العالم يشتري النفط الروسي والاميركيون منشغلون بأسعاره
العالم يشتري النفط الروسي والاميركيون منشغلون بأسعاره
- أحمد عياش
من تابع وقائع جلسة الاستماع أمام لجنة في مجلس النواب الاميركي في 6 نيسان/ أبريل الحالي، والشهادات التي أدلى بها قادة "إكسون موبيل" و"شيفرون" وأربع شركات أخرى بشأن أسعار مشتقات الطاقة، يتبيّن له ان ارتفاعها صار أمراً مسلماً به، إذ لم تعد زمام المبادرة بيد الولايات المتحدة الاميركية وحدها، والسبب هو "أن النفط سلعة عالمية"، كما قالت غريتشن واتكينز، رئيسة "شل" في شهادتها.
في المقلب الآخر قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، في اليوم التالي لجلسة اللجنة في الكونغرس، "إن الطلب العالمي على النفط يتزايد، وأن موسكو لا ترى أي مشكلات كبيرة في سوق الخام، وفقاً لوكالة "رويترز" للأنباء.
في الاسابيع القليلة التي تلت الحرب في اوكرانيا بدءاً من 24 شباط/ فبراير الماضي، كانت الاسواق تحت وطأة التأثيرات الناجمة عن العقوبات التي قادتها الولايات المتحدة ضد روسيا، ومدى تأثير قرارات حظر استيراد النفط الروسي بموجب هذه العقوبات. لكن سرعان ما تبيّن، وهنا بيت القصيد، ان معظم العالم تقريباً ما زال يعتمد على النفط الروسي، بما فيه عدد من أقطار القارة الاوروبية، علماً أن إنتاج روسيا من النفط ومكثفات الغاز تراجع إلى 10.52 ملايين برميل يومياً في الفترة من الأول إلى السادس من نيسان/ أبريل، من متوسط في آذار/مارس 11.01 مليون برميل يومياً.
وعلى الرغم من استمرار تدفق هذه المادة من روسيا، فقد ارتفعت أسعار النفط في آخر تعاملات هذا الاسبوع من أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع الذي لامسته في الجلسة السابقة بعد أن أعلنت الدول المستهلكة عن إفراج ضخم للنفط من احتياطات طارئة في الوقت الذي لا تزال فيه المخاوف بشأن شح الإمدادات تلقي بظلالها على توقعات السوق. وقد استمر سعر البرميل يحوم حول 105 دولارات للبرميل، لكن مرشح للارتفاع، عندما ينتهي الإغلاق العام في الصين التي هي من كبار مستوردي النفط في العالم، وذلك للسيطرة على فيروس (كورونا)، والذي يخفف حالياً من الضغط على الطلب، وبالتالي إبقاء سعر البرميل من دون زيادة.
غير إن الغرب، لم تفتر همته في معاقبة موسكو على خلفية التطورات الأخيرة في حرب أوكرانيا. وقد أعدت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على موسكو، وستحظر العقوبات التي اقترحها الاتحاد الأوروبي، ويتعين موافقة الدول الأعضاء عليها، شراء الفحم الروسي ومنع السفن الروسية من دخول موانئ الاتحاد، كما حثت بريطانيا دول مجموعة السبع لأكبر اقتصادات عالمية والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي على تحديد إطار زمني لوقف واردات النفط والغاز الروسية تدريجياً، فقد فرضت استراليا وبريطانيا وكندا والولايات المتحدة حظراً تاماً على مشتريات النفط الروسية في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا، لكن الاتحاد الأوروبي لا يزال منقسماً. ووفق ما ذكرته رويترز، لم يتمكن أعضاء الاتحاد الـ27 من الاتفاق على حظر، حيث حذرت ألمانيا من خطوات متسرعة يمكن أن تدفع الاقتصاد إلى الركود، وعارضت بعض الدول، مثل المجر، أي حظر. ومع ذلك، قال مسؤولون إن ألمانيا تهدف إلى التخلص التدريجي من واردات النفط الروسية بحلول نهاية هذا العام، وكذلك بولندا.
في المقابل، تحترم شركات التكرير الحكومية الصينية، مثل سينوبك، عقود النفط الروسية القائمة، لكنها تتجنب عقوداً جديدة على الرغم من الخصومات الحادة التي لا ينظر إليها على أنها تدعم موسكو علناً. وفي الوقت نفسه، زادت الهند، ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم، مشترياتها من النفط الخام من روسيا، مستفيدة من الخصومات العميقة. وحجزت الشركة ما لا يقل عن 16 مليون برميل من النفط الروسي منذ غزو أوكرانيا، وهو ما يقترب من مستوى وارداتها لعام 2021 بأكمله وفقاً لما أظهرت حسابات رويترز.
في محضر اوردته النيويورك تايمز لجلسة الاستماع في الكونغرس، كما ورد آنفاً، يتبيّن ان ارتفاع أسعار البنزين قضية مركزية قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/ تشرين الثاني. ومع انخفاض معدلات شعبيته إلى مستوى منخفض جديد مع بقاء التضخم مرتفعاً لأشهر عدة، كافح الرئيس بايدن لشرح ارتفاع أسعار الغاز للشعب الأميركي، وحاولت الإدارة الاميركية وصف الارتفاع الأخير في أسعار الغاز بأنه "ارتفاع أسعار بوتين." لكن الجمهوريين حاولوا تعليق الزيادة حول عنق الرئيس بايدن، مشيرين إلى أن سعر الغاز آخذ في الارتفاع منذ عام، قبل وقت طويل من غزو بوتين لأوكرانيا، واستخدموا القلق بشأن ارتفاع أسعار الغاز كحجة رئيسية للناخبين حول الحاجة إلى تغيير في القيادة. فقد قالت النائبة كاثي ماكموريس رودجرز، الجمهورية من واشنطن :"هذا ليس ارتفاع أسعار بوتين"، هذا هو ارتفاع أسعار بايدن. لقد كان صعوداً مطرداً منذ توليه منصبه"، وقالت إن الديمقراطيين يسعون إلى "كبش فداء آخر من خلال إلقاء اللوم على صناعة النفط".
وانتقدت رودجرز وجمهوريون آخرون ما وصفوه بجهود الإدارة لتخفيف العقوبات النفطية على فنزويلا وإيران لتعزيز إمدادات النفط العالمية، فضلاً عن قرار إغلاق خط أنابيب كيستون إكس إل، الذي كان من شأنه أن يستورد المزيد من الإنتاج الكندي من الرمال النفطية في ذلك البلد.
وأعلن سكوت دي شيفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة بايونير للموارد الطبيعية، وهي منتج كبير في تكساس، إن شركته وغيرها لا يمكنها فعل الكثير لزيادة الإنتاج بسرعة. وقال: "أتفهم الرغبة في إيجاد حل سريع للارتفاع الأخير في أسعار البنزين، لكن لا بايونير ولا أي منتج أميركي آخر يمكنه زيادة الإنتاج بين عشية وضحاها عن طريق تشغيل صنبور"، وأشار إلى أن نقص القوى العاملة ومعدات الحفر، والضغوط التضخمية على الخدمات النفطية، أعاقت زيادة الإنتاج.
وسط توقعات تشير الى ان الحرب في اوكرانيا قد تستمر لسنوات مقبلة، يقول الخبراء في اسواق الطاقة، ان سعر برميل النفط الذي حجز لنفسه موقعاً يتخطى المئة دولار، هو أيضاً باق عند هذا المستوى ويتجه صعوداً، ضمن آفاق مفتوحة على زيادة الطلب في المدى القريب والبعيد على حد السواء.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال