"الكابيتال كونترول" وصل .. فهل تبدأ مرحلة "تعافي" لبنان؟
"الكابيتال كونترول" وصل .. فهل تبدأ مرحلة "تعافي" لبنان؟
- علي زين الدين
يرد في البند 29، وما قبل الأخير، من جدول اعمال الهيئة العامة لمجلس النواب، مشروع القانون المعجل المكرر المتضمن وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية، او ما يعرف بقانون "الكابيتال كونترول".
في الشكل، يبدو وضع المشروع في ذيل الجدول ترحيلاً اضافياً لزمنه المتأخر سنتين ونصف السنة، عن زفاف موعده التلقائي في الأيام الاولى لانفجار الأزمتين المالية والنقدية بداية خريف العام 2019، بل ان تجارب جولاته السابقة في اللجان النيابية، تكاد تشي بمصير أسوأ يدفع بالقانون الى غياهب دوامة المماطلة والتسويف المعتادة.
لكن، تجتمع الوقائع المستجدة على "التبشير" بمعجزة انسياب المشروع بمرونة منشودة في جلسة اللجان النيابية المشتركة يوم الإثنين، ليكتسب زخماً يمنحه الأولوية في الأهمية والاقرار في جلسة الهيئة العامة، على ان تكتمل الرحلة الميمونة بتذييله بالتواقيع الدستورية وتسري مفاعيله بأسرع وقت ممكن.
وليس عابراً في التوقيت، طرح مشروع القانون مع قرب وصول بعثة صندوق النقد الدولي الى بيروت، بعدما محصّت مع الفريق الحكومي برئاسة نائب رئيس الحكومي سعادة الشامي المواد بمضامينها وغاياتها كافة، وساهم بتصويب ما يلزم منها عبر المحادثات الافتراضية (عن بعد) خلال الاسابيع الأخيرة.
واذا لم ترتفع جدران سياسية مفاجئة امام هذا السيناريو "التفاؤلي" لجهة ما يترجمه من يقظة "محمودة"، ولو متأخرة، من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية حيال الضرورات القصوى لانشاء مظلة قانونية تحمي المدخرات الوطنية وحقوق المودعين والمستثمرين على حد سواء، تقي القطاع المالي من تبعات الشكاوى المتكاثرة في محاكم الداخل والخارج، وما يصاحبها من المغالاة في احقاق حقوق فردية على حساب حقوق الجماعات والمؤسسات.
ففي النص، "تكون أحكام هذا القانون استثنائية وتشكل جزءاً من النظام العام، كما إنها تحل محل أية أحكام أو قوانين تتعارض معها، وتكون أحكام هذا القانون قابلة للتطبيق فوراً بما في ذلك تلك الأحكام التي تتعلق بالتحاويل إلى الخارج أو بالسحوبات في الداخل التي لم تكن قد تمت فور نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية".
ويمكن ضم القانون الموعود الى شريكه الاقرب زمنياً، مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2022، وسابقه قانون المنافسة وبعض الاصلاحات، ليشكلوا سوية مقدمات استجابة الدولة اللبنانية لموجبات الاصلاحات الهيكلية الشاملة التي ينشدها اللبنانيون ويستمرون غاضبين وثائرين من أجلها، وهي خير ختام لولاية مجلس النواب قبيل الإنشغال العام في استحقاق انتخابات المجلس الجديد منتصف شهر ايار/مايو المقبل.
استعادة الاستقرار المالي
في التمهيد للنص المستخلص، "يساهم القانون المقترح في إعادة الاستقرار المالي وقدرة المصارف على الاستمرار واللذين يشكلان شرطين أساسيين لاستئناف العمليات المالية وبالتالي، فإنه يهدف إلى إدخال ضوابط على عمليات التحاويل إلى العملات الأجنبية بشكل شفاف لمنع المزيد من تدهور سعر الصرف، حماية لاحتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبية كما ولاستعادة السيولة في القطاع المصرفي ولحماية المودعين فيه".
وفي التبرير، عانى لبنان ولا يزال من فقدان الثقة بالاستثمار فيه ما أدّى إلى حركة تحاويل مصرفية هائلة إلى الخارج، وهو ما يعرف أيضاً بهروب روؤس الأموال إلى الخارج. لذلك، من الضروري احتواء حركة التهافت للتخلّص من العملة الوطنية والأصول المحلية من خلال الحدّ من التضخم والحدّ من ردة الفعل المفرطة للمستثمرين في بيع الأصول اللبنانية.
"اللجنة"
تنشأ لجنة خاصة مؤلفة من وزير المالية، وزير الاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان، ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه هذا الأخير، وتكون هذه "اللجنة" مسؤولة عن إصدار التنظيمات التطبيقية كافة المتعلقة بهذا القانون، بشكل خاص ما يتعلق منها بحظر نقل الأموال عبر الحدود وبالتحاويل وبمدفوعات الحساب الجاري وبعمليات القطع، وتحديد سقوف للحسابات النقدية وبإعادة الأموال المتأتية عن عائدات الصادرات وغيرها من التدابير الخاصة المتعلقة بسعر صرف العملات الأجنبية، الخ، ويتم نشر القرارات التي تعدها "اللجنة" من خلال تعاميم تصدر عن مصرف لبنان.
تحاويل مشروطة
في الاستهداف المفصلي للقانون، "يحظر نقل الأموال عبر الحدود كما تحظر مدفوعات الحساب الجاري والتحاويل، بأي عملة كانت، من أو إلى أي حساب مصرفي أو حساب لدى وسيط معتمد أو من أو لأي عميل، سواء كان مقيماً أو غير مقيم، بما في ذلك حسابات الودائع الائتمانية في لبنان بإستثناء الحالات المحدّدة التالية:
أ. الأموال الجديدة كما تم تعريفها بموجب هذا القانون.
ب. أموال المؤسسات الماليّة الدوليّة والسفارات الأجنبية والهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدوليّة والإقليميّة والعربية.
ج. عمليات وتحاويل ومدفوعات لصالح الحكومة اللبنانية.
د. عمليات وتحاويل ومدفوعات مصرف لبنان.
ه. الأموال الأجنبية الناتجة عن إعادة أموال عائدات الصادرات.
و. المدفوعات الجارية للمصاريف الطبية ومصاريف الاستشفاء في الخارج.
ز. المدفوعات والتحاويل الجارية لأهداف الاستيراد الضروري كما تحددها "اللجنة " والتي قد تشمل على سبيل المثال لا الحصر، المواد الغذائية، الأدوية والنفط وأي مواد ومعدات أولية للصناعة المحلية والتصدير.
ح. أية تحاويل وعمليات ومدفوعات تحددها "اللجنة".
القطع والسحوبات
تتم عمليات القطع كافة، باستثناء تلك التي ينفذها مصرف لبنان، من خلال الوسطاء المعتمدين، المرخص لهم بموجب قانون أو من قبل مصرف لبنان، ويجري تنفيذ عمليات الصرف الأجنبي كافة وفق سعر الصرف المعتمد على منصة "صيرفة"، باستثناء عمليات الصرف الأجنبي بين عملة أجنبية مقابل عملة أجنبية أخرى والتي يقتضي أن تقوم بها المصارف مع المصارف المراسلة الأجنبية.
وتخضع السحوبات النقدية من الحسابات المصرفية كافة، باستثناء حسابات الأموال الجديدة، لقيود تحددها "اللجنة". ويجب أن تسمح هذه القيود بسحب ما لا يزيد على 1000 دولار أميركي للفرد الواحد شهرياً، بالعملة الوطنية أو بالعملة الأجنبية، وفق ما تحدّده "اللجنة"، كما تتم المدفوعات والتحاويل المحلية كافة بين المقيمين وبين المقيمين وغير المقيمين بالليرة اللبنانية، باستثناء الحالات التي تحددها اللجنة الخاصة.
بالتوازي، يقتصر استعمال الأموال في الحسابات المصرفية بالعملة الاجنبية باستثناء الأموال الجديدة، على حركة التحويل إلى الخارج ومدفوعات الحساب الجاري والتحاويل، على ان تحدد اللجنة الخاصة القيود المفروضة على التحاويل بالعملة الوطنية والعملة الأجنبية بين المصارف كما واستخدام الشيكات. ايضا تحويل الأموال إلى الليرة اللبنانية وإيداع الأموال في حساب مصرفي بالليرة اللبنانية، والسحوبات المتاحة بالأوراق النقدية بالعملة الأجنبية، وإعادة الأموال المتأتية عن الصادرات.
عوائد الصادرات
يتوجب ان تكون عائدات تصدير البضائع والخدمات كافة بالعملة الأجنبية الواردة من الخارج، ويجب إعادة هذه الأموال إلى حساب مصرفي بالعملة الأجنبية في لبنان، كما يمكن أن تشمل هذه العائدات الأصول الأجنبية في الخارج عندما ترى "اللجنة" الحاجة لذلك، وتتم عمليات التصدير بين الأطراف على أساس الشروط والأعراف العامة التي ترعى المعاملات بين أطراف لا يوجد رابط بينها.
الأهم، أن العملات الأجنبية المتأتية من عائدات التصدير لا ينطبق عليها تعريف الأموال الجديدة وفقاً لمفهوم هذا القانون، انما يعود "للجنة" تقرير كيفية استخدام العملات الأجنبية الناتجة عن عائدات التصدير. وتحدد "اللجنة" الشروط والأحكام الخاصة المتعلقة بالعائدات المالية للصادرات وطريقة تسويتها بموجب تعميم يصدره مصرف لبنان لهذه الغاية.
.
الأكثر قراءة
-
الملتقى الاقتصادي التركي - العربي الخامس عشر: لمزيد من التعاون المشترك بين تركيا والبلدان العربية
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال