كورونا: خسائر قناة السويس قد تتجاوز الـ 600 مليون دولار

  • 2020-04-17
  • 13:14

كورونا: خسائر قناة السويس قد تتجاوز الـ 600 مليون دولار

البحث في إجراءات لوقف "النزيف" بينها تخفيض رسوم "العبور"

  • خاص - "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال"

وضع فيروس كورونا قناة السويس في أزمة غير مسبوقة منذ العام 2008، فإجراءات الإغلاق والعزل وإقفال القناة قد تؤدي إلى خسائر قد تتكبدها مصر تتراوح ما بين 600 إلى 900 مليون دولار على أساس تراجع في الإيرادات يتراوح ما بين 10 و 15 في المئة، ما دفع إلى الشروع في بحث مجموعة من الإجراءات لوقف "نزيف" الخسائر، بينها تخفيض رسوم "العبور".

هذه التوقعات التي تعدّ الأكثر تشاؤماً منذ أزمة العام 2008، دفعت الجهات المعنية في مصر إلى دراسة مراحل انتشار فيروس كورونا والبناء عليها للخروج بتحليلات يمكن من خلالها تدارك الخسائر، وذلك انطلاقاً من خمس مراحل تمّ تقسيمها إلى: المرحلة الأولى، ظهور الفيروس (كانون الأول/ديسمبر2019- كانون الثاني/يناير2020) المرحلة الثانية، انتشار الفيروس (شباط/فبراير- منتصف آذار/مارس 2020)، المرحلة الثالثة، تفاقم المشكلة (منتصف آذار/مارس- منتصف أيار/مايو)، المرحلة الرابعة، انحسار الأزمة (منتصف أيار/مايو- آب/أغسطس 2020)، والمرحلة الخامسة، التعافي (بداية أيلول/سبتمبر 2020).

وإذا كانت المرحلتان الأولى والثانية لم تؤديا إلى تأثيرات سلبية جوهرية على إيرادات القناة، نظراً إلى أن الفيروس كان في مراحله الأولى، وبالتالي فإن الصدمة كانت طفيفة في الطلب مع عدم وجود صدمة في العرض، وذلك بسبب انخفاض النشاط الإنتاجي للصين نتيجة الفيروس، إلا أن ذلك لم يمنع تسجيل ملاحظات عدة ابرزها زيادة إجمالي عدد الأطنان العابرة للقناة سنوياً (في المرحلة الثانية) بنسبة 12.8 في المئة في شباط/فبراير 2020 مقارنة بالشهر ذاته 2019، وذلك نتيجة زيادة ناقلات النفط بنسبة 25.4 في المئة ما يعنى زيادة الإيرادات، في مقابل انخفاض إجمالي أوزان الحاويات بنسبة 13.2 في المئة نتيجة تراجع التجارة الدولية، وقد جاء ذلك بسبب بلوغ الأزمة ذروتها في الصين خلال شباط/فبراير والتي أدت إلى إغلاق المصانع بشكل جدي فتباطأت الحركة. لكن على الرغم من ذلك، فإن الصدمة على الطلب التي واجهت القناة كانت ضعيفة، لترتفع صدمة الطلب خلال النصف الأول من آذار/ مارس مع تفشي الفيروس في العالم، حيث بدأت بلدان مختلفة في فرض الإغلاق بمستويات متباينة، وعليه التزمت هيئة قناة السويس بقرار مجلس الوزراء بخفض عدد العاملين بالقناة لتقليل كثافة العمالة.

وبدءاً من المرحلة الثالثة، باتت كل التوقعات تصب في خانة سيناريوهين اثنين الأول متفائل والثاني متشائم ومن المتوقع أن تتراوح الخسائر، بمقتضاهما ما بين 600 إلى 900 مليون دولار وذلك قياساً الى خسائر ستسجل بنسبة مئوية تتراوح ما بين 10 إلى 15 في المئة، وهذه النسبة الأخيرة مشابهة للنسبة التي تمّ تسجيلها خلال الأزمة المالية سنة 2008. وفيما يُتوقع أن تظهر الصين مؤشرات للتعافي خلال هذه المرحلة، إلا أن ذلك قد لا يؤدي إلى تعاف ملموس في التجارة الدولية لأن باقي العالم لا يزال متأثراً بصورة سيئة من جراء الفيروس، وعليه، فإن المرجح استمرار تراجع عدد الحاويات العابرة للقناة بالمعدل نفسه الذي شهده شهر شباط/فبراير، وهذا طبعاً بافتراض سيناريو متفائل مبني على تعافي الصين بالكامل وتعاف تدريجي لأوروبا وأميركا الشمالية، وفي المقابل يفترض السيناريو المتشائم احتمال ارتفاع نسبة التراجع في عدد الحاويات العابرة بالقدر ذاته الذي شهدته القناة إبان الأزمة المالية العالمية، وفي حين أن معظم الخسائر سيكون في المرحلة الثالثة، فسيكون هناك تراجع ملموس في الإيرادات في المرحلة الرابعة خلال الربع الثالث من العام المالي 2020 / 2021.

وبالاستناد إلى ما تقدم، فإن عدم تعافي التجارة الدولية، لن يكون وفقاً لغالبية التوقعات قبل منتصف العام المقبل 2021، وبما أنه سيؤدي في المحصلة إلى عدم إمكانية تعافي عائدات قناة السويس خلال العام الحالي، فكان لا بدّ للجهات المعنية أن تبحث في الإجراءات التي من شأنها التخفيف من آثار الأزمة، وفي هذا السياق، يجري البحث في مجموعة من الإجراءات من شأنها أن تحدّ من نزف الخسائر في القناة أبرزها، تخفيض رسوم العبور في القناة في الأجل القصير وخصوصاً أسعار ناقلات النفط حيث انخفضت أسعار النفط إلى 30 دولاراً للبرميل مما قلل من قيمة الناقلات والتي يتم محاسبتها وفقاً للوزن. وفي حين كانت هيئة قناة السويس قد قامت بزيادة رسوم محاسبة ناقلات البترول، فإن المطلوب، بحسب اقتراحات الحد من الخسائر، تخفيض هذه الرسوم حتى لا تؤدي الزيادة الأخيرة في الرسوم إلى إحجام ناقلات النفط عن عبور القناة بسبب ارتفاع الكلفة، كذلك العمل على تطوير القناة كمركز تصديري يتيح للدولة السيطرة على الطلب على إقليم القناة بصورة أكبر والحدّ من تداعيات فيروس كورونا عليها في ظل صدمات الطلب نتيجة النشاط الاقتصادي في أوروبا والصين، خصوصاً أن القناة تشكل منطقة عبور وتلعب دوراً في التأثير على واردات السلع إلى مصر والتي من المرجح تأثرها تحديداً لجهة واردات القمح التي أصبحت أكثر صعوبة وتكلفة، ما يقلل من فترة المخزون الاستراتيجي للدولة من القمح والتي تبلغ حالياً أقل من شهرين.