2020 نقطة تحول استراتيجية لقطاع الاتصالات العربي

شهدت شركات الاتصالات العربية في أقل من عقدين من التطورات المتلاحقة التكنولوجية والتشغيلية ما وضعها في سباق مرهق مع الزمن ومتطلبات السوق بخاصة مع تبدل عادات المستخدمين.

وقد حظيت هذه الشركات بدرجة عالية من الحماية الحكومية على مختلف الصعد، ما مكنها من الحفاظ على نمو مستقر في إيراداتها. ولكن التطور الهائل في الخدمات الشبكية والتطبيقات التي نشط استعمالها عبر شبكة الإنترنت في السنوات الأخيرة تحول إلى عامل ضغط مستمر على عائدات الشركات.

وقد أدّت هذه التحولات إلى تغيرات جدرية في القطاع تركت آثاراً مباشرة على أرباح الشركات المشغلة وإيرادات الحكومات واستثمارات المساهمين.

وبحسب دراسة أعدتها وحدة الأبحاث المالية في "أولاً" –"الاقتصاد والأعمال"، فإن أداء شركات الاتصالات العربية المدرجة سيتأثر بالعوامل التالية في العام 2020:

 أولاً، ارتفاع المنافسة بين الشركات نتيجة انخفاض اعداد المشتركين في الأسواق المشبعة، وبروز دور أكبر للمشغلين الافتراضيين (MNVO) وللشرائح الذكية (e-sim)، كذلك إصدار رخص جديدة في بعض البلدان. وفي حين ستؤدي هذه الخطوات إلى زيادة الإيرادات الحكومية، إلا أنها قد تؤثر سلباً على إيرادات الشركات إذ قد يسعى بعضها إلى التوسع إقليمياً أو عالمياً خصوصاً في الأسواق التي لا تزال تقدم فرص نمو كبيرة. في المقابل، من المتوقع أن يستفيد القطاع من النمو المرتقب في القطاعات الجديدة مثل السياحة والترفيه في السعودية  ودبي المُنَظمة لإكسبو 2020 أو مصر التي تشهد تحسناً ملموساً في عدد السياح، وهو ما يتوقع ان يرفع الطلب على الخطوط المسبقة الدفع.

ثانياً، العمل على الاستفادة من قاعدة العملاء الخاصة بشركات الاتصالات والكم الهائل من البيانات التي تملكها وتوظيفها بما يخدم مصالحها ومصالح عملائها. ومن بين الخيارات المتاحة التوسع في تقديم خدمات الحجوزات أو المحفظة الرقمية وتحويل الأموال أو أنشطة الحوسبة السحابية وغيرها من التطبيقات الذكية. وهذه خدمات يفترض ان تساعد في تحقيق إيرادات غير تقليدية كما وتساهم في استقطاب عملاء جدد.

ثالثاً، الاستثمار في مبادرات الذكاء الاصطناعي وتقديم خدمات خاصة للعملاء مثل مكتبة المحتوى (Content Library) مع ارتفاع الطلب على خدمات محددة مثل الترفيه والرياضة الالكترونية ومشاهدة الفيديو وتطبيقات الواقع الافتراضي (Virtual Reality) والواقع المعزز (Augmented Reality). وجميع ما تقدم يتطلب سرعة تحميل عالية وهو ما يندرج مستقبلاً ضمن خدمات الجيل الخامس.

رابعاً، التوسع في أنشطة الأعمال (B2B) وتقديم حلول للشركات الكبرى مثل شركات النقل والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية وغيرها. كما والتعاون مع الجهات الحكومية لتأمين حلول إلكترونية لبعض الخدمات والمعاملات الرسمية.

خامساً، الإطلاق المرتقب لخدمات الجيل الخامس (5G) تجارياً في عدد من الدول العربية ولكن بشكل محدود. سيترتب عن ذلك ارتفاع المصاريف الاستثمارية والنفقات التشغيلية دون أن يساهم بالمقابل في تسجيل إيرادات ملموسة على المدى القريب.

سادساً، التعاون في الأنشطة الاستثمارية خاصة وأن تحديث الشبكات الحالية وتجهيز شبكة الجيل الخامس تتطلب ضخ استثمارات كبيرة في الوقت الذي لا يزال المردود المالي غير واضح، وهو ما يعتبر التحدي الأكبر أمام الشركات في المرحلة القادمة.

سابعاً، سعي الشركات لخفض بعض المصاريف الإدارية والاستفادة من التحول الرقمي لإغلاق بعض منافذ البيع مما يساهم بتقليل تكلفة الموظفين والإيجارات.

ثامناً، انخفاض تكلفة التمويل في ظل تراجع أسعار الفوائد عالمياً، وهو ما ينعكس إيجاباً على أرباح الشركات.

تاسعاً، استمرار تأثر الشركات الكبيرة التي تمتلك شركات تابعة في أكثر من دولة بتقلبات سعر صرف العملات المحلية في تلك البلدان خاصة مع ازدياد المخاطر المتعلقة بتراجع سعر صرف عملات الدول النامية.

في ظل ما تقدم، تتوقع الدراسة ارتفاع إيرادات شركات الاتصالات العربية المدرجة بنسبة 4 في المئة في العام 2020 لتقارب 74 مليار دولار أميركي، وأن ترتفع إجمالي موجودات الشركات المدرجة مقابل تراجع طفيف في العائد الاستثماري. كذلك من المتوقع، بحسب الدراسة، أن يتباطأ نمو الأرباح إلى 3 في المئة لتسجل 9.3 مليار دولار في العام 2020. ويظهر الجدول التالي أبرز التوقعات المالية لقطاع الاتصالات في العالم العربي.