظى بدعم عدد لا بأس به من الدول الآسيوية التي تربطها علاقات تجارية قوية بكوريا، إلا أن العلاقات القوية لكوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة الأميركية قد لا تساعدها على كسب تأييد الصين، كما إن المرشحة الكورية تواجه معارضة من اليابان بسبب نزاع تجاري معقد، فضلاً عن الإرث الثقيل لمرحلة احتلال اليابان لكوريا لأكثر من 75 عاماً.

الأسئلة المهمة الباقية إذاً هي: هل سيؤثر التفضيل الأوروبي للمرشحتين الأفريقيتين (لأسباب تتعلق بمصالح أوروبا في أفريقيا) فضلاً عن غلبة الخط النسائي على إدارة الاتحاد الأوروبي في بروكسل على آراء الأعضاء الباقين؟ وهل تكفي الخبرة السياسية لمرشحتي كينيا ونيجيريا في بلديهما لتزويدهما بما يكفي للعب دور فعال في حل المشكلات التجارية العالمية وتجديد منظمة التجارة الدولية وأنظمة عملها وسياساتها؟ وهل سيكون لاعتبارات سياسية مثلاً إعطاء دور لأفريقيا أو تقديم العنصر النسائي تأثير على النتيجة النهائية أقوى من الاعتبارات الأساسية المتعلقة باستيفاء المرشح للشروط والكفاءات التي تجعل منه الخيار الأفضل سواء كان أفريقياً أم آسيوياً أم عربياً وسواء كان رجلاً أو سيدة؟

 

 

قضية:

"منظومة" حل خلافات حوادث السير في لبنان: دويلة داخل الدولة!

 

 

 

الموقف الأفريقي

 

نعتقد أن موجة "المرشحة الأفريقية" التي دعمها الاتحاد الأوروبي قد تلاقي أصداء من الدول الأفريقية الـ 54 أولاً بسبب حس التضامن ضمن القارة، وثانياً بسبب النفوذ الذي تملكه الدول الأوروبية على مستعمراتها السابقة، لكن من المستبعد أن يكون الموقف الأفريقي موحداً، وذلك بسبب العلاقات القوية للدول العربية وخصوصاً مصر والسعودية والمغرب بالدول الأفريقية، وتحديداً تلك التي تسكنها غالبية مسلمة. ومن المتوقع أن تنضم مصر إلى السعودية في دعم المرشح السعودي بعد خروج مرشحها أمين ممدوح من السباق، فضلاً عن ذلك فإنه قد لا يكون لمعيار "المرشحة الأفريقية"، الذي تتحمس له أوروبا، أثر حقيقي في موقف الدول غير الأفريقية النامية في آسيا أو أميركا اللاتينية والتي لا تملك بروكسل نفوذاً حقيقياً بينها.

لهذه الأسباب، فإن من الممكن اعتبار الصراع مفتوحاً على المفاجآت، كما إن من الممكن اعتبار كون التويجري، الرجل الوحيد المستمر في السباق إلى جانب ثلاثة نساء، عامل قوة لمصلحته على اعتبار أن المرشحات النساء يملكن حظاً قوياً في حال رجحان كفة تفضيل وجود امرأة على رأس منظمة التجارة الدولية، وهذا أمر غير محسوم وإن كان مرغوباً في نظر عدد من الدول.

 

فرصة التويجري

 

في الأسابيع القلية المقبلة سيتضح أي الاعتبارات ستغلب، لكن الكثير سيتوقف على أي من المرشحين سيتم الاحتفاظ به للمرحلة النهائية أي مرحلة الاختيار بين مرشحين. فهل ستختار دول المنظمة الـ 164 مرشحتي أفريقيا وحدهما للإختيار بينهما؟ هل ستختار الدول الأعضاء سيدتين فقط أحدهما من أفريقيا والثانية من كوريا للتصفية الأخيرة، أم هل سيتم اختيار التويجري إلى جانب أي من المرشحات الثلاث لمرحلة الاختيار النهائي؟

هناك بناء على ما سبق احتمال كبير في أن ينجح مرشح المملكة العربية السعودية في الانتقال إلى مرحلة التصفية وأن يكون بالتالي أحد مرشَّحيَن اثنين سيكون على الدول الأعضاء اختيار أحدهما لمنصب المدير العام لمنظمة التجارة الدولية. ونجاح التويجري في اجتياز الحاجز الكبير الثاني سيكون تطوراً مهماً للمنظمة وللسعودية، وسابقة في بروز المملكة كلاعب في الساحة الدولية.