الكويت: العجز الاكتواري 17.4 مليار دينار.. ماذا عن الحلول؟
الكويت: العجز الاكتواري 17.4 مليار دينار.. ماذا عن الحلول؟
التأمينات الكويتية.. أدنى سن تقاعد خليجيا
- الكويت – فواز كرامي
في وقت تعتبر فيه مؤسسة التأمينات الاجتماعية أن سن التقاعد في الكويت هو الادنى خليجيا، اذ يتقاعد الذكور عند 55 عاماً والإناث عند 50 عاماً، تواجه المؤسسة عجزاً أكتوارياً بنحو 17.4 مليار دينار كويتي (55.6 مليار دولار أميركي) أو نحو 11 في المئة من قيمة احتياطي الأجيال المقبلة، وذلك بحسب البيانات المالية للمؤسسة للسنة المالية 2018/2019 التي كشفتها لجنة الميزانيات والحساب الختامي في مجلس الأمة الكويتي.
التحدي الأكبر امام التأمينات الاجتماعية في الكويت لا يقتصر على هذا الكم الكبير من العجز الاكتواري، بل يكمن في الطفرة والنمو المتسارع للعجز خلال السنوات الثلاث الماضية ليرتفع 90 في المئة إلى نحو 8 مليارات دينار بحسب اللجنة. وهذا الأمر دفع بالأوساط الاقتصادية إلى التحذير من النمو الكبير في العجز الاكتواري لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، لاسيما آخر تقرير للشال الاقتصادي الذي رأى أنه في حال استمرار الزيادة لهذا العجز بالوتيرة نفسها خلال السنوات الثلاث المقبلة فإنه سيبلغ 33 مليار دينار كويتي.
مظلة التقاعد: 135 ألف كويتي
وبالعودة إلى البيانات الرسمية لمؤسسة التأمينات الاجتماعية فإن مظلة التقاعد في الكويت تشمل حاليا 135 ألف مواطن، في حين يبلغ عدد العاملين في الحكومة من المواطنين 335 ألف عامل يضاف إليهم نحو 100 ألف مواطن عامل في القطاع الخاص، في حين يبلغ عدد المرشحين لدخول سوق العمل حتى عام 2035 نحو 420 ألف مواطن.
وفي الوقت الذي تعتمد سلامة نظام التامين الاجتماعي على مراعاة دقيقة لأثر كل سياسية او قرار مالي على توازن التدفقات المالية الداخلة والخارجة في الحاضر وفي المستقبل، تزداد حساسية تلك السياسات والقرارات في الكويت، لان توازن صناديق التامين بشكل عام يعتمد بدرجة كبيرة على اوضاع المالية العامة المرتبطة بصورة اساسية وكبيرة بالنفط وأسعاره.
وحساسية هذه السياسات في الكويت تتمثل في أن التدفقات المالية الداخلة يأتي من مصدرين، الأول هو اشتراكات العاملين، معظم مصدرها في الكويت المالية العامة وليس دخل من نشاط اقتصادي مستدام، والثاني هو دخل استثمار صناديق مؤسسة التأمينات الاجتماعية والذي لايفترض ان يقل عن معدل 6 في المئة سنويا. في حين يجب ان تراعي التدفقات الخارجة من المؤسسة الحرص على العدالة بين الاجيال.
وبالعودة الى ارتفاع العجز الأكتواري في الكويت، فتعددت الأسباب التي أدت الى هذه الزيادة الكبيرة في السنوات الثلاث الماضية، فالمالية العامة عانت بشكل كبير نتيجة الانخفاض الكبير في اسعار النفط، فضلاً عن أن دخل استثمارات صناديق مؤسسة التأمينات الاجتماعية ضعيف، اذ بلغ 5.68 في المئة في السنة المالية (2017/2018) - السنة المالية للكويت تنتهي في 31 آذار/مارس من كل عام - وهبط الى 3.97 في المئة في السنة المالية (2018/2019) بحسب تقرير الشال الاقتصادي.
كيف يمكن مواجهة العجز الاكتواري؟
علاوة على ذلك واجهت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الكويتية قضية فساد تعتبر الأكبر على مستوى البلاد، ولا تزال تداعياتها القانونية والاقتصادية والمؤسساتية قائمة حتى الان، فقد واجهت المؤسسة العديد من القوانين الشعبوية والتي كان اخرها ما يسمى ب “قانون التقاعد الاختياري المبكر" والذي تم فيه تعديل بعض احكام قانون التأمينات في الكويت ليسمح لبعض الموظفين من التقاعد مبكرا وفق بعض الاشتراطات.
وتعليقا على هذه الأرقام يقول استاذ الاقتصاد في كلية العلوم الادارية في جامعة الكويت الدكتور نايف الشمري لـ "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" إنه أمام هذا التعديل الجديد وطبيعة تركيبة قوة العمل الكويتية وتدني معدلات الاستقطاع من ممولي الصناديق في مقابل الارتفاع النسبي للمعاشات التقاعدية فأن مساهمة الخزانة العامة في الدولة، وعوائد استثمارات مؤسسة التأمينات الاجتماعية بحصة سنوية في تمويل صناديق التقاعد غير قادرة على سد العجز الاكتواري المتنامي.
ويضيف الشمري الاستاذ الزائر حاليا في جامعة ساينس بوليتيك (sciences po) الفرنسية أن حل مشكلة العجز الأكتواري يجب ان تكون من ضمن سلة حلول لاصلاح شامل للاقتصاد الكويتي، تطال ايضا إصلاحات في سوق العمل واعتماد مقاربة لتنويع مصادر الدخل في البلاد.
ويعتبر الشمري أن المؤشرات الأخيرة عن سحب اموال الاحتياطي العام لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة، وبالتالي تمويل عجز التأمينات، تعتبر خطيرة لاسيما أن معظم وكالات التصنيف الدولية رجحت نفاذ الاحتياطي في سنوات قليلة مقبلة وهو ما يستدعي حلا شاملا لا يقتصر على اصلاح مؤسسة بعينها.
ويرى أن تحديات نظام التقاعد والتأمينات لا يقتصر على الكويت بل بات مشكلة تعاني منها معظم دول العالم حيث ان الاحتجاجات التي تشهدها حاليا العاصمة الفرنسية باريس مرتبطة كذلك بالتقاعد. الا ان التحديات المرتبطة بالدول العربية أكبر وأصعب وأخطر.
ومن أخطر التحديات عربيا وشرق أوسطيا، بحسب الشمري، هو عدد الوظائف المستقبلية الواجب تأمينها إذ أن التقديرات تشير الى دخول 300 مليون شخص لسوق العمل في الشرق الاوسط حتى عام 2050 في حين تحتاج الكويت تامين 300 ألف وظيفة جديدة في ذات الفترة وهو ما دفع الكويت الى وضع سن تقاعد منخفض واقرار قانون التقاعد المبكر الاختياري بهدف امتصاص البطالة وادخال الشباب الجدد في سوق العمل.
ولدى سؤاله عن الحلول قصيرة الأجل الواجب اتخاذها من قبل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لمواجهة العجز الاكتواري أكد الدكتور الشمري ان الاولوية حاليا هو انتقال استثمارات صناديق المؤسسة من استثمارات طويلة الاجل بعوائد منخفضة الى قصيرة ومتوسطة الاجل ذات مردود استثماري اعلى.
ويتابع أنه في الاجتماع الأخير لهيئة القوى العاملة في الكويت بصفته مستشارا اقتصاديا لهذه الهيئة، تم تقديم اقتراحا بما يسمى (العمل الجزئي) أي المواطنين الراغبين للعمل ساعات محددة يوميا الامر الذي من شأنه تخفيف التكاليف على التأمينات الاجتماعية.
يذكر ان أول قانون متكامل للتأمينات الاجتماعية صدر في الكويت في الاول من اكتوبر عام 1976 بالأمر الاميري بالقانون رقم 61 لسنة 1967 والتي انشئت بموجبه المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وشمل القانون تامين الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة للعاملين المدنيين في القطاع الحكومي وفي القطاعين الاهلي والنفطي وكذلك تامين الشيخوخة والعجز المرض والوفاة لغير العاملين لدى الغير من المشتغلين لحسابهم الخاص ومن في حكمهم.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال