ماجد الفطيم مبتكر التسوق الحديث بالمنطقة.. بنى مؤسسة أكبر من ثروته ووفّر قوة دفع للازدهار الإماراتي

  • 2021-12-18
  • 10:45

ماجد الفطيم مبتكر التسوق الحديث بالمنطقة.. بنى مؤسسة أكبر من ثروته ووفّر قوة دفع للازدهار الإماراتي

  • فيصل أبوزكي


إذا كان النجاح العملي يقاس بحجم الثروة الخاصة المحققة، فإن رجل الأعمال الإماراتي الراحل ماجد الفطيم هو ولا شك من أبرز رجال الأعمال نجاحاً في الإمارات وفي منطقة الخليج عامة، إذ يعتبر من كبار الاثرياء العرب.  لكن النجاح الأكبر لـ ماجد الفطيم والذي لم يشاركه فيه إلا قليلون يجب أن يقاس بحجم التأثير الذي مارسه عبر مؤسسته ونشاطاته ومبادراته وريادته إلى اقتصاد دولة الإمارات وتجربتها الفريدة، بل والتجربة الاقتصادية للمنطقة العربية ككل على الأخص بسبب مساهمته الفريدة في ابتكار وتطوير وترويج صيغة التجمعات التجارية الحديثة او "المول" وما أدى إليه من ثورة حقيقية غيّرت جذرياً طبيعة تجربة التسوق ليس فقط عبر إدخال فكرة "المول" الجامع الضخم كبديل للسوق التقليدية بل عبر تحويل هذا "المول" نفسه إلى معلم سياحي وترفيهي من خلال الدمج الذكي بين تجربة التسوق وبين مروحة من المتع وفرص الترفيه الفردي والعائلي، الأمر الذي ساعد على مدّ تجربة التسوق وتعظيم عدد المتسوقين وتحويل "المول" إلى متنفس حيوي للمواطنين والمقيمين وإلى نقطة جذب لا تقاوم للسياح والزوار من الخارج.  وبهذا المعنى، فإن ماجد الفطيم يعتبر بحق الأب الفعلي للتسوق الحديث في الإمارات وفي المنطقة ليس فقط بسبب ابتكاره للمول الجامع بل بسبب نحو 26 مجمعاً تجارياً حديثاً قام ببنائها وتشغيلها في عدد من بلدان المنطقة وفي بعض دول آسيا وأفريقيا باستثمارات ضخمة ساهمت في تنمية وازدهار هذه البلدان وخلق آلاف الوظائف.

 

مساهمته في ازدهار الإمارات

 

ومن خلال هذه الريادة ومراكز التسوق الكبيرة التي شجع على إطلاقها، ساهم ماجد الفطيم في توفير محرك دفع ضخم للاقتصاد ولحركة التطور العمراني والعقاري في دولة الإمارات، كما ساهم لاحقاً في زيادة جاذبية دبي والإمارات كمقصد للسياحة ثم كمقصد للشركات ومؤسسات المال والأعمال الدولية.

كان الفطيم بذلك بارعاً في مواكبة وخدمة النهوض الكبير لدبي ولبقية الإمارات ثم المنطقة عبر توفير كل ما تحتاجه تلك النهضة الشاملة والاستثمار في مسار ازدهارها، وأضفى الفطيم طابعاً عالمياً على ريادته في حقل التسوق عندما عقد في العام 1995 اتفاقاً مع مجموعة "كارفور" حصل بموجبه على "فرانشايز" شامل يسمح له ببناء مراكز تسوق تحت اسم كارفور في مختلف أنحاء أفريقيا وآسيا، وبفضل ذلك الاتفاق، فإن المجموعة التي يمتلك الفطيم 75 في المئة منها باتت تشغل حالياً نحو 300 مركز تسوق تعمل تحت اسم كارفور في 30 دولة عربية وأفريقية وآسيوية.

 

من المؤسس إلى المؤسسة

 

إلى نجاحه الفريد في حقل العقار والتجارة والأعمال يجب أن نضيف وجهاً آخر من وجوه نجاحات الفطيم بل وتميزه، وهذا الوجه هو أنه كان من بين قليلين نجحوا في دمج النجاحات الفردية العديدة التي حققوها في كيان مؤسسي بالغ الاحتراف هو مجموعة ماجد الفطيم القابضة والتي تتولى الإدارة اليومية والتخطيط المستقبلي وأعمال التطوير المختلفة للمجموعة ويتولى قيادتها رئيس تنفيذي وفريق من التنفيذيين الكفوئين بما حقق فعلاً الفصل التام بين الملكية (العائلة المالكة) وبين الإدارة التنفيذية المستقلة للمجموعة، وهذا الإنجاز يتجسد في أن المجموعة تخضع نفسها لأعلى نظم الحوكمة والشفافية المالية كما تخضع للتصنيف المالي لوكالات التصنيف العالمية مثل "موديز" و"ستاندرد آند بورز" و"فيتش" وتنشر تقارير سنوية بنتائجها وأدائها المالي كما لو كانت شركة مساهمة مدرجة في البورصة.

وشدّدت مجموعة الفطيم دائماً على المساهمة الكبيرة التي تقوم بها في الحياة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية للأسواق التي تعمل فيها وذلك من خلال شراء أو تصنيع نحو 80 في المئة من المنتجات التي تتولى تسويقها من الأسواق المحلية التي تعمل فيها، وهي كانت في وقت قريب تشغل نحو 50,000 شخص في مؤسساتها المختلفة، كما إن ماجد الفطيم أعلن قبل مدة عن مبادرة لتشغيل نحو 3000 إماراتي في الشبكة المترامية الأطراف من مؤسسات المجموعة.    

بين ما تميزت به حياة ماجد الفطيم أيضاً حرصه الشديد على الفصل بين مسار المجموعة وعملها وبين عائلته التي بقي معظم أفرادها في الظل، وقد كان الرجل المؤسس نفسه يقدم المثال في احترام استقلالية الإدارة عبر نأيه بنفسه عن العمل التنفيذي اليومي والتركيز على المسار العام واستراتيجية الشركة.

السؤال الذي سيطرح هو بالطبع، كيف ستتمثل أسرة الفطيم وأفراد العائلة التي باتت هي في موقع المالك لهذه المجموعة الهائلة؟ وكيف سيتم تجديد التأييد للقيادة التنفيذية الحالية؟ الأمر المؤكد أن الراحل الذي كان حريصاً على ترتيب كل التفاصيل المتعلقة بالمجموعة في حياته لم يترك شيئاً إلى الصدفة وهو على الأرجح وضع تصوراً محدداً لتأمين الاستدامة والاستمرارية في عمل المجموعة بما في ذلك توطيد العلاقات السلسلة بين الأسرة وبين القيادة التنفيذية للمجموعة. ومن اللافت هنا حرص الرجل منذ أعوام على تحويل المجموعة إلى ما يشبه شركة مساهمة تخضع لقواعد الحوكمة والشفافية والاستدامة والتقييم المالي كافة التي تخضع لها الشركات المساهمة. ماجد الفطيم كان رجلاً رؤيوياً وريادياً في حياته وعمله. رحل وترك خلفه انجازات ومؤسسة راسخة. انها مدرسة ماجد الفطيم.