قطاع الاتصالات السعودي 2020: كورونا يدفع بالأرباح لأعلى مستوياتها

سجلت الأرباح المجمعة لشركات الاتصالات المدرجة في البورصة السعودية "تداول" أعلى مستوى لها منذ أكثر من سبع سنوات، لتبلغ 12.1 مليار ريال سعودي (3.2 ملايين دولار أميركي) خلال العام الماضي، مرتفعة بنحو 8 في المئة على أساس سنوي نتيجة زيادة الطلب على البيانات بالتوازي مع نجاح المشغلين بخفض المصاريف التشغيلية. وقد عوّض هذا الأمر عن تراجع أعداد الزوار والحجاج بسبب قيود منع السفر واجراءات الاغلاق المتخذة لمواجهة جائحة كورونا.

نمو الايرادات ومواصلة الاستثمار

وبلغت ايرادات القطاع في العام الماضي 80.9 مليار ريال، مرتفعة بنحو 6 في المئة على أساس سنوي، منها نحو 76.1 مليار ريال، من داخل المملكة العربية السعودية، مشكلة بذلك نحو 94 في المئة من إجمالي ايرادات الشركات، إذ شهد العام الماضي ارتفاعاً في الطلب المحلي على الخدمات الرقمية للمؤسسات والأفراد وخدمات الترفيه المنزلي نتيجة الظروف التي فرضتها جائحة كورونا.

واستفادت الشركات من نمو الايرادات لمواصلة الانفاق الاستثماري بهدف تعزيز شبكة الجيل الخامس وتحسين مستوى انتشارها وجودة الخدمات التزاماً بالاتفاقات الموقعة مع الجهات الناظمة منذ نحو سنتين، والهادفة إلى مواصلة ضخ الاستثمارات مقابل تخفيض بعض الرسوم الحكومية. وقد ارتفع صافي الانفاق الاستثماري نحو 916 مليون ريال على أساس سنوي ليصل إلى 14.1 مليار ريال، مدفوعاً بنمو استثمارات "موبايلي" بنسبة 71 في المئة لتصل إلى 1.4 مليار ريال أي ما يمثل نحو 24 في المئة من ايرادات الشركة للعام الماضي. وبلغت استثمارات "أس تي سي" نحو 9.2 مليارات ريال، مشكلة نحو 65 في المئة من إجمالي استثمارات القطاع.

وقد تم تمويل هذه الاستثمارات من خلال التدفقات النقدية من الأنشطة التشغيلية والتي بلغت 36.5 مليار ريال في العام الماضي مرتفعة من نحو 16.8 مليار في العام 2019، بفضل نمو التدفقات النقدية التشغيلية لشركة "أس تي سي". واستعملت هذه الموارد أيضاً لتسديد قسم كبير من القروض المستحقة مما أدى إلى تراجع إجمالي القروض بنحو 7.8 مليارات ريال إلى 24.3 مليار، وهو ما ساهم أيضاً بخفض المصاريف التمويلية للشركات ودعم ربحية القطاع.

"أس تي سي" تحقق ايرادات قياسية

 ونمت أرباح شركة الاتصالات السعودية "أس تي سي" بنحو 4 في المئة لتلامس 11.08 مليار ريال، مستفيدة من نمو ايراداتها بنحو 8 في المئة لتصل إلى 58.9 مليار ريال. وتعتبر هذه أعلى ايرادات سنوية تحققها الشركة منذ ثمانية أعوام.

واستفادت الشركة من زيادة الطلب على خدماتها المحلية بالاضافة الى نمو الايرادات من شركاتها التابعة استثماراتها الخارجية، وارتفع عدد مشتركي الألياف البصرية بنسبة 27.5 في المئة والنطاق العريض بنسبة 10.6 في المئة، وارتفعت إيرادات البيانات بنسبة 9 في المئة على أساس سنوي.

أما داخل السعودية فقط، فقد ساهمت المجموعة بنحو 92 في المئة من الايرادات البالغة 58.95 مليار ريال بعد ان ارتفعت ايراداتها بنحو 8 في المئة إلى 54.2 مليار ريال سعودي. ونجحت الشركة بالتوسع في قطاع الأعمال والذي نما بنسبة 24.6 في المئة خلال العام الحالي، نتيجة قدرتها على توفير الدعم اللازم والخدمات الجديدة لعملائها. كما استمرت الشركة بالتوسع في القطاع المالي في المملكة من خلال تطبيقها stcpay  ولعبت دور المُمَكن الرقمي لجدول أعمال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين لعام 2020 وساهمت بتوسعة شبكة الجيل الخامس لاستيعاب الزيادة في الخدمات الرقمية اثناء انعقاد القمة. إلى ذلك، تعمل الشركة على التوسع في مجالات متممة مع مواصلة الاستثمار في صناديق المال الجريء وشركة التطوير العقاري (عقالات) وشركة الحلول وغيرها.

وأوصى مجلس ادارة شركة أس تس سي بتوزيع أرباح نقدية بقيمة 8 مليارات ريال على مساهمي الشركة ليبلغ إجمالي التوزيعات عن العام الماضي 4 ريالات للسهم الواحد.

وكانت الشركة قد شهدت أواخر العام الماضي تغييراً قيادياً تمثل بتعيين المهندس عليان محمد الوتيد رئيساً تنفيذياً للمجموعة، على ان يستلم مهامه ابتداء من 28 آذار/مارس المقبل ليخلف المهندس ناصر بن سليمان الناصر الذي شهدت الشركة تحت قيادته تحولاً كبيراً في نموذج اعمالها وادائها المالي.

اقرأ الآن:

موبايلي: توزيعات بعد انقطاع 7 سنوات

بدورها، سجلت شركة موبايلي ارباحاً بلغت 783 مليون ريال في العام الماضي، (2020) مقارنة بنحو 31 مليون ريال في العام 2019، بعد تمكن الشركة من تحقيق الأرباح للعام الثاني على التوالي بعد موجة خسائر بدأت في العام 2014 نتيجة اضطرار الشركة لإعادة تقييم أصولها وكيفية اثبات ايراداتها آنذاك،  وتؤكد هذه النتائج على خروج الشركة من ازمة 2014 ودخولها مرحلة جديدة من الربحية والنمو.

وارتفعت ايرادات العام الماضي الى 14.05 مليار ريال سعودي متحسنة بنسبة 4 في المئة بينما نمت الأرباح التشغيلية بنسبة ملحوظة بلغت 41 في المئة لأعلى مستوى لها منذ العام 2013 لتصل الى 1.4 مليار ريال، كما تحسن هامش الربح التشغيلي بأكثر من نقطتين مئويتين إلى 9.73 في المئة، وجاء ذلك نتيجة تراجع المصاريف العمومية والادارية بنسبة 7 في المئة الى 1.4 مليار ريال سعودي بالإضافة الى تراجع خسائر الانخفاض في قيمة الذمم المدينة وموجودات العقود الى 15 مليون ريال مقارنة بنحو 110 ملايين ريال العام 2019، وهو ما عوّض عن ارتفاع مصاريف التسويق والاستهلاك.

كما استفادت الشركة من تراجع مصاريف التمويل بقيمة 368 مليون ريال لتصل الى 561 مليوناً مع انخفاض معدل الفائدة وتدني اجمالي القروض بنسبة 7 في المئة الى 11.5 مليار ريال سعودي وإعادة تمويل الشركة لجزء كبير من القروض القائمة في نهاية العام 2019.

وأوصى مجلس ادارة شركة موبايلي بتوزيع أرباح نقدية على المساهمين بعد انقطاع دام لنحو 7 سنوات وبقيمة 385 مليون ريال سعودي أي ما يعادل 0.5 ريال للسهم الواحد.

إقرأ الآن:

زين: ثمار إعادة الهيكلة

إلى ذلك، سجلت شركة الاتصالات المتنقلة "زين السعودية" أرباحاً بقيمة 260 مليون ريال خلال العام 2020، متراجعة بنسبة 46 في المئة على أساس سنوي نتيجة تدني الايرادات بنسبة 6 في المئة لتصل الى 7.92 مليارات ريال. وتراجعت مساهمة زين من إجمالي ايرادات القطاع بنحو 122 نقطة أساس إلى 10 في المئة خلال العام الماضي. وتراجع الربح التشغيلي بنسبة 34 في المئة ليصل الى نحو مليار ريال سعودي نتيجة ارتفاع التكاليف المباشرة.

على الرغم من ذلك، فقد تمكنت الشركة خلال العام الماضي من خفض خسائرها المتراكمة إلى 54 مليون ريال لتمثل أقل من واحد في المئة من رأس مالها البالغ 8.99 مليارات ريال سعودي بعد أن كانت خسائر العام 2019 تمثل نسبة 27.5 في المئة من الرأس المال. ويعود هذا الانخفاض إلى مواصلة تحقيق الأرباح إضافة إلى نجاح إعادة الهيكلة المالية والتي جاءت على مرحلتين. في المرحلة الأولى تم إطفاء الخسائر المتراكمة من خلال تخفيض رأس مال الشركة بمبلغ 1.35 مليار ريال، قبل أن تقوم الشركة مجدداً بزيادة رأس مالها من خلال إصدار أسهم حقوق أولوية بمبلغ 4.5 مليارات ريال.

ويتوقع ان تمهد هذه الخطوة إلى إمكانية توزيع أرباح نقدية على المساهمين خلال الفترة المقبلة.

يذكر أن أرقام أرباح شركات الاتصالات السعودية للعام 2020 والبالغة 12.1، جاءت متطابقة تقريباً مع توقعات دائرة الأبحاث في "أولاً-الاقتصاد والاعمال" والبالغة مليار ريال، والتي كان قد نشرها في تقرير بعنوان: قطاع الاتصالات السعودي 2021: مواصلة النمو واستثمار أكثر من 25 مليار في عامين.

إقرأ الآن:

التوقعات المستقبلية

تشير توقعات "أولاً-الاقتصاد والاعمال" الى أن القطاع سيتمكن من مواصلة النمو خلال العام الحالي على أن تتسارع وتيرته في العام 2022 بفضل ارتفاع الطلب وتحسن هامش الربح التشغيلي، كما يتوقع أن تستمر الشركات في تطوير شبكاتها لنشر خدمة الجيل الخامس في معظم مناطق المملكة لتلبية تنامي الطلب خصوصاً مع التوسع المرتقب في الاقتصاد المحلي نتيجة عودة النمو بعد تجاوز تبعات الجائحة والتركيز على تسريع الاستثمارات الجديدة في المشاريع الكبرى اضافة إلى ما خلفه وباء كورونا من تبدل واضح في نمط استهلاك الأفراد والمؤسسات والقطاعات لخدمات الاتصالات. ومن المتوقع أن يؤثر ما تقدم ايجاباً على ايرادات القطاع خاصة البيانات والتي تعتبر المحرك الأساس للنمو المستقبلي.